حالة الطقس اليوم 10 مايو| تحذيرات من أجواء ملتهبة وموجة شديدة الحرارة    باكستان تعلن استهداف الهند ل3 قواعد جوية بصواريخ    المركزي للتعبئة العامة والإحصاء يعلن اليوم معدل التضخم لشهر أبريل    د. حسين خالد يكتب: جودة التعليم العالى (2)    ذهب وشقة فاخرة وسيارة مصفحة، كيف تتحول حياة البابا ليو بعد تنصيبه؟    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه اليوم بعد انخفاضه في البنوك    جوجل توافق على دفع أكبر غرامة في تاريخ أمريكا بسبب جمع بيانات المستخدمين دون إذن    الرئيس السيسي يعود إلى أرض الوطن بعد مشاركته في احتفالات عيد النصر في موسكو    بعد 8 ساعات.. السيطرة على حريق شونة الكتان بشبرا ملس    نشرة التوك شو| البترول تعلق على أزمة البنزين المغشوش.. وتفاصيل جديدة في أزمة بوسي شلبي    طحالب خضراء تسد الفجوة بنسبة 15%| «الكلوريلا».. مستقبل إنتاج الأعلاف    شعبة الأجهزة الكهربائية: المعلومات أحد التحديات التي تواجه صغار المصنعين    برلمانية: 100 ألف ريال غرامة الذهاب للحج بدون تأشيرة    مدير مدرسة السلام في واقعة الاعتداء: «الخناقة حصلت بين الناس اللي شغالين عندي وأولياء الأمور»    جيش الاحتلال يصيب فلسطينيين بالرصاص الحي بالضفة الغربية    الشعب الجمهوري بالمنيا ينظم احتفالية كبرى لتكريم الأمهات المثاليات.. صور    طريقة عمل الخبيزة، أكلة شعبية لذيذة وسهلة التحضير    سعر الذهب اليوم وعيار 21 الآن بعد آخر تراجع بمستهل تعاملات السبت 10 مايو 2025    الشقة ب5 جنيهات في الشهر| جراحة دقيقة بالبرلمان لتعديل قانون الإيجار القديم    استشهاد قائد كتيبة جنين في نابلس واقتحامات تطال رام الله    زعيم كوريا الشمالية: مشاركتنا في الحرب الروسية الأوكرانية مبررة    العثور على جثة متفحمة داخل أرض زراعية بمنشأة القناطر    الهند تستهدف 3 قواعد جوية باكستانية بصواريخ دقيقة    هل تجوز صلاة الرجل ب"الفانلة" بسبب ارتفاع الحرارة؟.. الإفتاء توضح    الترسانة يواجه «وي» في افتتاح مباريات الجولة ال 35 بدوري المحترفين    عقب الفوز على بيراميدز.. رئيس البنك الأهلي: نريد تأمين المركز الرابع    ملك أحمد زاهر تشارك الجمهور صورًا مع عائلتها.. وتوجه رسالة لشقيقتها ليلى    «زي النهارده».. وفاة الأديب والمفكر مصطفى صادق الرافعي 10 مايو 1937    تكريم منى زكي كأفضل ممثلة بمهرجان المركز الكاثوليكي للسينما    «غرفة السياحة» تجمع بيانات المعتمرين المتخلفين عن العودة    «ليه منكبرش النحاس».. تعليق مثير من سيد عبدالحفيظ على أنباء اتفاق الأهلي مع جوميز    «زي النهارده».. وفاة الفنانة هالة فؤاد 10 مايو 1993    «صحة القاهرة» تكثف الاستعدادات لاعتماد وحداتها الطبية من «GAHAR»    حريق ضخم يلتهم مخزن عبوات بلاستيكية بالمنوفية    عباسى يقود "فتاة الآرل" على أنغام السيمفونى بالأوبرا    حدث في منتصف الليل| ننشر تفاصيل لقاء الرئيس السيسي ونظيره الروسي.. والعمل تعلن عن وظائف جديدة    تعرف على منافس منتخب مصر في ربع نهائي كأس أمم أفريقيا للشباب    رايو فاليكانو يحقق فوزا ثمينا أمام لاس بالماس بالدوري الإسباني    ستاندرد آند بورز تُبقي على التصنيف الائتماني لإسرائيل مع نظرة مستقبلية سلبية    الأعراض المبكرة للاكتئاب وكيف يمكن أن يتطور إلى حاد؟    