سمى الله سبحانه وتعالى هذه الأمارات بأشراط الساعة في كتابه العزيز، «فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً فَقَدْ جَاء أَشْرَاطُهَا» [محمد:18]. و«الشَرَط» بفتحتين: العلامة، وأشراطها: علاماتها. وفي فتح الباري: "المراد بالأشراط: العلامات التي يعقبها قيام الساعة". واتفق العلماء على أن هناك علامات صغرى وقعت وانقضت ولن يتكرر وقوعها، وهي كثيرة ومنها: بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم ووفاته. فمن أشراط الساعة بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم ووفاته، ففي الحديث عند البخاري ومسلم عن سهل بن سعد قال: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بإصبعيه هكذا، الوسطى والتي تلي الإبهام. وقال: «بعثت أنا والساعة كهاتين»". وفي كتب السيرة أن اليهود كانوا يحدثون عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه يبعث مع الساعة. وكذلك وفاة النبي صَلَى اللهُ عَليهِ وَسلَّم من حديث عوف مالك الذي قال فيه النبي صَلَى اللهُ عَليهِ وَسلَّم: «اعدُد ستًا بين يدي الساعة: مَوتي...» (رواه البخاري). انشقاق القمر: اتفق العلماء على أن القمر قد انشق في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن انشقاقه إحدى المعجزات الباهرات، وقد صرح القرآن بهذا في قوله تعالى: «اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ . وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ» [القمر:1-2]. وعن عبد الله بن مسعود قال: "بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى إذ انفلق القمر فلقتين، فكانت فلقة وراء الجبل، وفلقة دونه، فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اشهدوا»" (رواه مسلم). نار الحجاز التي أضاءت أعناق الإبل ببصرى: عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تقوم الساعة، حتى تخرج نارٌ من أرض الحجاز تضيء أعناق الإبل ببصرى» وبصرى: مدينة معروفة بالشام، بينها وبين دمشق ثلاث مراحل. وهذه الآية العظيمة التي أخبر الصادق المصدوق بوقوعها في مقبل الزمان وقعت على الصورة التي أخبر بها الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد كان خروجها في سنة (654) للهجرة النبوية. ومن العلماء الكبار الذين كانوا أحياء عند خروج هذه النار الإمام النووي، وقد ذكرها في شرحه لصحيح مسلم فقال: "وقد خرجت في زماننا نار بالمدينة سنة أربع وخمسين وستمائة، وكانت ناراً عظيمة جداً من جنب المدينة الشرقي، وراء الحرة، تواتر العلم بخروجها عند جميع الشام وسائر البلدان، وأخبرني من حضرها من أهل المدينة". توقف الجزيَة والخراج: كانت الجزية التي يدفعها أهل الذمة في الدولة الإسلامية، والخراج الذي يدفعه من يستغل الأراضي التي فتحت في الدولة الإسلامية من أهم مصادر بيت مال المسلمين، وقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم بأن ذلك سيتوقف، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «منعت العراق درهمها وقفيزها، ومنعت الشام مدها ودينارها، ومنعت مصر إردبها ودينارها، وعدتم من حيث بدأتم، وعدتم من حيث بدأتم، شهد على ذلك لحم أبي هريرة ودمه». والقفيز والمد والإردب مكاييل لأهل ذلك الزمان في تلك البلاد، وبعضها لا يزال معروفاً إلى أيامنا، والدرهم والدينار أسماء للعملات المعروفة في ذلك الوقت.