شن تنظيم "داعش" هجمات متزامنة على الجيش السوري ومقاتلين أكراد أثناء الليل في استعادة للمبادرة الهجومية بعد أن فقد السيطرة على أراض خلال الأيام القليلة الماضية في مواجهات مع قوات يقودها الأكراد بمحافظة الرقة معقل التنظيم المتشدد. وبعد أن مني بخسائر في الآونة الأخيرة على يد القوات الكردية المدعومة بغارات التحالف الذي تقوده الولاياتالمتحدة سعى تنظيم الدولة الإسلامية إلى الأخذ بزمام المبادرة من جديد بشن هجمات على مدينة كوباني التي يسيطر عليها الأكراد وتقع على الحدود مع تركيا ومناطق تحت سيطرة الحكومة في مدينة الحسكة بشمال شرق سوريا. وفي هجوم منفصل في الحرب الأهلية السورية شن تحالف لمقاتلي المعارضة في جنوب البلاد هجوما يوم الخميس بهدف طرد القوات الحكومية من مدينة درعا. وتأتي هجمات تنظيم الدولة الإسلامية بعد تقدم سريع أثنت واشنطن على نجاحه لقوات يقودها الأكراد في عمق الأراضي التي يسيطر عليها التنظيم إلى أن أصبحوا على بعد 50 كيلومترا من الرقة. ويشكل الهجوم المزدوج على القوات الحكومية في مدينتي الحسكة ودرعا -وهما عاصمتان لمحافظتيهما- اختبارا لمدى قدرة قوات النظام السوري على الصمود في مواقع نائية تقع بعيدا عن المنطقة الغربية التي تمثل أولوية قصوى لبقاء النظام. وتقصف الولاياتالمتحدة وحلفاء أوروبيون وعرب التنظيم منذ العام الماضي في محاولة لإلحاق الهزيمة به. وحقق التنظيم تقدما سريعا الشهر الماضي إذ سيطر على مدن في سورياوالعراق. وحول تقدم الأكراد في الآونة الأخيرة دفة القتال ضد المتشددين لكن مقاتلي التنظيم يتبعون أسلوب التقدم في مناطق أخرى عندما يفقدون السيطرة على أراض. وقال التنظيم في بيان "في عملية مباغتة يسر الله لجنود الخلافة السيطرة على حي النشوة الغربية والمناطق المجاورة لها" في جنوب غربي مدينة الحسكة المقسمة إلى مناطق تحت سيطرة الحكومة وأخرى تحت سيطرة الأكراد. وأضاف البيان أن القوات الحكومية "انسحبت نحو مركز المدينة." وقال التلفزيون الرسمي السوري إن مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية طردوا سكانا من منازلهم في النشوة وأعدموا البعض واعتقلوا آخرين. وأضاف أنه قتل كثير من مقاتلي التنظيم المتشدد بينهم قيادي تونسي. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن التنظيم انتزع السيطرة على منطقتين من القوات الحكومية. وتعتبر المناطق التي تسيطر عليها القوات الحكومية في الحسكة بين آخر المناطق الخاضعة لسيطرتها في شمال شرق سوريا على الحدود مع العراقوتركيا وهي أراض يسيطر الأكراد على معظمها منذ نشوب الحرب الأهلية في 2011. وقال مسؤولون أكراد والمرصد إن هجوم التنظيم المتشدد يوم الخميس على كوباني بدأ بتفجير سيارة ملغومة واحدة على الأقل في منطقة قريبة من المعبر الحدودي مع تركيا. ويشتبك مقاتلو التنظيم مع القوات الكردية في المدينة نفسها. *انتحاريون متنكرون وشهدت كوباني بعضا من أعنف المعارك مع تنظيم الدولة الإسلامية العام الماضي. وطردت وحدات حماية الشعب الكردية المدعومة بغارات التحالف مقاتلي التنظيم في يناير كانون الثاني بعد قتال دام أربعة أشهر. وقال ريدور