جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار بن حبيب بن عائذ بن مالك ابن جذيمة، وجذيمة هو المصطلق من خزاعة، زوج النبي، سباها رسول الله يوم "المريسيع"، وهي غزوة بني المصطلق في سنة 5 من الهجرة، وقيل: في سنة 6، ولم يختلفوا أنه أصابها في تلك الغزوة، وكانت قبله تحت مسافع بن صفوان المصطلقي. قال ابن عمر: وأخبرني محمد بن يزيد عن جدته -وكانت مولاة جويرية بنت الحارث- عن جويرية رضي الله عنها قالت: تزوجني رسول الله وأنا ابنة عشرين سنة، قالت توفيت جويرية سنة خمسين وهي يومئذ ابنة خمس وستين سنة وصلى عليها مروان بن الحكم. كانت سيدة نساء قومها، وكان أبوها قائد بني المصطلق الذين كانوا يجمعون للنبي : عاصم بن عمر بن قتادة وعبد الله بن أبي بكر ومحمد بن يحيى بن حيان كل قد حدثني ببعض حديث بني المصطلق قال: بلغ رسول الله أن بني المصطلق يجمعون له وقائدهم الحارث بن أبي ضرار أبو جويرية بنت الحارث زوج النبي ، فلما سمع بهم رسول الله خرج إليهم حتى لقيهم على ماء لهم يقال له "المريسيع" من ناحية قديد إلى الساحل، فتزاحم الناس واقتتلوا فهزم الله بني المصطلق، وقتل الحارث بن أبي ضرار أبو جويرية، وقتل من قتل منهم ونفل الله رسوله أبناءهم ونساءهم، وكان رسول الله أصاب منهم سبيًا كثيرًا قسمه في المسلمين، وكان فيما أصاب يومئذ من النساء جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار سيدة نساء قومها. كانت جويرية رضي الله عنها ضمن سبي بني المصطلق الذين غزاهم الرسول ، وكان قد قتل زوجها في هذه الغزوة، ووقعت في سهم ثابت بن قيس بن الشماس أو لابن عمه، فكاتبت على نفسها لكونها أبية وسيدة نساء قومها، ولم يكن معها ما كاتبت عليه فذهبت إلى رسول الله ليعينها على ذلك، فرد عليها بما هو أفضل؛ إذ عرض عليها الزواج منها وقضاء مكاتبتها، فأجابت بالقبول وأسلمت وحسن إسلامها. كان لا بد أن يكون للرسول أثر كبير في تربيتها، حتى أعدها لتكون أمّا للمؤمنين، فتأثرت به رضي الله عنها في عبادتها، فكانت تصوم من النوافل الكثير، حتى صامت يوم جمعة منفردا وأمرها الرسول بأن تفطر، وكانت تظل تذكر الله بعد الفجر حتى الشروق كما كان الرسول يفعل ذلك. عن عائشة قالت: لما سبى رسول الله سبايا بني المصطلق وقعت جويرية بنت الحارث في السهم لثابت بن قيس بن الشماس أو لابن عمه، فكاتبت على نفسها، وكانت امرأة حلوة ملاحة، لا يكاد يراها أحد إلا أخذت بنفسه، فأتت رسول الله تستعينه في كتابتها، فوالله ما هو إلا أن وقفت على باب الحجرة فرأيتها كرهتها، وعرفت أن رسول الله سيرى منها مثل ما رأيت، فقالت جويرية: يا رسول الله، كان من الأمر ما قد عرفت فكاتبت نفسي فجئت رسول الله أستعينه، فقال رسول الله : "أو ما هو خير من ذلك؟" فقالت: وما هو؟ قال: "أتزوجك وأقضي عنك كتابتك"، فقالت: نعم، قال: "قد فعلت". قالت عائشة: فبلغ المسلمين ذلك قالوا: أصهار رسول الله ! فأرسلوا ما كان في أيديهم من سبايا بني المصطلق، قالت: فلقد عتق بتزويجه مائة أهل بيت من بني المصطلق، قالت: "فما أعلم امرأة كانت أعظم بركة على قومها منها". ويظهر هذا واضحًا جليًّا حينما حاولت افتداء نفسها من الرق بالاكتتاب، فكاتبت على نفسها واتفقت مع ثابت بن قيس بن شماس الأنصاري على مبلغ من المال تدفعه له مقابل عتقها، رغم أنها لم تكن تملك ما تفك به نفسها؛ إذ أنها أتت رسول الله وطلبت منه أن يعينها على المكاتبة. ورد أنها كانت تذكر الله من بعد الفجر وحتى شروق الشمس، وجاء في الحديث أن النبي خرج من عندها وهي في مصلاها، ثم رجع حين تعالى النهار وهي ما زالت في مكانها تذكر الله، فقال لها: "لم تزالي في مصلاك منذ خرجت؟", فأجابته: نعم، فقال لها : "قد قلت بعدكِ أربع كلمات ثلاث مرات لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن", وذكر باقي الحديث وهو سيرد قريبًا. أثر جويرية بنت الحارث في الآخرين عن المهاجر أبي الحسن عن كلثوم بن عامر أن جويرية بنت الحارث توضأت فأردت أن أتوضأ بفضل وضوئها فنهتني، ففي هذا النهي تعليم لكلثوم. بعض كلمات جويرية بنت الحارث قال ابن عمر: وحدثني حزام بن هشام عن أبيه قال: قالت جويرية بنت الحارث: رأيت قبل قدوم النبي بثلاث ليال كأن القمر أقبل يسير من يثرب حتى وقع في حجري، فكرهت أن أخبر بها أحدًا من الناس حتى قدم رسول الله ، فلما سبينا رجوت الرؤيا، فلما أعتقني وتزوجني, والله ما كلمته في قومي حتى كان المسلمون هم الذين أرسلوهم، وما شعرت إلا بجارية من بنات عمي تخبرني الخبر فحمدت الله. وفاة جويرية بنت الحارث قال ابن عمر: وحدثني عبد الله بن أبي الأبيض عن أبيه قال: توفيت جويرية بنت الحارث زوج النبي في شهر ربيع الأول سنة ست وخمسين في إمارة معاوية، وصلى عليها مروان بن الحكم وهو يومئذ والي المدينة. قال ابن عمر: وأخبرني محمد بن يزيد عن جدته -وكانت مولاة جويرية بنت الحارث- عن جويرية رضي الله عنها قالت: تزوجني رسول الله وأنا ابنة عشرين سنة، قالت: توفيت جويرية سنة خمسين وهي يومئذ ابنة خمس وستين سنة وصلى عليها مروان بن الحكم. توفيت جويرية بنت الحارث في ربيع الأول سنة ست وخمسين.