عمرو أديب بعد هزيمة بيراميدز: البنك الأهلي أحسن بنك في مصر.. والزمالك ظالم وليس مظلومًا    «بُص في ورقتك».. سيد عبدالحفيظ يعلق على هزيمة بيراميدز بالدوري    هيثم فاروق يكشف عيب خطير في نجم الزمالك.. ويؤكد: «الأهداف الأخيرة بسببه»    يسرا عن أزمة بوسي شلبي: «لحد آخر يوم في عمره كانت زوجته على سُنة الله ورسوله»    انطلاق مهرجان المسرح العالمي «دورة الأساتذة» بمعهد الفنون المسرحية| فيديو    بسبب عقب سيجارة.. نفوق 110 رأس أغنام في حريق حظيرة ومزرعة بالمنيا    أمين الفتوى: طواف الوداع سنة.. والحج صحيح دون فدية لمن تركه لعذر (فيديو)    النائب العام يلتقي أعضاء النيابة العامة وموظفيها بدائرة نيابة استئناف المنصورة    جامعة القاهرة تكرّم رئيس المحكمة الدستورية العليا تقديرًا لمسيرته القضائية    البترول: تلقينا 681 شكوى ليست جميعها مرتبطة بالبنزين.. وسنعلن النتائج بشفافية    متابعة للأداء وتوجيهات تطويرية جديدة.. النائب العام يلتقي أعضاء وموظفي نيابة استئناف المنصورة    «لماذا الجبن مع البطيخ؟».. «العلم» يكشف سر هذا الثنائي المدهش لعشاقه    ما حكم من ترك طواف الوداع في الحج؟.. أمين الفتوى يوضح (فيديو)    خطيب الجامع الأزهر: الحديث بغير علم في أمور الدين تجرُؤ واستخفاف يقود للفتنة    ضبط تشكيل عصابي انتحلوا صفة لسرقة المواطنين بعين شمس    البابا لاون الرابع عشر في قداس احتفالي: "رنموا للرب ترنيمة جديدة لأنه صنع العجائب"    هل يجوز الحج عن الوالدين؟ الإفتاء تُجيب    رئيس الوزراء يؤكد حِرصه على المتابعة المستمرة لأداء منظومة الشكاوى الحكومية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما بين حمدين وأبو الفتوح "مِحْتارة والله؟"
نشر في صدى البلد يوم 02 - 05 - 2012

هذا المقال غير موجه لمن يدعمون شفيق أو عمرو موسى، ببساطة لأنهم مع الثورة المضادة، وأمامهم بعض الوقت حتى يستيقظ وعيهم ويفيقوا من سباتهم. أما بقية المرشحين فمنهم الثوريون العظام ومنهم من يتاجرون بالإسلام تجارة كريهة، ولكن يجمعهم جميعا أن فرصهم في الرئاسة تكاد تكون معدومة.
صباحي وأبو الفتوح، هذا هو الاختيار الصعب، ودَعْكُم من نتائج الاستطلاعات التي أعتقد أنها مضللة بل ومشاركة مع قوى النظام القديم في تزييف عقول الشعب، والدليل على ذلك عينة هذه الاستطلاعات التي تبلغ 2425 فردا من أصحاب من يجيب من مالكي الموبايل أو التليفون الأرضي، في الوقت الذي قامت فيه "العربية نت" باستطلاع تفوق فيه صباحي محتلا المركز الأول بنسبة 34% ثم أبو الفتوح المركز الثاني بنسبة 32%، في حين أن صباحي يحتل المركز الرابع في استطلاعات النظام القديم، هذا مع العلم بأن عينة "العربية نت" بلغت 65 ألفا وليس ألفين ونصف فقط. عموما لا نأخذ بكليهما لأسباب كثيرة أهمها أن غالبية الناس لم يقرروا بعد اختيارهم لمرشح الرئاسة.
