قالت صحيفة فايننشال تايمز، إنه رغم أن قرار الريس الروسي فلاديمير بوتين بالانسحاب من سوريا تصدر عناوين صحف العالم إلا انه كان قرارا متوقعًا. وأضافت انه منذ بداية العملية الروسية في سوريا قالت البيانات الرسمية الصادرة عن روسا إن العملية لن تدوم إلا لفترة محدودة وانه لن يكون هناك أي تواجد عسكري دائم فى البلاد، وان الغرض من التدخل ليس دعم بشار الأسد، وإنما إنقاذ الدولة وان المستقبل سيحدده الشعب السورى من خلال المحادثات السياسية، لافتة إلى ان كل ما قالته روسيا تحول بعد ذلك لواقع من خلال استراتيجية ناجحة. وقالت فايننشال تايمز، إن قرار خروج روسيا من سوريا في هذا التوقيت يرجع إلى عدة أسباب من بينها ان النظام السوري كان لابد من تحصينه، ومن وجهة نظر روسيا، فإن المتشددين الإسلاميين كان لا يمكن وقفهم إلا من تعزيز الدولة، وهو ما كان متاحًا من خلال عرض موسكو للمساعدة. وأضافت الصحيفة البريطانية أن روسيا قامت بالفعل بتوجيه ضربات قوية إلى تنظيم داعش وغيره من الجماعات المتشددة، ولكن مهمتها استغرقت وقتا طويلا لأن الجيش السوري كان أقل جاهزية للقتال مما كان متوقعا. لكن في نهاية المطاف انعكس الوضع في سوريا مما سمح لروسيا بالحد من وجودها ومسؤوليتها في المستقبل. أما عن نتائج الضربات الروسية فتقول فايننشال تايمز إنها شملت حفظ نظام الأسد من الانهيار، وزيادة حجم الأراضي التي يسيطر عليها النظام، فضلا عن ان التغيير في ميزان القوى على الأرض أدى إلى دفع جميع الأطراف لإجراء محادثات سلام حقيقية، فمن المعروف أن بعض الأطراف لا يمكنها النظر بجدية للصفقات السياسية إلا عندما يصبح النصر العسكري غير قابل للتحقيق. وذكرت فايننشال تايمز أنه بات واضحا الآن، ان المعارضة السورية لم تعد تأمل في انتصار عسكري، كما ان النظام لم يعد في إمكانه هذا بعد انسحاب القوات الروسية، مضيفة أن سوريا بحاجة إلى إصلاحات عميقة لاستعادة القابلية للحياة كما ان قلة فى موسكو يعتقدون ان النظام الحالي يمن ان يستمر طويلا دون تغيير، وانسحاب القوات الروسية هو إشارة إلى النظام السوري بان روسيا لن تقوم بالعمل نيابة عن قوات الأسد. وقالت فايننشال تايمز إن الجهود المبذولة من قبل روسيا والتحالف الدولي بقيادة الولاياتالمتحدة لوقف داعش، لم تكفى لوقف انتشار التنظيم، ولضمان هزيمته بات هناك يقين بان الضربات الجوية لا تكفى وان شن حملة برية وتنيق الجهود بين النظام والمعارضة يجب ان يلى ذلك، وكل هذا لا يمكن ان يتحقق إلا من خلال عملية سياسية. وأشارت إلى ان روسيا لن تنسحب بالكامل من سوريا، فهي ستبقى على البنية التحتية العسكرية وكتيبة كاملة من قواتها لضمان عدم انهيار النظام، أسوة بما حدث بعد انسحاب الولاياتالمتحدة من العراق وأفغانستان. اما عن النتائج السياسية لاستراتيجية روسيا فتتمثل في كونها قد تحولت إلى لاعب دولى مؤثر، حيث اتسع جدول أعمال المناقشات الجارية بينها وبين الغرب، رغم انه قبل الحملة على سوريا كان يركز بشكل أساسي على عملية السلام فى أوكرانيا، وهى قضية هامشية مقارنة بالصراع في الشرق الأوسط.