خليل المتحدث باسم وحدات حماية الشعب إن المقاتلين الذين شنوا الهجوم يوم الخميس دخلوا المدينة من الغرب في خمس سيارات وإنهم قاموا بخدعة فرفعوا علم الجيش السوري الحر المدعوم من الغرب والذي يحارب التنظيم المتشدد مع الوحدات. وأضاف لرويترز "فتحوا النار بشكل عشوائي على كل من وجدوه." وقال المرصد إن المهاجمين أيضا ارتدوا البزات العسكرية التي يرتديها مقاتلو وحدات حماية الشعب. وأظهرت الصور التي نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مقاتلا واحدا ميتا على الأقل قيل إنه مقاتل في تنظيم الدولة الإسلامية لكنه يرتدي بزة مقاتل كردي. وذكرت وحدات حماية الشعب الكردية في صفحة على فيسبوك إن 15 مقاتلا متشددا على الأقل قتلوا في كوباني. وقال ولات عمر وهو طبيب في كوباني إن 15 شخصا قتلوا وأصيب 70 آخرون بينهم كثيرون حالتهم خطيرة مشيرا إلى أن البعض فقدوا أطرافهم في حين نقل آخرون إلى تركيا للعلاج. وقال شهود إن نحو 50 شخصا فروا إلى معبر مرشد بينار الحدودي مع تركيا في كوباني بعد الهجوم سعيا لعبور الحدود. وذكر التلفزيون السوري أن المهاجمين دخلوا كوباني من تركيا وهو ما نفته حكومة أنقرة. وقال المرصد إن مسلحي التنظيم المتشدد قتلوا أيضا 20 مدنيا كرديا على الأقل في هجوم على قرية إلى الجنوب من كوباني. وكان التحالف الذي تقوده الولاياتالمتحدة قد شن غارات يوم الخميس على التنظيم في الحسكة وعلى مقربة من مدينة تل أبيض غربا على مقربة من الحدود مع تركيا. وذكر مسؤول سوري طلب عدم نشر اسمه أن التنظيم يحاول فيما يبدو تشتيت تركيز القوات التي تقاتله بسبب الضغط الذي يتعرض له حاليا في الرقة. وقال "أعتقد أن هذا هو سبب تحركهم الى الحسكة لأنهم شعروا بخطر داهم من الوضع في الرقة." وقال المقاتلون الأكراد إنهم لا يعتزمون في الوقت الحالي التقدم صوب مدينة الرقة. وشن مقاتلو المعارضة في جنوب البلاد هجومهم يوم الخميس للسيطرة على درعا التي ستصبح إذا ما سقطت ثالث عاصمة محافظة سورية يفقد الأسد السيطرة عليها منذ بدء الحرب بعد أن سيطر التنظيم المتشدد على الرقة وسيطر تحالف لفصائل سورية معارضة للنظام على إدلب. وتواجه حكومة الأسد ضغوطا عسكرية متزايدة منذ مارس آذار وفقدت السيطرة على أراض في شمال غرب وجنوب ووسط البلاد حيث سيطر التنظيم المتشدد على مدينة تدمر الشهر الماضي. وتقتصر سيطرة الأسد الآن في الأساس على المراكز السكنية الرئيسية في غرب سوريا حيث سعى إلى إحكام قبضته بمساعدة جماعة حزب الله الشيعية اللبنانية المتحالفة معه. وقال تحالف لجماعات معارضة يعرف باسم "الجبهة الجنوبية" إن هجومه على درعا بدأ فجرا. وامتدت آثار القتال إلى الأردن حيث أدت قذيفة صاروخية طائشة إلى مقتل بائع في سوق وإصابة آخرين. وقال عصام الريس وهو متحدث باسم الجبهة الجنوبية إن المعركة تستغرق وقتا وإنهم مستعدون لها وأضاف أنهم بدأوا القصف لكن لا يمكنهم تقييم الوضع حاليا. وقال خالد الهنوس محافظ درعا للتلفزيون السوري "هناك حرب حقيقية للارهابيين مع تكثيف الرمايات وبكافة الأسلحة والمدفعية على المواطنين في أحياء المدينة وعلى المستشفيات والمدارس والبنية التحتية."