في تعبير عن التضامن المستمر مع ملايين الأطفال والنساء والرجال المتأثرين بالأزمة المدمرة في سوريا، والتي تدخل الآن في عامها الخامس، تعهّدت الدول المشاركة فى مؤتمر المانحين الثالث الدولي اليوم بتقديم 3.8 مليار دولار أثناء مؤتمر استضافهُ أمير الكويت، سمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح. وترأس المؤتمر الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي-مون، وقال "يلتئمُ المجتمع الدولي اليوم تضامناً مع الشعب السوري والبلدان المجاورة والتي تتحمل عبئاً ثقيلاً باستضافة ملايين اللاجئين السوريين. وقد سعينا إلى إرسال رسالة إغاثة إلى ملايين السوريين المتأثرين بهذه الأزمة الرهيبة". ويأتي هذا الدعم السخي من المانحين في الوقت الذي يتواصل فيه تدهور الوضع الإنساني الفظيع داخل سوريا: وحالياً يحتاج 12.2 مليون شخص، من بينهم 5.6 ملايين طفل، لمساعدات إنسانية. وهذا يفوق عددهم عندما اندلعت الأزمة قبل أربع سنوات باثني عشر ضعفاً. وقالت فاليري آموس، وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، "لقد عانى الناس من مستويات هائلة من العنف والوحشية في سوريا. وفي حين ليس بوسعنا إرساء السلام، فإن هذا التمويل سيساعد المنظمات الإنسانية على توزيع أغذية ومياه ومأوى وخدمات صحية لإنقاذ الأرواح ومساعدات أخرى لملايين الناس الذين هم بأمسّ الحاجة للمساعدة". ويضطر العديد من اللاجئين الموجودين في البلدان المجاورة لسوريا والذين يبلغ عددهم 3.9 ملايين لاجئ للكفاح يومياً من أجل البقاء مع امتداد أمد الأزمة، وقد نضبت مدخراتهم منذ فترة طويلة. ويعيش أكثر من ثلثهم في مرافق إيواء متدنية المستوى، إذا يقبعون في مرائب للسيارات وغرف مزدحمة ومستوطنات مرتجلة. ويوجد حوالي 600,000 طفل لاجئ لا يلتحقون بالمدارس، وكذلك 2.4 مليون لاجئ بحاجة لمساعدات غذائية، و 1.4 مليون لاجئ ينتمون لجماعات مستضعفة ويحتاجون لمساعدات نقدية كي يتمكنوا من تلبية احتياجاتهم الأساسية. وفي الوقت نفسه تعاني اقتصادات البلدان المضيفة ومجتمعاتها وهياكلها الأساسية من أعباء شديدة من جراء الضغوط الناجمة عن استضافة هذا العدد الكبير من اللاجئين. وقال مفوض الأممالمتحدة السامي لشؤون اللاجئين، أنطونيو غوتيريس، "لقد أخذت آمال اللاجئين السوريين بالعودة إلى بيوتهم قريباً تتضاءل إذ تتفاقم الأزمة في هذا البلد. ومن الضروري جداً أن نزيد دعمنا لهم زيادة كبيرة – ليس فقط كي يتمكنوا من البقاء، وإنما ليعيشوا بكرامة وليشعروا ببصيص أمل للمستقبل. وهذا يعني أيضاً أن علينا أن لا نترك البلدان المضيفة تتحمل عبء هذه الأزمة لوحدها. وعلينا مسؤولية جماعية بدعمهم بما يتناسب مع حجم هذه الأزمة التي تعد الأفدح في الوقت الراهن، وسوف يحكم علينا التاريخ بناءً على استجابتنا". تتسبب الأزمة بتأثيرات مدمرة أيضاً على التنمية. فخلال السنوات الأربع الماضية، تراجعت سوريا من كونها بلدا متوسط الدخل إلى بلد يعيش أربعه من كل خمسة من سكانه في الفقر، ويعيش اثنان من كل ثلاثة من سكانه في فقر مدقع. وتعاني البلدان والمجتمعات المحلية التي تستضيف اللاجئين من ضغوط شديدة أيضاً إذ تتحمل الخدمات الصحية والتعليمية عبئاً يفوق طاقتها، وازداد العبء على الهياكل الأساسية مثل شبكات الصرف الصحي، كما بدأ التنافس على فرص العمل والموارد يؤدي إلى تمزق في النسيج الاجتماعي. وقالت مديرة برنامج الأممالمتحدة الإنمائي، هيلين كلارك، "إن لبنان والأردن والعراق ومصر وتركيا يستضيفون أعداداً غير مسبوقة من اللاجئين السوريين، ويجب على المجتمع الدولي تعجيل دعمه لاستجابة إنمائية تدعم التضامن الذي أظهرته البلدان والمجتمعات المحلية المضيفة". وفي يناير/كانون الثاني 2014، تمكن المؤتمر الدولي الثاني للمانحين الذي عقد في الكويت من جمع تبرعات بقيمة 2.4 مليار دولار. وقد تم توزيع تسعين بالمائة من تلك الأموال منذ ذلك الوقت لتوفير دعم لإنقاذ الأرواح لملايين العائلات في سوريا والمنطقة. وفي العام الماضي، تلقى حوالي 8.9 ملايين شخص مواد إغاثية أساسية، كما تلقى أكثر من 5 ملايين شخص مساعدات غذائية شهرية، وتمت مساعدة 2 مليون طفل للالتحاق بالمدارس، وتلقى ملايين الأشخاص علاجاً طبياً وتمكنوا من الحصول على مياه نظيفة بفضل هذه المساهمات. وفي البلدان المضيفة للاجئين، تمكن أكثر من 2.4 مليون شخص من الحصول على مياه نظيفة وخدمات النظافة الصحية خلال العام الماضي، وحصل 1.9 مليون شخص على مساعدات غذائية. كما التحق قرابة 400,000 طفل سوري في التعليم الرسمي، وتم توفير 3.9 ملايين استشارة في إطار الرعاية الصحية الأساسية. وحصل أكثر من 1.1 مليون شخص على مساعدات لتوفير المأوى، وحصل 1.5 مليون شخص على مساعدات إضافية كي يتمكنوا من البقاء خلال أشهر الشتاء، وذلك بفضل المساهمات التي قدمها المانحون. وتعكف وكالات الأممالمتحدة وشركاؤها في مجال المساعدات الإنسانية على توفير الإغاثة من خلال خطتين استراتيجيتين تهدفان للاستجابة إلى الأزمة في داخل سوريا، ولتلبية احتياجات اللاجئين ومعالجة التأثيرات على المجتمعات المحلية في البلدان المجاورة. وتتطلب هاتان الخطتان الاستراتيجيتان معاً 8.4 مليار دولار وسيتواصل جمع التبرعات لتنفيذهما على امتداد عام 2015.