النائب محمد الأجرود: كلمة السيسي تؤكد على اتخاذ كل الإجراءات لضمان نزاهة الانتخابات    بعد تكليفات الرئيس .. إجراءات غير مسبوقة لضمان نزاهة الانتخابات    الوطنية للانتخابات: قد نُلغِي الانتخابات كليًا أو في دوائر محددة إذا ثبتت المخالفات    نائب محافظ الدقهلية يتفقد مدينة جمصة والمنطقة الصناعية    محافظ البنك المركزي يترأس اجتماع المجموعة التشاورية الإقليمية للشرق الأوسط    لجان المقاومة الشعبية تعلن استشهاد أحد زعمائها في غزة    من ركلة جزاء.. الرأس الأخضر يتقدم بهدف أمام منتخب مصر «شاهد»    السيطرة على حريق بشقة سكنية في بنها    قرار جديد بشأن المتهمين في قضية خلية الهيكل الإداري    الأرصاد: غدا طقس مائل للحرارة نهارا مائل للبرودة ليلا والعظمى بالقاهرة 26    مصرع 3 عناصر إجرامية في تبادل لإطلاق النار مع الشرطة بكفر الزيات    معلم يعتدي على طالب في مدرسة بالإسكندرية    توقيع مذكرة تعاون بين مهرجاني «القاهرة» و«بغداد» السينمائيين    "هنو" و"حبشي" يتفقدان قصر ثقافة بورسعيد للوقوف على الأعمال المطلوبة لتطويره    رحلة القطعة الأثرية من الاكتشاف إلى العرض بالأعلى للثقافة    قصر العيني تنظم ورشة عمل حول التدريب النظري والعملي على أساسيات طب الحالات الحرجة    ولي العهد السعودي يتوجه إلى واشنطن لبحث التعاون في مجال الدفاع والطاقة النووية السلمية    التنسيقة تؤكد أهمية تمكين مندوبي المرشحين من الحصول عل الوثائق الرسمية بحصر الأصوات    وزيرة التضامن ومحافظ الفيوم يتفقدان مشروع خدمة المرأة العاملة بالحادقة    "من أجل قلوب أطفالنا"، الكشف الطبي على 288 حالة في مبادرة جامعة بنها    رئيسة وزراء بنجلاديش السابقة تعقب على حكم الإعدام.. ماذا قالت؟    الأطباء أوصوه بالحصول على فترة راحة.. تحسن ملحوظ في الحالة الصحية للموسيقار عمر خيرت    رئيس الوزراء يلتقي أعضاء اللجنة الاستشارية للشئون السياسية    لا تُجيد القراءة والكتابة.. الحاجة فاطمة تحفظ القرآن كاملًا في عمر ال80 بقنا: "دخلت محو الأمية علشان أعرف أحفظه"    رئيس الوزراء يلتقي أعضاء اللجنة الاستشارية للشئون السياسية    صادرات مصر من السلع نصف المصنعة بلغت 868.7 مليون دولار خلال يوليو 2025    مولاي الحسن يحتضن مباراة الأهلي والجيش الملكي    شيخ الأزهر يستقبل وزير التعليم العالي التشادي ويناقشان تعزيز التعاون الدعوي والعلمي    شاهد مناورة ودية.. "بث مباشر" مباراة مصر والجزائر اليوم الاثنين 17 نوفمبر 2025    تشكيل منتخب مصر المشارك في كأس العرب لودية الجزائر    هبوط المؤشر الرئيسى للبورصة بنسبة 0.35% بختام تعاملات جلسة الإثنين    القاهرة الإخبارية: اللجنة المصرية بغزة أقامت بمفردها 15 مخيما لمساعدة أهالي القطاع    انسحاب مئات العناصر من قوات الحرس الوطني من شيكاغو وبورتلاند    الجيش الملكي يعلن تغيير ملعب مباراته أمام الأهلي.. اعرف السبب!    