الجمهور الإسرائيلي يكره اليمين ثم يصوت له في النهاية خوفا من اليسار ومن التغيير . قادة الجيش هم المنوطون برسم السياسات الإٍسرائيلية والحكومات مهي إلا أداة للتنفيذ . تحسين علاقة نتانياهو بإدارة أوباما أول التحديات أمام إسرائيل وانطلاق حملة لهذا الغرض . وجود رئيس حزب البيت اليهودي بالحكومة سيصعب وقف الاستيطان في الضفة الغربية
لم يكن فوز بنيامين نتينياهو مفاجأة كبيرة للباحثين والراصدين للواقع الإسرائيلي، من يعلم الجمهور الإسرائيلي جيدا يعلم أنه يكره اليمين ثم يصوت له في النهاية، ينتقد نتينياهو ثم يعطيه أصواته، وهذا ليس حبا في نتينياهو أو اليمين قدر ما هو خوفا من اليسار ومن التغيير .. فاز بنيامين نتينياهو بولاية ثالثة للبرلمان الإسرائيلي على التوالي ورابعة في المجمل، فنتينياهو هو رئيس وزراء إسرائيل منذ عام 2009 ووفقا لنتائج الصناديق فهو الفائز ب 30 مقعد في الكنيست الإسرائيلي ومن المنتظر تشكيله لحكومة جديدة خلال الأسبوعين القادمين وذلك بعد أن يعلن رئيس الدولة رؤفين ريفلين وإذا لم يشكل نتينياهو حكومته خلال 14 يوما سيكلف رئيس الدولة ريفلين يتسحاق هرتسوغ بتشكيل الحكومة بدلا منه حسب القوانين الإسرائيلية . وشكل الحكومة الجديدة لنتينياهو لن يؤثر كثيرا على سياسة إسرائيل لأن وحسب جميع التقديرات الإستراتيجية أن السياسات الإٍسرائيلية توضع من قبل مراكز الأبحاث الإٍسرائيلية وعلى رأسها مركز أبحاث الأمن القومي التابع لوزارة الخارجية الإسرائيلية ومن قبل الجهات الأمنية في إسرائيل مثل الموساد والاستخبارات العسكرية " الشاباك " وقادة الجيش الإٍسرائيلي وهي الجهات المنوطة برسم السياسات الإٍسرائيلية فما الحكومات الإٍسرائيلية إلا أداة لتنفيذ تلك السياسات، وتتميز حكومة نتينياهو الجديدة بأنها حكومة دينية يمينية متشددة ومتطرفة خاصة بعد أن رفض هرتسوغ تشكيل حكومة وحدة مع نتينياهو على عكس العادة، حيث أن الأحزاب الكبرى في إسرائيل تميل إلى الارتباط ببعضها بعد الانتخابات ( كاد يما والعمل في انتخابات عام 2009 ، وحزبي الليكود ويش عتيد في انتخابات عام 2013). ومن المتوقع أن يسند نتينياهو لنفتالي بينيت " رئيس حزب البيت اليهودي " وزارة الأمن الداخلي وفقا للاتفاق الذي تم بينهم قبل الانتخابات، و رغم أن لحزب بينيت 8 مقاعد فقط في الكنيست إلا أن بينيت يطالب بثلاث وزارات هما الأمن والتربية والتعليم والأديان، ومن المتوقع ايضا أن يطالب موشيه كحلون وهو المنشق عن حزب الليكود قام بإنشاء حزب " كولانو " بوزراة المالية وهي شرطه كي ينضم لحكومة نتينياهو . أمام نتينياهو الآن عدة تحديات ومهام صعبة تنتظره وعدد من الملفات على طاولته، وحسب رأي أحد الكتاب الإسرائيليين مالم يفعله نتينياهو خلال الست سنوات الماضية لن يفعله في ولايته المقبلة، أي أن وحسب التقديرات الإٍسرائيلية ستحمل المرحلة المقبلة شعار " يبقى الحال كما هو عليه " وطالما امتازت حكومات نتينياهو بأنها حكومات ردود أفعال وليس أفعال في السنوات الست الأخيرة، أي ما يشمل الولايتين الأخيرتين لرئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، لم تكن إسرائيل هي الجهة المحركة أو المؤثرة في المشهد السياسي والأمني في المنطقة، وفي ما يجري خلف حدودها مباشرة. في زمن حكم نتنياهو الأخير، كانت إسرائيل تنجر إلى ردود فعل، ولم تكن هي محرك الأفعال. حتى في عدوانها الأخير على قطاع غزة ذهبت إسرائيل إلى حرب جرت لها جرت وكانت لا تريدها في