قوانين الأسرة "متاهات" بين الأب والأم * سيدات: الرجل يستغل مشاعر الأمومة ويضغط على المرأة بالطفل عقب الطلاق * رجال: "الأب مش ماكينة فلوس وبس"!! * أستاذ علم اجتماع: الطفل بطبيعته يحتاج إلى الأم فى فترة الطفولة يعتقد الزوجان حين تتفاقم المشكلات بينهما أن الأمر سينتهى بالانفصال، ولكن الواقع أثبت أن هذا الاعتقاد خطأ، حيث ان المشكلات الحقيقية قد تبدأ عقب حدوث الطلاق، خاصةً إذا كان هناك أطفال.. لتبدأ معها رحلة العذاب بين القوانين والتشريعات التى تضمن لكل طرف حقه فى تربية الأبناء ويكون الضحية الطفل الذى يظل حائراً بينهما. ومن أبرز القوانين التى تكون دائماً محل جدل قانون "الولاية التعليمية"، حيث تنص الفقرة الثانية من المادة (54) من قانون الطفل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 1996 المستبدلة بالقانون رقم 126 لسنة 2008، على أن "تكون الولاية التعليمية على الطفل للحاضن، وعند الخلاف على ما يحقق مصلحة الطفل الفضلى، يرفع أى من ذوى الشأن الأمر إلى رئيس محكمة الأسرة، بصفته قاضيا للأمور الوقتية، ليصدر قراره بأمر على عريضة، مراعيا مدى يسار ولى الأمر، وذلك دون المساس بحق الحاضن فى الولاية التعليمية".. ليبقى أمامنا تساؤل مهم حول أحقية الطرف الحقيقى للولاية؟. وقد أصدرت محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية، أمس الأول "الإثنين"، حكما سيؤدي إلى الصراع بين الآباء والأمهات على الحضانة والولاية التعليمية واختيار النظام المدرسي للأبناء بعد الطلاق.. وقضت برفض الدفع بعدم دستورية نص المادة 54 في فقرتها الثانية من القانون رقم 126 لسنة 2008 بتعديل بعض أحكام قانون الطفل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 1996 التى عقدت الولاية التعليمية للحاضن بالترتيب الوارد به. وأكدت المحكمة على مجموعة من المفاهيم الجديدة لصالح الأم المصرية الحاضنة، أهمها أن «النظام المدرسي من الحقوق اللصيقة بالطفل وحاضنته، وليس وفقاً لهوى الأب، وأن انتزاع حق الرعاية التعليمية للصغار من الأم يهدد أمن واستقرار الطفل». * المعاناة وفي هذا الصدد تقول حنان سعيد، محاسبة: "بعد انفصالى عن زوجى تفاقمت المشاكل بينى وبينه، خاصة أننا أنجبنا طفلا ومن حقى أن أكون حاضنة له وهو مازال لم يتعد التسع سنوات، ولكن والده استخدم كل الاساليب المهينة لى ولسمعتى من أجل أن يضغط على أعصابى بالطفل، وأخذ يشكك في اهتمامى بدراسة الطفل ويذهب إلى المدرسة كى يمنح ناظرة المدرسة معلومات خاطئة، وكل هذا حتى يرفع دعوى ويتهمنى بالإهمال ويأخذ الولد بحجة انه يخاف على مستقبله وهذا غير صحيح". وعلى النقيض من هذا يسرد محمد حسان، طبيب قصته لنا ويقول: "لماذا القانون يضمن حقوق المرأة ولا يضمن حقوق الرجل؟ ولماذا نجعل الأطفال يتعاملون مع الآباء وكأنهم ماكينات لصرف النقود فقط، قوانين الأسرة كلها لابد من النظر فيها لانها تضيع حق الرجل وكأن الرجل ليس إنسانا ولا يملك مشاعر الأبوة، فأنا تركت بنتى مع والدتها بعد انفصالنا وكانت دائما من الأوائل وتحصد جوائز من المدرسة ومن الإدارة التعليمية التابعة لها، وعقب انفصالنا، تدهورت نتائج البنت يومًا بعد يوم فى الدراسة وليس من حقى أن أتدخل لان القانون يمنعنى.. هل هذا عدل؟". * الطفل الحائر ويقول حازم الزهيرى، المنسق العام لحملة تمرد ضد قوانين الأسرة، إن مرحلة النزاع بين الزوج والزوجة بعد الطلاق يكون المتضرر الوحيد منها الطفل، مشيراً إلى أن القانون ملىء بالثغرات. وأضاف: "ليس من الطبيعى أن تقوم الأم بإجبار الأب على دفع مبالغ عالية فى مدارس خاصة لا تتناسب مع مقدرته المالية، فأنا شخصياً لو مقتدر هدفع لكن لو مش مقتدر ماذا أفعل حينها؟.. كما أن القانون يخصم 25 % من دخل الرجل لنفقات الاطفال، فالأب ليس ماكينة للنقود، وفى النهاية يجبرنى القانون ألا أتدخل فى اساليب تعليمهم، فلابد من تعديل القوانين الخاصة بالأسرة لأنها صدرت فى فترة من الزمن كان الغرض منها وقتها إرضاء المجلس القومى للمرأة". وتؤكد الدكتورة بثينة إسماعيل، الفقيه الدستورى والمحامى بالنقض، أن الولاية التعليمية للأم فى حالة الطلاق لأنها الحاضنة، والحضانة تعنى رعاية الصغير صحياً وتعليمياً وتربوياً، فالأب بعد الطلاق لا يصبح موجوداً طوال الوقت مع الطفل، ولكن فى حال إثبات الأب إهمال الأم بالدلائل وانعكس هذا الإهمال على تعليمه، من حقه أن يلجأ للقضاء ومعه البراهين سواء غياب متكرر، انخفاض مستواه التعليمى، او عمله وهو فى سن الطفولة إلى غير ذلك. بدورها تقول د. سلوى عبد العزيز ، أستاذ علم الاجتماع بجامعة الإسكندرية إن الطفل بطبيعته يحتاج إلى الأم فى فترة الطفولة وغالباً تكون هى الأقدر على احتوائه لذلك يستجيب إليها حين تطلب منه أى أمر متعلق بالدراسة والمذاكرة لذلك تكون هى الاولى بتحمل مسئوليته فى التعليم. واستطردت قائلة: "بعض من ذوى النفوس الضعيفة من الآباء أو غيرهم ممن لهم الولاية على النفس، يتعمد افتعال مشكلات للحاضنة لإرغامها على التنازل عن بعض أو كل حقوقها أو حقوق الأبناء الشرعية وبعضهم يتعمد عدم تقديم طلب لإلحاق الطفل بأى من دور التعليم رغم بلوغه سن التعليم، أو سحب ملفه التعليمى من الدور التى كان يتعلم فيها، وتقديمه لأخرى أقل مستوى أو تختلف نوعا أو تبعد مسافة عن مسكنه، بما قد يضر بمستقبله التعليمى، خاصة أنه تم انتزاعه من دور تعليم تتوافق وقدراته ومستواه، ورفاق دراسة ومدرسين تآلف معهم، ومن ثم كان لابد أن يتدخل الدستور لحماية هذه الفئة من الأطفال، حفاظا على مستقبلهم التعليمى وهذا ما يوفره القانون الآن بالفعل".