مجمع البحوث الإسلامية يطلق مسابقة ثقافية لوعاظ الأزهر حول قضايا الأسرة    المتهم بقتل صديقه مهندس الإسكندرية في التحقيقات : صليت العصر وروحت أقتله    مياه كفر الشيخ: دورة تدريبية لرفع كفاءة العنصر البشري وتعزيز الثقافة العمالية    وكيل تعليم بني سويف تتابع انتظام الدراسة بمدارس المحافظة    وزير الخارجية يؤكد لنظيره السوداني رفض مصر الكامل لأي محاولات تستهدف تقسيم البلاد أو الإضرار باستقرارها    أبو الغيط: الحوار العربي- الصيني ضرورة استراتيجية في مواجهة تحولات العالم المتسارعة    موعد قرعة الملحقين الأوروبي والعالمي المؤهلين ل كأس العالم 2026    مصلحة الجمارك: منظومة ACI تخفض زمن الإفراج الجمركي جوا وتقلل تكاليف الاستيراد والتصدير    محافظ كفر الشيخ: الكشف على 1626 شخصا خلال قافلة طبية مجانية فى دسوق    موعد شهر رمضان 2026 فلكيًا .. تفاصيل    جاتزو بعد السقوط أمام النرويج: انهيار إيطاليا مقلق    إعادة الحركة المرورية بعد تصادم بين سيارتين على طريق "مصر–إسكندرية الزراعي"    كوريا الجنوبية تقترح محادثات مع نظيرتها الشمالية لترسيم الحدود    صحة بني سويف: افتتاح عيادة جديدة للأوعية الدموية بمستشفى الواسطى المركزي    توم كروز يتسلم جائزة الأوسكار الفخرية بخطاب مؤثر (فيديو)    دار الإفتاء: فوائد البنوك "حلال" ولا علاقة بها بالربا    وزارة العمل : تحرير 437 محضر حد أدنى للأجور.. و37 مخالفة لتراخيص الأجانب    وزير الصحة يشهد الاجتماع الأول للجنة العليا للمسئولية الطبية وسلامة المريض.. ما نتائجه؟    لكل من يحرص على المواظبة على أداء صلاة الفجر.. إليك بعض النصائح    أحمد سعد: الأطباء أوصوا ببقائي 5 أيام في المستشفى.. أنا دكتور نفسي وسأخرج خلال يومين    رئيس شعبة الذهب: البنك المركزي اشترى 1.8مليون طن في 2025    الفجر 4:52 مواقيت الصلاه اليوم الإثنين 17نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا    السيطرة على حريق نشب في سيارة ملاكي و4 موتوسيكلات بأرض فضاء بالزاوية الحمراء    لاعب الزمالك السابق: خوان بيزيرا صفقة سوبر وشيكو بانزا «غير سوي»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما بين حمدين وأبو الفتوح "مِحْتارة والله؟"
نشر في صدى البلد يوم 02 - 05 - 2012

هذا المقال غير موجه لمن يدعمون شفيق أو عمرو موسى، ببساطة لأنهم مع الثورة المضادة، وأمامهم بعض الوقت حتى يستيقظ وعيهم ويفيقوا من سباتهم. أما بقية المرشحين فمنهم الثوريون العظام ومنهم من يتاجرون بالإسلام تجارة كريهة، ولكن يجمعهم جميعا أن فرصهم في الرئاسة تكاد تكون معدومة.
صباحي وأبو الفتوح، هذا هو الاختيار الصعب، ودَعْكُم من نتائج الاستطلاعات التي أعتقد أنها مضللة بل ومشاركة مع قوى النظام القديم في تزييف عقول الشعب، والدليل على ذلك عينة هذه الاستطلاعات التي تبلغ 2425 فردا من أصحاب من يجيب من مالكي الموبايل أو التليفون الأرضي، في الوقت الذي قامت فيه "العربية نت" باستطلاع تفوق فيه صباحي محتلا المركز الأول بنسبة 34% ثم أبو الفتوح المركز الثاني بنسبة 32%، في حين أن صباحي يحتل المركز الرابع في استطلاعات النظام القديم، هذا مع العلم بأن عينة "العربية نت" بلغت 65 ألفا وليس ألفين ونصف فقط. عموما لا نأخذ بكليهما لأسباب كثيرة أهمها أن غالبية الناس لم يقرروا بعد اختيارهم لمرشح الرئاسة.
