نعاني نحن مديرو المدارس عامة والثانوية خاصة، نعاني من جور وظلم بعض النظم المعمول بها والتي تهدف في ظاهرها إلى خدمة بعض العاملين ومراعاة ظروفهم الصحية والاجتماعية، ويأتي نظام العمل بنصف الأجر على رأس هذه النظم التي تقض مضاجع المديرين، فالمدرس الذي يعمل بنظام نصف الأجر "نصف جدول" أي يعمل بنصف طاقته أي يعمل ثلاثة أيام أسبوعيًا أو نصف نصابه من الحصص المقررة تبعًا لأقدميته في العمل. ربما البعض في حاجة ماسة إلى هذا النظام، ولكن يُحدث إرباكًا لنا نحن المديرين والقائمين على العملية التعليمية، وخاصة المشرفين والمتعاملين رأسًا مع الطلاب وحاجاتهم، يعمل المعلم بنظام نصف الأجر ربما لظروفه الصحية، وربما لأن راحته البدنية والصحية هي رأسماله الذي هو بحاجة ماسة إليه بعد اليوم الدراسين وربما من باب التنعم والرفاهية. هذا وفور الإعلان عن فوز الدكتور محمد مرسي رئيسًا لمصر تذكرت زملائي أحمد عمر ويوسف السيد وغيرهما كثير ممن يعملون بنظام نصف الأجر، تذكرتهما لوجود تشابه كبير بينهما وظيفيًا وبين رئيس مصر القادم، حيث إن الرئيس وبعد تقليص صلاحياته أو سلبه غالبيتها وجدت وأنه ربما يعمل بنصف طاقته أو أقل، أي يعمل بنظام نصف الأجر أي كأنه يعمل ثلاثة أيام أسبوعيًا، ربما ثلاثة متصلة أو بنظام يوم ويوم لافرق. لقد تألمت كثيرًا إذ في الوقت الذي نحلم فيه بالعمل بكامل طاقتنا نجد الدستور يقيد حركتنا ويحد من فعالياتنا وعملنا فيجبرنا على العمل بنظام نصف الأجر، أو نصف الجدول، ولا أدري ماذا تكون تسميتها في حال السيد الرئيس، ربما يقال السيد الرئيس النصف، وفي المناطق الشعبية نقول الرئيس النص، وربما يقول البعض نصف الرئيس، وربما يتندر المغرضون وسيئو النية بالحديث عن نص الرئيس متسائلاً عن أي النصين يكون الحديث، نص فوقاني نص تحتاني نص يمين نص شمال ونحن هنا في مصر يعنينا الكلام لا أكثر. ربما لن أجد دافعًا أو مبررًا في المطالبة بالتوقف عن العمل بنصف الأجر للمعلمين، لأنهم سوف يطالبون ببقاء النظام أسوة بالجالس على أغلى كرسي في القصر الجمهوري، وربما لن يسمح له إلا بالجلوس على حافة الكرسي وعدم التمتع بجلسة كاملة على الكرسي لكونه يعمل بنصف صلاحية أي كمن يعمل بنصف أجر، وقد يغالي الزملاء المعلمون العاملون بنصف أجر في غطرستهم فيطالب الواحد منهم، بأن نكتب أمام اسمه "نظام الرئيس بدلاً من نظام نصف أجر"، وهو محق في طلبه وليس أمامي غير الخضوع، وربما أضطر إلى كتابة "يعمل بنظام السيد الأستاذ الدكتور الرئيس وربما المؤمن". وفجأة وجدتني أحاسب نفسي على ما اقترفت من شطط في التفكير، إذ ما العيب في أن يعمل بعضنا طوال النهار ونصف الليل، ويعمل البعض الآخر طوال النهار، وفي ذات الوقت يكون بيننا من يعمل نصف اليوم ونصف الأجر وربع الأجر، إذ إن التنوع هو سمة الحياة، إذ بيننا الملتحي والحليق، وبيننا المنقبة والمحجبة والأمورة صاحبة الوجه الصبوح الذي يجعلنا نقول ماشاء الله سبحان المصور، وبيننا من يلبس البنطال ومن يلبس الجلباب القصير وبيننا من يستدين لشراء غيار داخلي وبيننا محمد مرسي وأحمد شفيق وفتحي الصومعي ومن هو أفضل منهم ومن هو دونهم، تلك هي مصر التي يتسع صدرها لكل أبنائها ،نظلمها أحيانا ويستحيل أن تظلمنا، ليتنا ندرك هذا جيدً.ا