في البداية أقول طالما أنك مستقر على أحد هذين الثوريين، فنحن ومصر بخير والثورة الحبيبة مستمرة، ومصر الكريمة القوية قادمة بإذن الله. ولكن نظرا لأنك لا تستطيع أن تُبْطِل صوتك بالتصويت لصباحي وأبو الفتوح في نفس الوقت فلابد من المفاضلة والاختيار. ولننظر موضوعيا بقدر الإمكان إلى المقارنات التالية:
1. لا ينكر أحد أن أبو الفتوح مرشح يتبَع فلسفة "الإسلام السياسي"، فقد تربى وترعرع وشابَ عليها، والدلائل كثيرة آخرها تأييد السلفيين بنزعتهم التطرفية له. والسؤال : هل يصح أن يسيطر على السلطة التنفيذية بقيادة الرئيس فلسفة "الإسلام السياسي" بجانب السيطرة الحالية عل السلطة التشريعية؟ هنا تفقد مصر توازنها ووسطيتها وربما تتحول إلى "مصرستان"، والويل لنا حينئذ.
2. يقول البعض أن أبو الفتوح منشق عن الإخوان ومتحرر. من يضمن ذلك؟ هل يعتقد أحد أن أبو الفتوح = راشد الغنوشي أو = كمال الهلباوي؟ لو كان كذلك لانهال عليه الإخوان والسلفيون بالسهام والحراب والمولوتوف. إن انشقاقه المهذب، والمشتبه فيه والله أعلم بالضمائر، هو أقوى سلاح له الآن لكسب أصوات من أدركوا فشل الإخوان والسلفيين سواء من تابعيهم أو من غير تابعيهم أو من أمثالي المناوئين لفلسفة "الإسلام السياسي" والرافضين لخلط الدين الحنيف بالسياسة الانتهازية.
3. إذا نجح أبو الفتوح، وسيكون ذلك أساسا بسبب نزعة المصريين الفطرية للتدين ودعم الإخوانيين والسلفيين وغيرهم من المقتنعين بصحة فكرة "الإسلام السياسي" وخلط الدين بالسياسة، وهم نسبة هائلة بالمجتمع المصري، فحينئذ سيكون أبو الفتوح مدينا لهؤلاء جميعا، وسوف تنحاز استراتيجيته واختياراته لفكرة "الإسلام السياسي" التي لا تبني دولة، وإنما تروج لشكليات تافهة أحيانا، وغير جوهرية أحيانا أخرى مثل زواج القصر أو ختان البنات أو قهر المرأة والانتقاص من إنسانيتها أو تطبيق الحدود بلا حصانة فقه الفاروق أو فقه علي رضي الله عنهما. جماعة الإخوان المسلمين، سواء برغبة أبو الفتوح أو عدم رغبته، ستنفصل عن الحزب السياسي التابع لها (الحرية والعدالة) وستصبح جمعية أهلية بحكم القانون إذا أرادت أن تبقى في مصر المعاصرة عاجلا أم آجلا، ومن ثم فلا يجب أن يتوقع البعض أنه بمجرد تنصيب أبو الفتوح رئيسا سيقوم بالانتقام من خيرت الشاطر والإخوان فهو إنسان يعلم ما ستؤول إليه الجماعة، كما أنه إنسان نقي فعلا ومتسامح، وهو الذي قال "أخويا بديع سينتخبني عندما يخلو لضميره عند صندوق الانتخابات".
4. بحكم تخصصي وممارستي الطويلة أكاديميا وعمليا لمجال التنمية وعلم اجتماع التنمية وبناء المجتمعات وتطويرها أقول بكل تواضع أن برنامج حمدين صباحي للنهضة يتفوق على برنامج أبو الفتوح. ودون تعقيد وإرهاق لذهن القارئ أذكر مؤشرا واحدا فقط. يدعو الحبيبان النوران صباحي وأبو الفتوح للعدالة الاجتماعية، وهذا هو جوهر الثورة ونجاحها، ولكن انظر: أبو الفتوح لا يوافق على الضريبة التصاعدية، مع أنها تحمل في طياتها ومضمونها وغاياتها مضمون وغايات الزكاة، ركن الإسلام الثالث، "الم، ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ، الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ." هذا بالرغم من تطبيق هذه الضريبة في الدول معاقل الرأسمالية العالمية اليوم في أمريكا وأوروبا، ويوضح هذا نزعة عدم الخوف من الرأسمالية المتوحشة في فكر أبو الفتوح المشحون بما يعلمه عن مشروعات الإخوان الريعية والاستهلاكية والخدمية والبعيدة تماما عن بناء الدولة الصلبة والباحثة عن إعفاءات ومزايا الرأسماليين المتوحشين كما رأيناهم بين كهنة مبارك ولصوصه وحاشيته.