في البداية أقول طالما أنك مستقر على أحد هذين الثوريين، فنحن ومصر بخير والثورة الحبيبة مستمرة، ومصر الكريمة القوية قادمة بإذن الله. ولكن نظرا لأنك لا تستطيع أن تُبْطِل صوتك بالتصويت لصباحي وأبو الفتوح في نفس الوقت فلابد من المفاضلة والاختيار. ولننظر موضوعيا بقدر الإمكان إلى المقارنات التالية:
1. لا ينكر أحد أن أبو الفتوح مرشح يتبَع فلسفة "الإسلام السياسي"، فقد تربى وترعرع وشابَ عليها، والدلائل كثيرة آخرها تأييد السلفيين بنزعتهم التطرفية له. والسؤال : هل يصح أن يسيطر على السلطة التنفيذية بقيادة الرئيس فلسفة "الإسلام السياسي" بجانب السيطرة الحالية عل السلطة التشريعية؟ هنا تفقد مصر توازنها ووسطيتها وربما تتحول إلى "مصرستان"، والويل لنا حينئذ.
2. يقول البعض أن أبو الفتوح منشق عن الإخوان ومتحرر. من يضمن ذلك؟ هل يعتقد أحد أن أبو الفتوح = راشد الغنوشي أو = كمال الهلباوي؟ لو كان كذلك لانهال عليه الإخوان والسلفيون بالسهام والحراب والمولوتوف. إن انشقاقه المهذب، والمشتبه فيه والله أعلم بالضمائر، هو أقوى سلاح له الآن لكسب أصوات من أدركوا فشل الإخوان والسلفيين سواء من تابعيهم أو من غير تابعيهم أو من أمثالي المناوئين لفلسفة "الإسلام السياسي" والرافضين لخلط الدين الحنيف بالسياسة الانتهازية.
3. إذا نجح أبو الفتوح، وسيكون ذلك أساسا بسبب نزعة المصريين الفطرية للتدين ودعم الإخوانيين والسلفيين وغيرهم من المقتنعين بصحة فكرة "الإسلام السياسي" وخلط الدين بالسياسة، وهم نسبة هائلة بالمجتمع المصري، فحينئذ سيكون أبو الفتوح مدينا لهؤلاء جميعا، وسوف تنحاز استراتيجيته واختياراته لفكرة "الإسلام السياسي" التي لا تبني دولة، وإنما تروج لشكليات تافهة أحيانا، وغير جوهرية أحيانا أخرى مثل زواج القصر أو ختان البنات أو قهر المرأة والانتقاص من إنسانيتها أو تطبيق الحدود بلا حصانة فقه الفاروق أو فقه علي رضي الله عنهما. جماعة الإخوان المسلمين، سواء برغبة أبو الفتوح أو عدم رغبته، ستنفصل عن الحزب السياسي التابع لها (الحرية والعدالة) وستصبح جمعية أهلية بحكم القانون إذا أرادت أن تبقى في مصر المعاصرة عاجلا أم آجلا، ومن ثم فلا يجب أن يتوقع البعض أنه بمجرد تنصيب أبو الفتوح رئيسا سيقوم بالانتقام من خيرت الشاطر والإخوان فهو إنسان يعلم ما ستؤول إليه الجماعة، كما أنه إنسان نقي فعلا ومتسامح، وهو الذي قال "أخويا بديع سينتخبني عندما يخلو لضميره عند صندوق الانتخابات".
4. بحكم تخصصي وممارستي الطويلة أكاديميا وعمليا لمجال التنمية وعلم اجتماع التنمية وبناء المجتمعات وتطويرها أقول بكل تواضع أن برنامج حمدين صباحي للنهضة يتفوق على برنامج أبو الفتوح. ودون تعقيد وإرهاق لذهن القارئ أذكر مؤشرا واحدا فقط. يدعو الحبيبان النوران صباحي وأبو الفتوح للعدالة الاجتماعية، وهذا هو جوهر الثورة ونجاحها، ولكن انظر: أبو الفتوح لا يوافق على الضريبة التصاعدية، مع أنها تحمل في طياتها ومضمونها وغاياتها مضمون وغايات الزكاة، ركن الإسلام الثالث، "الم، ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ، الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ." هذا بالرغم من تطبيق هذه الضريبة في الدول معاقل الرأسمالية العالمية اليوم في أمريكا وأوروبا، ويوضح هذا نزعة عدم الخوف من الرأسمالية المتوحشة في فكر أبو الفتوح المشحون بما يعلمه عن مشروعات الإخوان الريعية والاستهلاكية والخدمية والبعيدة تماما عن بناء الدولة الصلبة والباحثة عن إعفاءات ومزايا الرأسماليين المتوحشين كما رأيناهم بين كهنة مبارك ولصوصه وحاشيته.
