خلق الله تعالى الإنسان لعبادته، وإقامة أمره، وتحكيم شرعه، فمن حاد عن هذا الطريق فقد استحق عقاب الله، ومن امتثل فقد استحق النعيم المقيم الذي وعد الله به عباده، وهذه حقيقة دلت عليها النصوص الصريحة، والعقول الصحيحة. وذكر القرآن الكريم ذلك في قوله تعالى: «وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ» [الذريات:56-58]. ومن المسلَّم به عند العقلاء أن الإنسان لم يخلق نفسه، لأنه كان عدماً، والعدم لا يخلق شيئاً، ولم تخلقه الطبيعة، لأن الطبيعة هي عبارة عن الأحجار والأشجار والأنهار والبحار، وكل هذه صماء بكماء لا تعقل، وهي فاقدة للقوة والبصر والسمع والعقل، وغير ذلك، فكيف تعطي الإنسان ما هي فاقدة له؟! ومن القواعد العقلية المسلمة أن فاقد الشيء لا يعطيه. ويدرك المؤمن أن الحكمة من خلقه الابتلاء والامتحان، وأن أدوات الامتحان هي كل ما في هذه الدنيا، ومدته هي حياته على الأرض، ومكانه هو الأرض دار الزوال، فإذا انتهى زمن الامتحان أخذت منه أدوات الامتحان، وأخرج من قاعة الامتحان، قال تعالى: «الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً» [الملك:2].