* الحكومة التركية إذا غامرت بالتدخل العسكري لن تستطيع السيطرة على مخيمات اللاجئين * التدخل في سوريا جزء من مخطط أردوغان لتوليد الفوضى واستعادة أغلبية البرلمان المفقودة * انشقاق السكان الأكراد وخلق منطقة آمنة تمتد في أنحاء المحافظات السورية الجنوبية هدفان للعملية * الجيش يماطل لكسب الوقت لتشكيل حكومة ائتلافية ولن يتجاوز تدخله القصف المدفعي وبعض الغارات * إدارة أوباما ترفض إنشاء منطقة عازلة تحسبا للجوء دمشق إلى لقانون الدولي بمساعدة حليفيها روسيا والصين بدأت قيادة حزب العدالة والتنمية التركي بناء على سلطة الرئيس بشكل غير رسمي التخطيط لتدخل عسكري تركي في سوريا كجزء من مخطط لتوليد الفوضى واستعادة البرلمان بعد فقدان الأغلبية البرلمانية في الانتخابات العامة 7 يونيو الماضي على أمل أن عدم الاستقرار سوف يحول الجمهور من تشكيل حكومة ائتلافية ليجلب حزب العدالة والتنمية إلى السلطة مرة أخرى.
وقد تم بالفعل إرسال الطلب للقوات المسلحة التركية بذلك وسط مقاومة الجيش لمثل هذه الخطوة فهو يعلم تمام العلم أنه إذا ذهب إلى حرب بناء على أوامر من حكومة غير شرعية سيخضع للمساءلة عن ذلك ومن غير الواضح أن الحكومة التركية إذا غامرت بالتدخل العسكري المباشر في سوريا ستستطيع السيطرة على مخيمات اللاجئين ونقلهم إلى منطقة أكثر أمنا داخل البلاد. لكن ما يدعو أردوغان المهزوم سياسيا لهذا التدخل المزعوم هو أنه هناك فرصة أن يؤدي هذا التدخل العسكري إلى انشقاق بين السكان الأكراد الذين يعيشون على طول الحدود وأرى أن الهدف الرئيسي من هذه العملية هو خلق منطقة آمنة تمتد في جميع أنحاء المحافظات السورية الجنوبية من درعا والسويداء حيث بدأت الانتفاضة السورية في عام 2011.
ولا يمكن لعاقل أن يصدق أن الهدفمن هذا التدخل من شأنه أن يركز على منع نشطاء جماعة داعش من دخول البلاد فمن اليقين لدى أي حصيف سياسي أن العملية ستركز أولا على دحر المقاتلين الأكراد من الحدود. وقد تعهد أردوغان بأن تركيا لن تسمح للأكراد السوريين بإقامة دولة خاصة بهم في سوريا عقب انتصارهم في بلدة تل الابيض الحدودية بل وجه أردوغان إلى الأكراد تهمة التطهير العرقي حيث تسبب القتال في فرار الآلاف من الأكراد السوريين إلى تركيا خلال المعركة لكن ما يسعى إليه الرئيس التركي المهزوم سياسيا هو أن يشعل التدخل العسكري في سوريا الأكراد ما يهدد عملية السلام بين أنقرة والأحزاب السياسية الكردية لإضاعة نتائج الانتخابات التي ذهبت بأحلام الخليفة المزعوم في إحكام سيطرته على السلطة وتحويل البلاد من النظام البرلماني إلى الرئاسي. لكن الجيش لا يرغب في القيام بذلك، لكسب الوقت لتشكيل حكومة ائتلافية جديدةولن يتجاوز تدخل الجيش نيران المدفعية بعيدة المدى وبعض العمليات الجوية ودخول قوات البرية لتأمين الشريط على طول الحدود التركية ومنع المزيد من الاشتباكات بين داعش والقوات الكردية بقيادة حزب الاتحاد الديمقراطي لمنعه من إنشاء منطقة آمنة ضد موجة جديدة من اللاجئين السوريين.
يتضح هذا جليا في تأخير رئيس الأركان العامة الجنرال نجدت أوزيل لتوجيه الحكومة باستخدام مبررات القانون والسياسة الدولية بالإضافة إلى عدم التيقن من ردود فعل نظام بشار الأسد وأنصارهم في روسيا وإيران جنبا إلى جنب مع الولاياتالمتحدة . وهو ما دعا وزارة الخارجية التركية للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لكن ليس هناك معلومات تظهر أن روسيا ستغض الطرف عن التدخل العسكري النشط تركيا في سوريا. كما أن الجيش لا يريد الوصول إلى عمل عسكري كبير على توجيهات من حزب العدالة والتنمية ومن الحكومة التي فقدت أغلبيتها البرلمانية وتجري محادثات الائتلاف لتشكيل حكومة جديدة سواء مع حزب الشعب الجمهوري أو حزب الحركة القومية وإذا تم تشكيل حكومة جديدة وإذا أصبح حزب الشعب الجمهوري شريكا في الائتلاف الحكومي فمن الأرجح، أن سياسة تركيا ضد سوريا ستتغير. يضاف إلى رؤيتي بأن الإعلان عن تدخل عسكري تركي في سوريا يشبه مشروع النهضة الإخواني المصري الذي ملأ الدنيا ضجيجا لكنه تحول في النهاية إلى أسطورة يتندر عليها المصريون يضاف إلى ذلك أن إدارة أوباما ترفض حتى الان اتخاذ خطوة إنشاء منطقة عازلة فإن تشكيل منطقة كهذه ستعتبره دمشق عدوانا عسكريا داخل أراضيها السيادية. ويمكنها الذهاب واللجوء للقانون الدولي وبمساعدة حلفائها الروس والصينيين يمكن الطعن عليها في الأممالمتحدة ففقدان النظام السوري شرعيته الدولية يبدو صحيحا من الناحية الأخلاقية، لكنه غامض من الناحية القانونية لأسباب متعددة ويمكن للمرء أن يجادل بشأن ذلك ففي نظر القانون الدولي، فمازالت سوريا دولة ذات سيادة وبالتالي فإن أي تدخل عسكري ضد النظام السوري يتطلب دعما من الأممالمتحدة والجميع يعرف أنه لا يوجد توافق في الآراء في الأممالمتحدة وأن روسيا والصين تحميان السيادة الإقليمية لسوريا ضد كل أنواع التدخل الخارجي. إن الحديث عن تدخل عسكري تركي يغير من الأوضاع الجيوسياسية في سوريا ضرب من الخيال ومحاولة يائسة من ديكتاتور متخف اسمه أردوغان للبقاء في السلطة بعد ورطة غير متوقعة أوقعها فيه الشعب التركي الذي تأكد بما لا يدع مجالا للشك أن الهم الأكبر لأردوغان هو البقاء في السلطة ولو كان الثمن إغراق تركيا في المستنقع السوري وقد لا نفاجأ إذا ما رأينا بشار الأسد أطول عمرا في السلطة من خليفة أسطنبول المرتبك.