* خبراء: * عاهل البحرين يستكمل الحراك الخليجي الكثيف صوب مصر * أركان قوية تتشكل لمشروع عربي جديد للحفاظ على الأمن القومي * المنطقة ستقلل اعتمادها على الولاياتالمتحدة في السنوات المقبلة * ضرورة وجود مشروع اقتصادي وأمني استراتيجي موحد للدول العربية قبل فوات الأوان تعمل دول الخليج ما في وسعها لإعادة مصر إلى الواجهة الإقليمية، واستثمار دورها المركزي في تقوية تحالف عربي جديد يكون قادرا على مواجهة التمدد الإيراني، وتطويق الحركات المتشددة التي تتجه إلى إغراق العرب في الإرهاب. وعكست زيارات متتالية لقادة خليجيين إلى القاهرة، آخرها اليوم، الثلاثاء، لملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، وقبلها لولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وقبلها زيارة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز منذ أيام، عزيمة كبيرة من دول الخليج على مساعدة مصر ودعمها لمواجهة الوضع الصعب الذي تعيشه. وبحسب جريدة "العرب" اللندنية، فقد زادت دول مجلس التعاون من دعمها المالي والاقتصادي لمصر بما يحررها من حالة الانشغال السياسي عن قضايا محورية، والتي طبعت بعض مواقفها، خاصة من الملفين السوري واليمني، ويمكنها من مواجهة الضغوط الاقتصادية الخارجية في ظل تدني مستوى الجنيه ونقص مخزون العملة الصعبة. وقالت الصحيفة إن رهان زعماء دول الخليج على مصر، التي نقلوا إليها مطالبهم وتوقعاتهم، يحتاج إلى وضوح كاف من القاهرة، ودرجة استعدادها للعب هذا الدور، والسقف الذي يمكن أن يصل إليه الدور المصري في الدفاع عن الأمن القومي العربي من البحرين إلى ليبيا مرورا باليمن. وقال محللون إن دورا مصريا أكثر فاعلية على المستوى الإقليمي، سيخدمها هي بالدرجة الأولى من ناحية النهوض باقتصادها ومحاصرة الفساد، ومساعدتها على مواجهة الاضطرابات الأمنية التي تحتاج إلى تطوير أداء الاقتصاد قبل الحلول الأمنية والعسكرية، وهو ما سيوفره الدعم الخليجي. وقال دبلوماسي رفيع المستوى في القاهرة إن زيارة الشيخ محمد بن زايد وملك البحرين حمد بن عيسى "جاءت لإطلاع القاهرة على ما تم التوصل إليه في القمة التي جمعت زعماء دول الخليج العربية والرئيس الأمريكي باراك أوباما". وتقول مصادر إن دول مجلس التعاون الخليجي تبدو أكثر من أي وقت مضى مستعدة للاعتماد على تحالف عربي يجمعها بمصر، بعد تراجع حاد في الثقة تجاه الولاياتالمتحدة انعكس على استقبال فاتر حظي به أوباما في الخليج. وتشير تكهنات إلى اقتراب إعلان صيغة تحالف جديدة في المنطقة قد تقلل كثيرا من اعتمادها على الولاياتالمتحدة في المستقبل، وأن هذا أمر سمعه الرئيس الأمريكي بشكل مباشر من القادة الخليجيين الذين التقى بهم الخميس. ويقول الدبلوماسي: "بعد انتهاء مناورات رعد الشمال وإعلان العاهل السعودي في القاهرة إحياء مشروع القوة العربية المشتركة، بات من المؤكد أن تحالفا من نوع خاص تتشكل ملامحه بين مصر والخليج، سيضم دولا أخرى مهمة في المنطقة". وقال فتحي الشاذلي، مساعد وزير الخارجية للشئون العربية سابقا، إن دول الخليج تتحرك في اتجاه الشراكة الاستراتيجية مع مصر، ودعمها انطلاقا من قناعتها بأن القاهرة بما تملكه من إمكانات وما يربطها من علاقات مع دول مجلس التعاون، ودورها التاريخي في حفظ أمن دوله مع أمنها قادرة على المساهمة، إلى حد بعيد، في حفظ الأمن والاستقرار بالمنطقة. وشدد على ضرورة وجود مشروع اقتصادي وأمني استراتيجي موحد للدول العربية، قبل فوات الأوان لإيجاد رد فعل جماعي تجاه القضايا الحيوية. وأعلنت الإمارات الجمعة عن تخصيص 4 مليارات دولار لدعم مصر، وذكرت وكالة أنباء الإمارات (وام) أن الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الإمارات، وجه بتقديم المبلغ لمصر. وقالت الوكالة إن الشيخ محمد بن زايد أمر بتخصيص 2 مليار دولار للاستثمار في عدد من المجالات التنموية، و2 مليار دولار وديعة في البنك المركزي المصري لدعم الاحتياطي النقدي. وجدد الشيخ محمد بن زايد "موقف الإمارات الداعم لمصر وشعبها في تحقيق تطلعاته في الاستقرار والتنمية والبناء". وتؤكّد زيارة العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة، الثلاثاء، إلى مصر أن الحراك الخليجي الكثيف صوب القاهرة عمل جماعي استراتيجي، يتجاوز العلاقات الثنائية بين البلدان إلى إنشاء محور عربي لا تغيب عن خلفيته محاصرة المخاطر الأمنية والمطامع الإقليمية ممثلة بمحاولات التمدّد الإيرانية. ووصل القاهرة اليوم، الثلاثاء، عاهل البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة في زيارة "هدفها تعزيز التعاون وفتح آفاق جديدة للعمل العربي المشترك". وينظر المراقبون للزيارات المتتالية لزعامات خليجية للقاهرة خلال فترة وجيزة باعتبارها جزءا من ترتيبات خليجية مصرية لإنشاء آليات موحّدة لمجابهة التطورات المتلاحقة في المنطقة. وربط عباس ناجي، رئيس تحرير مجلة مختارات إيرانية، زيارة الملك حمد بن عيسى إلى القاهرة بشكل مباشر بجهود مواجهة التهديدات القادمة من إيران، معتبرا أن مسألة الأمن القومي لدول الخليج العربي "ليس حولها خلاف بالنسبة لمصر". وتعتبر مملكة البحرين ضمن الدول المستهدفة بشكل مباشر بالتهديدات الإيرانية، وتعرضت على مدى السنوات القليلة الماضية لجملة من العمليات الإرهابية، تبين أن لها صلة ما بإيران، ومن ثمّ يتوقّع أن يكون ملف الإرهاب بندا رئيسيا على أجندة مباحثات العاهل البحريني مع الرئيس المصري. ولفت الخبير العسكري، طلعت مسلم، إلى أن البحرين من الدول التي تعاني بشكل مباشر من التهديدات الإرهابية من خلال محاولة استغلال العامل الطائفي في إشعال الفتن والاضطرابات. وأشار في تصريحات لصحيفة "العرب" اللندنية، إلى أن جزءا رئيسيا من جهود دول الخليج ينصبّ على إنشاء آليات لمواجهة الخطر الإيراني، وهي عملية تحتاج إلى تكاتف الجهود الإقليمية.