5. لو كان اختيار رئيس الجمهورية يتحدد بالعاطفة والشعور والإحساس الشخصي تجاه المرشح لاخترت أبو الفتوح، مع حبي أيضا لحمدين والذي يقل قليلا جدا عن حبي وميلي الشخصي لأبو الفتوح وذلك لسبب هو أدعى لتفضيلي لحمدين كرئيس جمهورية وهو أنه رجل سياسي بدرجة تفوق كثيرا أبو الفتوح. هذا المركز يحتاج رجلا سياسيا، أو بمعنى أدق رجل دولة، يستطيع أن يحقق التوازن بين القوى السياسية الداخلية والخارجية وبين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، وهي قدرات يعتقد البعض أنها تتواجد بصورة كبيرة لدي عمرو موسى، وقد يكون الأمر كذلك بالفعل ولكن إذا زاد الشيء عن حده انقلب إلى ضده، وهذا هو الحال مع موسى.
6. يخاف الناس من أبو الفتوح بسبب توجهه الإسلامي السياسي، كما يخاف البعض أيضا من صباحي بسبب توجهه القومي أو الناصري. الإسلاميون سيضغطون على أبو الفتوح لو أصبح رئيسا وهم قوة هائلة، فأين الناصريون أو القوميون الذين سيضغطون على صباحي؟ الخطر من الإسلام السياسي أخطر بكثير جدا من الخطر من الفكر "الاشتراكي". الأول مشروع سياسي أيديولوجي أما الثاني فهو مشروع اجتماعي اقتصادي يرتكز على العدالة جوهر الحكم والأمن والكرامة. لماذا نلصق صباحي بعبد الناصر؟ إذا كان الأمر حتما وفرضا على العقول الجامدة، فعبد الناصر بالرغم من أخطائه يتفوق بفراسخ وأميال على السادات صاحب مشروع الانبطاح والتدهور الخلقي والسلوكي ومبارك صاحب مشروع النهب والفساد. أما مشروع "الإسلام السياسي" فهو مشروع استمرار الانحطاط المعاصر لما آل إليه حال المسلمين في منطقة هبوط الوحي والأديان والذي تموله القوى الحامية والمستفيدة من هذا الانحطاط المهين.
الخلاصة: هذه بعض الخواطر لإثارة الفكر واتخاذ القرار الحر، ولكن في النهاية كما قلت مقدما لو انحصر اختيارك بين النورين صباحي وأبو الفتوح، فلنحمد الله سبحانه وتعالى، ولنطمئن على مصر الجديدة، ويقينا الله شر الاختيارات الأخرى ممن لهم فرص حقيقية. والأهم من ذلك أن نحدد قرارنا قبل أن نقف في الصفوف ونخضع لابتزاز المستقبلين لسيادتك من أنصار "الإسلام السياسي" يدعونك للإسلام والبعد عن الفسق والزندقة، ويزيفون إرادتك مرة أخرى، كما ننتظر، كما سأنتظر أنا شخصيا، التطورات والأحداث التي ستتم في الأسابيع القليلة الباقية سواء من جانب المرشحين أو من جانب المجلس العسكري والطرف الثالث، ويكفينا الله شر لقاء آن باترسون سفيرة أمريكا مع الشاطر ومن بعده جون ماكين.
هذا المقال غير موجه لمن يدعمون شفيق أو عمرو موسى، ببساطة لأنهم مع الثورة المضادة، وأمامهم بعض الوقت حتى يستيقظ وعيهم ويفيقوا من سباتهم. أما بقية المرشحين فمنهم الثوريون العظام ومنهم من يتاجرون بالإسلام تجارة كريهة، ولكن يجمعهم جميعا أن فرصهم في الرئاسة تكاد تكون معدومة.
