تسع سنوات فقط هى مدة التعليم الالزامى فى مصر وفى معظم دول العالم , وهى سنوات مرحلة التعليم الاساسى الابتدائى والاعدادى، بعدها للطالب حرية الاختيار بين استكمال تعليمه فى مدارس الثانوى العام أو الثانوى الفنى أو حتى عدم الذهاب الى أى مدرسة أخرى بعد الشهادة الاعدادية. ونظام التعليم فى مصر يسمح لطالب الثانوية العامة بدخول الامتحانات رغم عدم ذهابه للمدرسة نهائياً فيما يعرف بنظام المنازل , أى أن الذهاب للمدرسة ليس شرطاً من شروط الحصول على شهادة الثانوية العامة فى مصر، ولذا استغرب من أصرار السادة وزراء التعليم فى مصر فى الماضى والحاضر على إجبار طلاب شهادة الثانوية العامة على الذهاب الى المدرسة يومياً فى ظل كثافة فصول مرتفعة ناتجة عن عجز شديد فى المدارس الثانوية بسبب تجاوز عدد طلاب الشهادة الثانوية النصف مليون طالب سنوياً . وغياب بعض طلاب الثانوية العامة سببه الرئيسى هو لجوءهم الى الدروس الخصوصية واستغناءهم عن المدرسة , وان كانت الدروس الخصوصية رغم اعتراضى على الظاهرة بشكلها الحالى ترهق ميزانية أى أسرة مصرية فإنها تقدم للحكومة هدية مجانية وهى تخفيف العبء عن كاهلها فى عدة أشياء، منها على سبيل المثال للحصر تقليل كثافة الفصول الدراسية، حيث ان الطالب الذى يأخذ دروسا خصوصية فى كل المواد لم يعد بحاجة إلى الذهاب للمدرسة وغيابه بالنسبة له ولباقى زملاءه أفضل من حضوره , لأنه يذهب للمدرسة للتسلية وهذا يؤثر بالسلب على باقى زملاءه فى الحصص الدراسية ويكون غالباً سبباً فى تعطيلهم عن متابعة دروسهم فى المدرسة. أضف إلى ذلك أن غياب 50 % فقط من طلاب الثانوية العامة فقط معناه توفير زحمة مواصلات ناتجة عن ذهاب أكثر من ربع مليون طالب يومياً الى المدارس وعودتهم، مما يقلل من الزحام فى فترات الذروة فى الصباح ووقت الظهيرة ، أضف الى ذلك ان عدم ذهاب هؤلاء للمدرسة سوف ينعكس بالايجاب على بقية زملائهم لأن المدرس الذى سيشرح لخمسين طالباً فى الحصة الواحدة فى المدرسة سيشرح ل 25 طالبا فقط، وهو شئ يصب فى مصلحة العملية التعليمية ومصلحة الطالب الذى لا يستطيع أخذ دروس خصوصية، أى انه نوع من التكافل المجتمعى غير المقصود، نعمة من الله على الجميع، والكل مستفيد. ولذا لا أعرف سبب إصرار السادة الوزراء فى الماضى والحاضر على إجبار الطلاب على الذهاب للمدرسة فى ثالثة ثانوى طالما أن الطالب قد وجد البديل المناسب له ولظروفه ولحالته المادية. أما التشدق بأن للمدرسة دور غير التعليم فهذا الكلام حق يراد به باطل، لأنه ينطبق على مرحلة التعليم الإلزامى، بدليل أنه مسموح لطلاب المنازل بدخول امتحان الشهادة الثانوية العامة، ومسموح للحاصلين على الشهادة الاعدادية عدم الذهاب إلى أى مدرسة أخرى والاكتفاء بها، ولذا فإن الكلام عن دور المدرسة بالنسبة لطلاب ثالثة ثانوى هو كلام غير دقيق. ومن هنا وجب النظر إلى الامور بطريقة عصرية تتناسب مع التغيرات التى طرأت على المجتمع، ففى الماضى لم يكن هناك شئ اسمه دروس خصوصية وحتى المدارس الخاصة كانت نادرة، اما اليوم فإن العالم يتجه جانب كبير فيه نحو التعليم عن بعد حيث يكون بين طالب العلم ومركز التعليم آلاف الاميال، ولذا فإن الإصرار على إجبار طلاب الثانوية العامة المقتدرين على الذهاب للمدرسة يومياً ليس له أى مبرر من وجهة نظرى. أتمنى ان تكون هناك مرونة فى هذا الملف، طالما أن ذلك يصب فى مصلحة الدولة والمدرسة والمدرس والطالب، وليكن لدينا نظام يسمح للطلاب بالحضور أو الغياب منذ بداية العام يحدد فيه الطالب ما إذا كان يرغب فى الذهاب إلى المدرسة والانتظام طوال العام، أو حضور عدد معين من الشهور او حتى أختيار أيام معينة يحضر فيها خلال الاسبوع، فلندرس ما هو مناسب أو ما هو ممكن من أجل مصلحة جميع الطلاب دون استثناء، ولندع للطلاب الحرية الكاملة فى الاختيار فى ظل ضوابط واضحة ومحددة.