يخطئ من يتصور أن التعليم يمثل أقل من 65% من عوامل الحفاظ على ما تبقى من مصر، والحصول على 90% من المأمول والمنتظر لمصر الغد،يحدث هذا على أرض مصرية تنعم بالأمن والأمان. فالتعليم هو المسئول عن بناء المواطن السليم الذي يؤتمن على البلاد أرضاً وثروة وكرامة،التعليم مسئول عن بناء فكر المواطن فيقود البلاد إلى المساحات الآمنة ،التعليم هو الذي يمهد المكانة التي تحتلها البلاد بين غيرها من الأمم،التعليم هو الوعاء الذي يشرب المواطن من خلاله المبادئ والقيم والمثل حيث يهذبها التعليم فيتجرعها المواطن ليقول ها نحن هنا نتميز عن غيرنا ونحمل داخلنا قيماً سامية تحترم آدمية البشر ،ولأن التعليم في بلادنا لا ينفصل عما يحيط به من ميادين ومجالات لعب فيها الفساد حتى مَلَّ اللعب فإنه خسر الكثير حتى صار المنتج رديئاً ولا يُعتمد عليه كثيراً في بناء المنتظر لمصرنا ، هذا ولأن السياسة تمثل طعاماً يومياً نتناوله كالماء والهواء رضينا أم أبينا، فإن المتاح منها كطعام كثيراً ما يكون فاسداً أو تم إفساده عن عمْدٍ،أو أنه غير مأمون النتائج على المدى البعيد أو ان الجرعات التي نتعاطاها لا تتناسب مع أعمار بعضنا أو حالته الصحية ومن هنا يصبح جميعنا تقريباً في مرمي الخطر ،لذا أتصور أنه بإمكان القائمين على أمر البلاد في حال خَلُصَت النوايا والضمائر والقلوب ،يمكنهم عمل الكثير لنضع أبناءنا الطلاب على الطريق الصحيح ليكون لدينا وعلى المدى القريب شباب يدرك معنى السياسة وكيفية تعاطيها وممن نستقيها وإلى أين تسير بنا. يدرس الطلاب نشأة العلوم السياسية ونظم الحكم ونشأة الأحزاب ورموزاً سياسية وقضايا سياسية وتداول السلطة وألاعيب الساسة وألوان الطيف البرلماني ونماذج خلَّدها التاريخ ونماذج صنعت تاريخاً،وسياسات دمرت دولاً وسياسات قادت دولاً إلى القمة ،يدرس الطلاب نماذج لكل هذا ،نماذج محلية و أخرى عالمية ،يدرس الطلاب كيفية اقتراح القوانين ودراستها وصياغتها وإصدارها،يدرس الطالب الاستفتاء والانتخاب،والصوت الانتخابي ودوره في البناء ودوره في الهدم،يدرس الطالب التوجهات اليمينية واليسارية وإيجابيات وسلبيات التوجهات الفكرية عبر التاريخ،يدرس الطالب تلك الموضوعات على يد معلم يحب ويهوى ويمارس السياسة لا معلم مكلف بالقول دون الإيمان بما يدرسه للطلاب،يدرسها معلم يحصل على دورات تجعله مسايراً لما يجري على الساحات المحلية والعالمية،يقوم بالتدريس أناس يجعلون الطلاب يقبلون ويتسابقون للعمل السياسي في العلن حتى لا يصبح الواحد منهم لعبة في أيدي تعبث بالبلاد وبعقول العباد. لماذا لايكون بين أيدي طلابنا كتب تتناول مثل هذه الموضوعات وفي إخراج جيد وتتناسب مع المراحل العمرية لهم حتى يتناول الطلاب وجبات من الثقافة السياسية تم إعدادها في مطابخ نظيفة وصحية وتحت إشراف أمين ، عندها يأتي اليوم الذي يعرف فيه أبناؤنا الفرق بين الجمهورية والملكية والفرق بين البرلمان والبرطمان،والفرق بين الحَصَانة والفرسة ،والفرق بين نعم ولا،والفرق بين النصر والهزيمة، والفرق بين رئيس ورئيس،إذ هناك رئيس للجمهورية،ورئيس الفصل الذي يمسح السبُّورة،إذ هناك من دخل البرلمان عضواً منتخباً وهو لا يعرف رأسه من رأس زوجته التي لو سألوه عن اسمها الثلاثي فإنه يفتح فاه ولا يقول شيئا.