صباحي وأبو الفتوح، هذا هو الاختيار الصعب، ودَعْكُم من نتائج الاستطلاعات التي أعتقد أنها مضللة بل ومشاركة مع قوى النظام القديم في تزييف عقول الشعب، والدليل على ذلك عينة هذه الاستطلاعات التي تبلغ 2425 فردا من أصحاب من يجيب من مالكي الموبايل أو التليفون الأرضي، في الوقت الذي قامت فيه "العربية نت" باستطلاع تفوق فيه صباحي محتلا المركز الأول بنسبة 34% ثم أبو الفتوح المركز الثاني بنسبة 32%، في حين أن صباحي يحتل المركز الرابع في استطلاعات النظام القديم، هذا مع العلم بأن عينة "العربية نت" بلغت 65 ألفا وليس ألفين ونصف فقط. عموما لا نأخذ بكليهما لأسباب كثيرة أهمها أن غالبية الناس لم يقرروا بعد اختيارهم لمرشح الرئاسة.
في البداية أقول طالما أنك مستقر على أحد هذين الثوريين، فنحن ومصر بخير والثورة الحبيبة مستمرة، ومصر الكريمة القوية قادمة بإذن الله. ولكن نظرا لأنك لا تستطيع أن تُبْطِل صوتك بالتصويت لصباحي وأبو الفتوح في نفس الوقت فلابد من المفاضلة والاختيار. ولننظر موضوعيا بقدر الإمكان إلى المقارنات التالية:
1. لا ينكر أحد أن أبو الفتوح مرشح يتبَع فلسفة "الإسلام السياسي"، فقد تربى وترعرع وشابَ عليها، والدلائل كثيرة آخرها تأييد السلفيين بنزعتهم التطرفية له. والسؤال : هل يصح أن يسيطر على السلطة التنفيذية بقيادة الرئيس فلسفة "الإسلام السياسي" بجانب السيطرة الحالية عل السلطة التشريعية؟ هنا تفقد مصر توازنها ووسطيتها وربما تتحول إلى "مصرستان"، والويل لنا حينئذ.
2. يقول البعض أن أبو الفتوح منشق عن الإخوان ومتحرر. من يضمن ذلك؟ هل يعتقد أحد أن أبو الفتوح = راشد الغنوشي أو = كمال الهلباوي؟ لو كان كذلك لانهال عليه الإخوان والسلفيون بالسهام والحراب والمولوتوف. إن انشقاقه المهذب، والمشتبه فيه والله أعلم بالضمائر، هو أقوى سلاح له الآن لكسب أصوات من أدركوا فشل الإخوان والسلفيين سواء من تابعيهم أو من غير تابعيهم أو من أمثالي المناوئين لفلسفة "الإسلام السياسي" والرافضين لخلط الدين الحنيف بالسياسة الانتهازية.
3. إذا نجح أبو الفتوح، وسيكون ذلك أساسا بسبب نزعة المصريين الفطرية للتدين ودعم الإخوانيين والسلفيين وغيرهم من المقتنعين بصحة فكرة "الإسلام السياسي" وخلط الدين بالسياسة، وهم نسبة هائلة بالمجتمع المصري، فحينئذ سيكون أبو الفتوح مدينا لهؤلاء جميعا، وسوف تنحاز استراتيجيته واختياراته لفكرة "الإسلام السياسي" التي لا تبني دولة، وإنما تروج لشكليات تافهة أحيانا، وغير جوهرية أحيانا أخرى مثل زواج القصر أو ختان البنات أو قهر المرأة والانتقاص من إنسانيتها أو تطبيق الحدود بلا حصانة فقه الفاروق أو فقه علي رضي الله عنهما. جماعة الإخوان المسلمين، سواء برغبة أبو الفتوح أو عدم رغبته، ستنفصل عن الحزب السياسي التابع لها (الحرية والعدالة) وستصبح جمعية أهلية بحكم القانون إذا أرادت أن تبقى في مصر المعاصرة عاجلا أم آجلا، ومن ثم فلا يجب أن يتوقع البعض أنه بمجرد تنصيب أبو الفتوح رئيسا سيقوم بالانتقام من خيرت الشاطر والإخوان فهو إنسان يعلم ما ستؤول إليه الجماعة، كما أنه إنسان نقي فعلا ومتسامح، وهو الذي قال "أخويا بديع سينتخبني عندما يخلو لضميره عند صندوق الانتخابات".