5. لو كان اختيار رئيس الجمهورية يتحدد بالعاطفة والشعور والإحساس الشخصي تجاه المرشح لاخترت أبو الفتوح، مع حبي أيضا لحمدين والذي يقل قليلا جدا عن حبي وميلي الشخصي لأبو الفتوح وذلك لسبب هو أدعى لتفضيلي لحمدين كرئيس جمهورية وهو أنه رجل سياسي بدرجة تفوق كثيرا أبو الفتوح. هذا المركز يحتاج رجلا سياسيا، أو بمعنى أدق رجل دولة، يستطيع أن يحقق التوازن بين القوى السياسية الداخلية والخارجية وبين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، وهي قدرات يعتقد البعض أنها تتواجد بصورة كبيرة لدي عمرو موسى، وقد يكون الأمر كذلك بالفعل ولكن إذا زاد الشيء عن حده انقلب إلى ضده، وهذا هو الحال مع موسى.
6. يخاف الناس من أبو الفتوح بسبب توجهه الإسلامي السياسي، كما يخاف البعض أيضا من صباحي بسبب توجهه القومي أو الناصري. الإسلاميون سيضغطون على أبو الفتوح لو أصبح رئيسا وهم قوة هائلة، فأين الناصريون أو القوميون الذين سيضغطون على صباحي؟ الخطر من الإسلام السياسي أخطر بكثير جدا من الخطر من الفكر "الاشتراكي". الأول مشروع سياسي أيديولوجي أما الثاني فهو مشروع اجتماعي اقتصادي يرتكز على العدالة جوهر الحكم والأمن والكرامة. لماذا نلصق صباحي بعبد الناصر؟ إذا كان الأمر حتما وفرضا على العقول الجامدة، فعبد الناصر بالرغم من أخطائه يتفوق بفراسخ وأميال على السادات صاحب مشروع الانبطاح والتدهور الخلقي والسلوكي ومبارك صاحب مشروع النهب والفساد. أما مشروع "الإسلام السياسي" فهو مشروع استمرار الانحطاط المعاصر لما آل إليه حال المسلمين في منطقة هبوط الوحي والأديان والذي تموله القوى الحامية والمستفيدة من هذا الانحطاط المهين.
الخلاصة: هذه بعض الخواطر لإثارة الفكر واتخاذ القرار الحر، ولكن في النهاية كما قلت مقدما لو انحصر اختيارك بين النورين صباحي وأبو الفتوح، فلنحمد الله سبحانه وتعالى، ولنطمئن على مصر الجديدة، ويقينا الله شر الاختيارات الأخرى ممن لهم فرص حقيقية. والأهم من ذلك أن نحدد قرارنا قبل أن نقف في الصفوف ونخضع لابتزاز المستقبلين لسيادتك من أنصار "الإسلام السياسي" يدعونك للإسلام والبعد عن الفسق والزندقة، ويزيفون إرادتك مرة أخرى، كما ننتظر، كما سأنتظر أنا شخصيا، التطورات والأحداث التي ستتم في الأسابيع القليلة الباقية سواء من جانب المرشحين أو من جانب المجلس العسكري والطرف الثالث، ويكفينا الله شر لقاء آن باترسون سفيرة أمريكا مع الشاطر ومن بعده جون ماكين.
هذا المقال غير موجه لمن يدعمون شفيق أو عمرو موسى، ببساطة لأنهم مع الثورة المضادة، وأمامهم بعض الوقت حتى يستيقظ وعيهم ويفيقوا من سباتهم. أما بقية المرشحين فمنهم الثوريون العظام ومنهم من يتاجرون بالإسلام تجارة كريهة، ولكن يجمعهم جميعا أن فرصهم في الرئاسة تكاد تكون معدومة.
