بعد أيام قليلة من قيام روسيا بتوجيه ضربات جوية ضد تنظيم داعش في سوريا وغيره من التنظيمات المسلحة المعارضة للرئيس السوري بشار الاسد، اصبح واضحا ان موسكو عازمة علي تثبيت واستقرار حكم الرئيس بشار الأسد وألا تدع احدا من هذه القوي يمسك بخناقه. واعلن اليكسي ماكاركين نائب رئيس مركز الدراسات السياسية والتكنولوجية في موسكو لصحيفة نيويورك تايمز ان هدف روسيا هو الدفاع عن الرئيس بشار الأسد الذي ترغب موسكو في ادخاله في تسوية سياسية من مركز قوة. لذا يسعي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لمساعدة الأسد للسيطرة علي سوريا بأكملها والحفاظ علي سيادتها ووحدتها وسلامة اراضيها. ومن هنا يمكن لبوتين انجاز عدة اهداف علي المدي القصير عن طريق حشد وادخال قوات عسكرية روسية بشكل مباشر إلي ميادين القتال في سوريا لتفويت الفرصة علي خصوم الأسد وحصار خيارات الولاياتالمتحدة وحلفائها. يأتي ذلك في الوقت الذي يري فيه كثير من المحللين ان قوات الأسد قد تدهورت خلال اربع سنوات من الحرب الاهلية التي شهدتها البلاد ولم تعد القوات النظامية مسيطرة سوي علي نحو 20٪ من الأراضي السورية. حتي اعلن بشار بنفسه ان الجيش يواجه نقصا في تعبئة الأفراد في حين ان شبانا في سن التجنيد يقيمون في المناطق التي يسيطر عليها الأسد، هربوا وانضموا إلي سيل اللاجئين الفارين إلي اوروبا واماكن اخري. ويري سيرجي كاراجانوي الرئيس الشرفي لمجلس السياسات الخارجية والدفاعية ومستشار الكرملين ان «بوتين يلعب دورا علي المدي الطويل لتعزيز وضع روسيا واظهار انها لاعب قوي مستقل» كما يشير كونستانتين فون ايجر كبير المعلقين السياسيين بإذاعة «كوميرسانت اف ام» إلي ان «الرئيس الروسي يريد المشاركة في محادثات جادة يكون لروسيا فيها دور رئيسي» ويضيف ايجر انه «لا يمكن الآن تجاهل بوتين.. فقد اصبح له تواجد عسكري علي الأرض» واستطرد: « لا يبدو ان بوتين يريد الدفاع عن الأسد نفسه بقدر دفاعه عن مبدأ ان يسمح للقادة في دولهم ان يفعلوا ما يريدون.. موسكو تدافع عن مبدأ ان اي حكومة تستطيع ان تفعل ما تريد بشعبها» ويري بعض المحللين ان دفاع موسكو عن بشار يعني ايضا ان روسيا وامريكا يعاملان اصدقاءهما بشكل مختلف.. فقد تخلت الولاياتالمتحدة عن بعض حلفائها مثل حسني مبارك في مصر لكن يبدو ان روسيا تقف مع حلفائها ظالمين او مظلومين. ولذلك يجمع عدد كبير من المفكرين الاستراتيجيين ان بوتين ألقي بثقله في سوريا.. فقد ذكر مسئول دبلوماسي غربي رفيع المستوي لنيويورك تايمز انه لا توجد دلائل علي ان بوتين لديه استراتيجية كبيرة بشأن تدخله عسكريا في سوريا وتدمير مواقع داعش.. لكن ربما يكون تحركه جاء تكتيكيا. ويتساءل آخرون بشأن ما اذا كان الروس لديهم «استراتيجية خروج» في حالة اذا ما وجدوا انفسهم قد تورطوا في الحرب الاهلية السورية وحتي لا تتحول سوريا إلي مستنقع لهم مثل ما حدث في افغانستان. ويحاول عدد من المسئولين الامريكيين ان يلقوا بقفاز التحدي المباشر امام بوتين فيما يتعلق بتداعيات ما سيحدث في سوريا بعد الضربات الجوية الروسية والتدخل البري المباشر.. وقالوا انه ينبغي علي بوتين تحمل مسئولياته بشأن هجمات الأسد الأخيرة ضد شعبه.. واضاف مسئول في الإدارة الأمريكية: «اذا كان بوتين يرغب في انقاذ الأسد فلابد ان يكون مسئولا عن السيطرة عليه» ويري محللون آخرون ان بوتين يأمل في دفع جميع الأطراف للعمل بشكل اكثر عجلة نحو حل سياسي تفضله روسيا والأسد. واقترح السكرتير الصحفي للبيت الأبيض ان الدافع الحقيقي لبوتين هو حماية القاعدة العسكرية الروسية في طرطوس التي تعد آخر قاعدة عسكرية روسية خارجية بعيدا عن حدود الاتحاد السوفيتي السابق. واضاف محاولا التقليل من شأن ما تفعله روسيا في سوريا: الحقيقة ان روسيا تستجيب للأوضاع داخل الشرق الاوسط من منطلق ضعيف.. النفوذ الروسي في المنطقة ضعيف.. كما ان موسكو تحاول انقاذ اوضاع متدهورة داخل سوريا.