4. بحكم تخصصي وممارستي الطويلة أكاديميا وعمليا لمجال التنمية وعلم اجتماع التنمية وبناء المجتمعات وتطويرها أقول بكل تواضع أن برنامج حمدين صباحي للنهضة يتفوق على برنامج أبو الفتوح. ودون تعقيد وإرهاق لذهن القارئ أذكر مؤشرا واحدا فقط. يدعو الحبيبان النوران صباحي وأبو الفتوح للعدالة الاجتماعية، وهذا هو جوهر الثورة ونجاحها، ولكن انظر: أبو الفتوح لا يوافق على الضريبة التصاعدية، مع أنها تحمل في طياتها ومضمونها وغاياتها مضمون وغايات الزكاة، ركن الإسلام الثالث، "الم، ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ، الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ." هذا بالرغم من تطبيق هذه الضريبة في الدول معاقل الرأسمالية العالمية اليوم في أمريكا وأوروبا، ويوضح هذا نزعة عدم الخوف من الرأسمالية المتوحشة في فكر أبو الفتوح المشحون بما يعلمه عن مشروعات الإخوان الريعية والاستهلاكية والخدمية والبعيدة تماما عن بناء الدولة الصلبة والباحثة عن إعفاءات ومزايا الرأسماليين المتوحشين كما رأيناهم بين كهنة مبارك ولصوصه وحاشيته.
5. لو كان اختيار رئيس الجمهورية يتحدد بالعاطفة والشعور والإحساس الشخصي تجاه المرشح لاخترت أبو الفتوح، مع حبي أيضا لحمدين والذي يقل قليلا جدا عن حبي وميلي الشخصي لأبو الفتوح وذلك لسبب هو أدعى لتفضيلي لحمدين كرئيس جمهورية وهو أنه رجل سياسي بدرجة تفوق كثيرا أبو الفتوح. هذا المركز يحتاج رجلا سياسيا، أو بمعنى أدق رجل دولة، يستطيع أن يحقق التوازن بين القوى السياسية الداخلية والخارجية وبين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، وهي قدرات يعتقد البعض أنها تتواجد بصورة كبيرة لدي عمرو موسى، وقد يكون الأمر كذلك بالفعل ولكن إذا زاد الشيء عن حده انقلب إلى ضده، وهذا هو الحال مع موسى.
6. يخاف الناس من أبو الفتوح بسبب توجهه الإسلامي السياسي، كما يخاف البعض أيضا من صباحي بسبب توجهه القومي أو الناصري. الإسلاميون سيضغطون على أبو الفتوح لو أصبح رئيسا وهم قوة هائلة، فأين الناصريون أو القوميون الذين سيضغطون على صباحي؟ الخطر من الإسلام السياسي أخطر بكثير جدا من الخطر من الفكر "الاشتراكي". الأول مشروع سياسي أيديولوجي أما الثاني فهو مشروع اجتماعي اقتصادي يرتكز على العدالة جوهر الحكم والأمن والكرامة. لماذا نلصق صباحي بعبد الناصر؟ إذا كان الأمر حتما وفرضا على العقول الجامدة، فعبد الناصر بالرغم من أخطائه يتفوق بفراسخ وأميال على السادات صاحب مشروع الانبطاح والتدهور الخلقي والسلوكي ومبارك صاحب مشروع النهب والفساد. أما مشروع "الإسلام السياسي" فهو مشروع استمرار الانحطاط المعاصر لما آل إليه حال المسلمين في منطقة هبوط الوحي والأديان والذي تموله القوى الحامية والمستفيدة من هذا الانحطاط المهين.
الخلاصة: هذه بعض الخواطر لإثارة الفكر واتخاذ القرار الحر، ولكن في النهاية كما قلت مقدما لو انحصر اختيارك بين النورين صباحي وأبو الفتوح، فلنحمد الله سبحانه وتعالى، ولنطمئن على مصر الجديدة، ويقينا الله شر الاختيارات الأخرى ممن لهم فرص حقيقية. والأهم من ذلك أن نحدد قرارنا قبل أن نقف في الصفوف ونخضع لابتزاز المستقبلين لسيادتك من أنصار "الإسلام السياسي" يدعونك للإسلام والبعد عن الفسق والزندقة، ويزيفون إرادتك مرة أخرى، كما ننتظر، كما سأنتظر أنا شخصيا، التطورات والأحداث التي ستتم في الأسابيع القليلة الباقية سواء من جانب المرشحين أو من جانب المجلس العسكري والطرف الثالث، ويكفينا الله شر لقاء آن باترسون سفيرة أمريكا مع الشاطر ومن بعده جون ماكين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.