صباحي وأبو الفتوح، هذا هو الاختيار الصعب، ودَعْكُم من نتائج الاستطلاعات التي أعتقد أنها مضللة بل ومشاركة مع قوى النظام القديم في تزييف عقول الشعب، والدليل على ذلك عينة هذه الاستطلاعات التي تبلغ 2425 فردا من أصحاب من يجيب من مالكي الموبايل أو التليفون الأرضي، في الوقت الذي قامت فيه "العربية نت" باستطلاع تفوق فيه صباحي محتلا المركز الأول بنسبة 34% ثم أبو الفتوح المركز الثاني بنسبة 32%، في حين أن صباحي يحتل المركز الرابع في استطلاعات النظام القديم، هذا مع العلم بأن عينة "العربية نت" بلغت 65 ألفا وليس ألفين ونصف فقط. عموما لا نأخذ بكليهما لأسباب كثيرة أهمها أن غالبية الناس لم يقرروا بعد اختيارهم لمرشح الرئاسة.
في البداية أقول طالما أنك مستقر على أحد هذين الثوريين، فنحن ومصر بخير والثورة الحبيبة مستمرة، ومصر الكريمة القوية قادمة بإذن الله. ولكن نظرا لأنك لا تستطيع أن تُبْطِل صوتك بالتصويت لصباحي وأبو الفتوح في نفس الوقت فلابد من المفاضلة والاختيار. ولننظر موضوعيا بقدر الإمكان إلى المقارنات التالية:
1. لا ينكر أحد أن أبو الفتوح مرشح يتبَع فلسفة "الإسلام السياسي"، فقد تربى وترعرع وشابَ عليها، والدلائل كثيرة آخرها تأييد السلفيين بنزعتهم التطرفية له. والسؤال : هل يصح أن يسيطر على السلطة التنفيذية بقيادة الرئيس فلسفة "الإسلام السياسي" بجانب السيطرة الحالية عل السلطة التشريعية؟ هنا تفقد مصر توازنها ووسطيتها وربما تتحول إلى "مصرستان"، والويل لنا حينئذ.
2. يقول البعض أن أبو الفتوح منشق عن الإخوان ومتحرر. من يضمن ذلك؟ هل يعتقد أحد أن أبو الفتوح = راشد الغنوشي أو = كمال الهلباوي؟ لو كان كذلك لانهال عليه الإخوان والسلفيون بالسهام والحراب والمولوتوف. إن انشقاقه المهذب، والمشتبه فيه والله أعلم بالضمائر، هو أقوى سلاح له الآن لكسب أصوات من أدركوا فشل الإخوان والسلفيين سواء من تابعيهم أو من غير تابعيهم أو من أمثالي المناوئين لفلسفة "الإسلام السياسي" والرافضين لخلط الدين الحنيف بالسياسة الانتهازية.
3. إذا نجح أبو الفتوح، وسيكون ذلك أساسا بسبب نزعة المصريين الفطرية للتدين ودعم الإخوانيين والسلفيين وغيرهم من المقتنعين بصحة فكرة "الإسلام السياسي" وخلط الدين بالسياسة، وهم نسبة هائلة بالمجتمع المصري، فحينئذ سيكون أبو الفتوح مدينا لهؤلاء جميعا، وسوف تنحاز استراتيجيته واختياراته لفكرة "الإسلام السياسي" التي لا تبني دولة، وإنما تروج لشكليات تافهة أحيانا، وغير جوهرية أحيانا أخرى مثل زواج القصر أو ختان البنات أو قهر المرأة والانتقاص من إنسانيتها أو تطبيق الحدود بلا حصانة فقه الفاروق أو فقه علي رضي الله عنهما. جماعة الإخوان المسلمين، سواء برغبة أبو الفتوح أو عدم رغبته، ستنفصل عن الحزب السياسي التابع لها (الحرية والعدالة) وستصبح جمعية أهلية بحكم القانون إذا أرادت أن تبقى في مصر المعاصرة عاجلا أم آجلا، ومن ثم فلا يجب أن يتوقع البعض أنه بمجرد تنصيب أبو الفتوح رئيسا سيقوم بالانتقام من خيرت الشاطر والإخوان فهو إنسان يعلم ما ستؤول إليه الجماعة، كما أنه إنسان نقي فعلا ومتسامح، وهو الذي قال "أخويا بديع سينتخبني عندما يخلو لضميره عند صندوق الانتخابات".
