كانت أفريقيا من حيث الحيز والثقافة دائما في تصورات وعقل من يعرفها ومن لا يعرفها ، وكانت الرؤي تختلف علي حسب الهوى لهذه القارة التي كان الاختلاف عنوانا بارزا لها في التاريخ والجغرافيا واللغة والسياسة والثقافة علي مجمل فروعها، لذلك كان واجبا علينا تناول بعض الأفكار والرؤي التي تعكس بعض أشكال الثقافة الأفريقية بشكل عام التي مازالت حية في عقول الأفارقة حتي الآن. كان اللون الأسود مؤثرا علي العقول الأفريقية بالداخل والخارج والمقصود بالخارج هنا أحفاد أجداد الاسترقاق الذين نشأوا بعيدا عن الأرض الأفريقية التي لم تغب عنهم أبدا في حكايات متوارثة من جيل إلي آخر تحكي عن تفاصيل العادات والثقافة الأفريقية التي كانت في الماضي ومازالت قائمة في عقولهم كعنوان بارز علي الأصالة الأفريقية والحضارة والقبيلة واللغة التي تاهت بفعل الشتات في بقاع الأرض المختلفة وخاصة في الأمريكتين ، هذا اللون الأسود تم استخدامه ليمثل الهوية الأفريقية ورابطا فكريا وثقافيا لتحقيق حلم الوحدة والعودة حيث تراث الأجداد والآباء. وعلي الرغم من هذا الرابط الذي مثل عنوانا للتشابه والتماثل والوحدة بين الأفارقة والقصد هنا اللون الأسود إلا أن هذا اللون كان يمثل مصدر قلق في نفسية الأفارقة حيث كان يتم النظر إلي الانسان الأفريقي علي أنه في مرتبة دنيا وهو مبدأ تم تكريسه من خلال أصحاب الياقات البيضاء أحفاد من بدأوا في أسوأ ظاهرة إنسانية عرفتها البشرية وهي الاسترقاق وزرع الدونية في نفوس الأفارقة وتكريس الأفكار التي تؤكد علي عدم قدرتهم علي فعل أي شيء إلا بمساعدة الإنسان الأبيض، بل ذهب الأمر لأبعد من ذلك بجعل الأفارقة وعقولهم في مرتبة من لا يقدر علي التفكير من الأساس وهذا يعتبر في حد ذاته كسر الإرادة والعقول الأفريقية التي دامت طويلا وجعلتهم في حالة رد الفعل وعلاقة السيد بالعبد التي لعب فيها طبقة من الداخل عرفت باسم الأعوان أو "الصيادون" الذين كان لا هم لهم إلا جمع المال وجمع الرؤوس الأفريقية للسيد الأبيض الذي مارس كل أنواع القهر علي الإنسان الأفريقي الزنجي وحتي بعد نهاية الاستعمار الذي جاء في مرحلة لاحقة كان الأفارقة يعانون من آثار ذلك حتي وقت قريب ، وبدأ اللون يمثل مصدر قوة ووحدة بعد معاناة دامت طويلا وويلات ممتدة كانت بفعل الإنسان الأبيض. وجاء المفكرون الأفارقة من تيارات مختلفة لتحويل هذا اللون الذي جعلهم في محنة ... إلي مصدر قوة ورفعة للأفارقة في كل مكان وانتهت هذه الأفكار والرؤي وإن اختلفت في المضمون إلا أنها دارت في مجملها حول تأكيد الهوية الثقافية الأفريقية ومحاولة إعادة وإنتاج الثقافة الأفريقية التي ضيعها الاستعمار والتمسك بالريادة الحضارية الأفريقية التى ظهرت علي أرضها حضارات شتي ومحاولة الوصول إلي واقع الوحدة وتحقيق الحرية بمعناها الواسع لتحقيق النهضة الأفريقية ذلك الحلم الذي طال انتظاره.