أحسن الاحوال وتخشاها في أسوأ الأحوال . أول التحديات أمام نتينياهو هو تحسين علاقته بإدارة أوباما وبالفعل بدأ نتينياهو خلال الأيام القليلة الامضية بحملة علاقات عامة لتهدئة الأوضاع مع أوباما حيث زاد التوتر بينهما بعد إصرار نتينياهو على إلقاء خطاؤ في الكنيست قبيل الأنتخابات الإٍسرائيلية بأسبوعين، ومن المتوقع أيضا أن يعيد نتينياهو فتح ملف التسليح النووي لإيران وسيحاول جاهدا أن يلطق صيحاته المتكررة أمام الإعلام الدولي لوقف هذا التهديد الذي يحيط بإسرائيل ومن المتوقع أيضا أن يحاول أن يدخل بعض الدول العربية في دائرة الهجوم على إيران ومنها السعودية والإمارات والبحرين ومصر . ثاني التحديات أمام نتينياهو هو تأمين الجبهة الشمالية لإسرائيل وهي التي تقع حدودها مع لبنان وسوريا، ووفقا لما نشرته مراكز الأبحاث الإسرائيلية عن تعاظم الجماعات الجهادية على الحدود الإسرائيلية وهو ما يشكل خطرا كبيرا على إسرائيل خاصة أن ورود أنباء من الجهات الأستخباراتية الإٍسرائيلية تؤكد أن وجود عناصر من تنظيم القاعدة في هذه المناطق هو الخطر المقبل الذي ينتظر إسرائيل وأن تل أبيب ستكون حربها القادمة مع إيران وحزب الله وليس حماس . ثالث التحديات أمام نتنياهو هو محافظة الهدوء في غزة لأطول فترة ممكنة، حيث أشارت احدي التقارير الأستخباراتية الإٍسرائيلية أن محاربة الإرهاب في سيناء والتضييق على غزة من الجانب المصري سيؤدي إلى انفجار غزة في أقرب وقت . رابع التحديات هو إعادة تهدئة الاوضاع مع بعض دول أوروبا تلك التي اعترفت مؤخرا بالدولة الفلسطينية وقامت بمقاطعة المنتجات الإسرائيلية مثل ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وهو ما يتطلب تنازلات من قبل نتينياهو للجانب الفلسطيني. خامس التحديات أمام نتيناهو هو الدفع بالعلاقات الإسرائيلية العربية وتوطيد علاقة إسرائيل بمحور مصر والأردن والسعودية والبحرين والإمارات أما على مستوي السياسات نحو مصر فلا جديد في الأفق في العلاقات المصرية الإٍسرائيلية فيما أن هذه العلاقة تتسم بالهدوء لفترة طويلة وهو نصرا تحسب له إسرائيل ألف حساب وغير مستعدة للتنازل عنه مهما كلفها هذا من ثمن . سادس التحديات أمام نتينياهو هو التسوية مع الفلسطينيين ومحاولة معالجة الانقطاع الذي حدث بين الإدارة الإٍسرائيلية الوسلطة الفلسطينية والذي سعى على أثره الفلسطينيون لاستصدار قرار من مجلس الأمن لإنهاء الاحتلال وتقدموا بطلب للانضمام لمحكمة الجنايات الدولية لتقديم دعاوى قضائية بتهمة ارتكاب جرائم حرب ضد إسرائيل وضد البناء الاستيطاني، وهو ماردت إسرائيل عليه بوقف تحويل وارادات الضرائب، وهو ما يؤدي إلى وقف التنسيق الأمني بين الطرفين والذي سيؤدي أيضا إلى انهيار السلطة الفلسطينية وهو ما يشكل خطرا على نتينياهو إذ وصلت حماس لسدة الحكم سابع التحديات أمام نتينياهو هو معالجة ملف الاستيطان وهو الملف الذي يسبب عداء بينه وبينه إدارة أوباما وبين الدول الأوربية وتسبب له بالكثير من المواجهات بين إسرائيل والمجتمع الدولي، وفي ظل تهديدات جدية بفرض عقوبات على إسرائيل فإن مجال المرونة في هذا الملف محدودة. ورغم أن نتنياهو يؤيد أيدلوجيا تعزيز الاستيطان إلا أنه قد يضطر لتجميده ولو بشكل مؤقت، لأنه حسب تصريحاته فهو غير مستعد للتنازل عن مشاريعه الاستيطانية ووجود نفتالي بينيت وهو رئيس حزب البيت اليهودي وأكبر الداعمين لعمليات الاستيطان سيجعل من الصعب توقف الاستيطان في الضفة الغربية .