4. بحكم تخصصي وممارستي الطويلة أكاديميا وعمليا لمجال التنمية وعلم اجتماع التنمية وبناء المجتمعات وتطويرها أقول بكل تواضع أن برنامج حمدين صباحي للنهضة يتفوق على برنامج أبو الفتوح. ودون تعقيد وإرهاق لذهن القارئ أذكر مؤشرا واحدا فقط. يدعو الحبيبان النوران صباحي وأبو الفتوح للعدالة الاجتماعية، وهذا هو جوهر الثورة ونجاحها، ولكن انظر: أبو الفتوح لا يوافق على الضريبة التصاعدية، مع أنها تحمل في طياتها ومضمونها وغاياتها مضمون وغايات الزكاة، ركن الإسلام الثالث، "الم، ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ، الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ." هذا بالرغم من تطبيق هذه الضريبة في الدول معاقل الرأسمالية العالمية اليوم في أمريكا وأوروبا، ويوضح هذا نزعة عدم الخوف من الرأسمالية المتوحشة في فكر أبو الفتوح المشحون بما يعلمه عن مشروعات الإخوان الريعية والاستهلاكية والخدمية والبعيدة تماما عن بناء الدولة الصلبة والباحثة عن إعفاءات ومزايا الرأسماليين المتوحشين كما رأيناهم بين كهنة مبارك ولصوصه وحاشيته.
5. لو كان اختيار رئيس الجمهورية يتحدد بالعاطفة والشعور والإحساس الشخصي تجاه المرشح لاخترت أبو الفتوح، مع حبي أيضا لحمدين والذي يقل قليلا جدا عن حبي وميلي الشخصي لأبو الفتوح وذلك لسبب هو أدعى لتفضيلي لحمدين كرئيس جمهورية وهو أنه رجل سياسي بدرجة تفوق كثيرا أبو الفتوح. هذا المركز يحتاج رجلا سياسيا، أو بمعنى أدق رجل دولة، يستطيع أن يحقق التوازن بين القوى السياسية الداخلية والخارجية وبين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، وهي قدرات يعتقد البعض أنها تتواجد بصورة كبيرة لدي عمرو موسى، وقد يكون الأمر كذلك بالفعل ولكن إذا زاد الشيء عن حده انقلب إلى ضده، وهذا هو الحال مع موسى.
6. يخاف الناس من أبو الفتوح بسبب توجهه الإسلامي السياسي، كما يخاف البعض أيضا من صباحي بسبب توجهه القومي أو الناصري. الإسلاميون سيضغطون على أبو الفتوح لو أصبح رئيسا وهم قوة هائلة، فأين الناصريون أو القوميون الذين سيضغطون على صباحي؟ الخطر من الإسلام السياسي أخطر بكثير جدا من الخطر من الفكر "الاشتراكي". الأول مشروع سياسي أيديولوجي أما الثاني فهو مشروع اجتماعي اقتصادي يرتكز على العدالة جوهر الحكم والأمن والكرامة. لماذا نلصق صباحي بعبد الناصر؟ إذا كان الأمر حتما وفرضا على العقول الجامدة، فعبد الناصر بالرغم من أخطائه يتفوق بفراسخ وأميال على السادات صاحب مشروع الانبطاح والتدهور الخلقي والسلوكي ومبارك صاحب مشروع النهب والفساد. أما مشروع "الإسلام السياسي" فهو مشروع استمرار الانحطاط المعاصر لما آل إليه حال المسلمين في منطقة هبوط الوحي والأديان والذي تموله القوى الحامية والمستفيدة من هذا الانحطاط المهين.
الخلاصة: هذه بعض الخواطر لإثارة الفكر واتخاذ القرار الحر، ولكن في النهاية كما قلت مقدما لو انحصر اختيارك بين النورين صباحي وأبو الفتوح، فلنحمد الله سبحانه وتعالى، ولنطمئن على مصر الجديدة، ويقينا الله شر الاختيارات الأخرى ممن لهم فرص حقيقية. والأهم من ذلك أن نحدد قرارنا قبل أن نقف في الصفوف ونخضع لابتزاز المستقبلين لسيادتك من أنصار "الإسلام السياسي" يدعونك للإسلام والبعد عن الفسق والزندقة، ويزيفون إرادتك مرة أخرى، كما ننتظر، كما سأنتظر أنا شخصيا، التطورات والأحداث التي ستتم في الأسابيع القليلة الباقية سواء من جانب المرشحين أو من جانب المجلس العسكري والطرف الثالث، ويكفينا الله شر لقاء آن باترسون سفيرة أمريكا مع الشاطر ومن بعده جون ماكين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.