من المقرر أن يشهد الكيان الصهيوني يوم 17 مارس المقبل انتخابات برلمانية جديدة، جاءت على إثر تصدع الإئتلاف الحكومي وتعمق الخلاف بين رئيس الحكومة "بنيامين نتنياهو" من جهة ووزير المالية "يائير لابيد" ووزيرة القضاء "تسيبي ليفني" من جهة أخرى، الأمر الذي دفع "نتنياهو" إلى إقالة الوزيرين (ليفني ولابيد) وحل الكنيست. بعد هذا القرار الذي اتخذه رئيس الحكومة الصهيونية الأسبوع الماضي، بدأت مرحلة جديدة من الصراعات داخل الحلبة السياسية في تل أبيب، لا سيما وأن هذه الحلبة شهدت العديد من الاضطرابات خلال الفترة الأخيرة الماضية، خاصة وأن الخلافات امتدت لتشمل جميع التيارات السياسية التي توجد داخل الكيان الصهيوني. تعتبر الانقسامات والخلافات السياسية هي السمة الأبرز خلال هذه المرحلة داخل الكيان الصهيوني، حيث لم تقتصر هذه الخلافات على أعضاء الائتلاف الحكومي فقط، بل امتدت لتشمل التيارات اليسارية فيما بينها لا سيما وأنه توجد عدة أحزاب يسارية ووسط صغيرة تؤثر على قوة الأحزاب المعارضة أمثال العمل بزعامة اسحاق هرتسوغ، كذلك تشهد التيارات اليمينية بشقيها الديني المتطرف والقومي المتشدد عدة صراعات داخلية يتخوف "نتنياهو" أن تنتهي هذه الصراعات بتنامي نفوذ اليمين المتطرف بقيادة وزير الاقتصاد "نفتالي بينيت". تناقلت وسائل الإعلام الصهيونية خلال الأيام القليلة الماضية تصريحات كبار القيادات السياسية الذين زعم بعضهم أنه رئيس الحكومة الإسرائيلية المقبلة أمثال "بنيامين نتنياهو" و "اسحاق هرتسوغ"، لكن حقيقة المعركة الانتخابية تختلف كثيرا عن هذه التصريحات، فزعيم حزب العمل "هرتسوغ" لن يستطيع الانتصار على قوى اليمين الصهيوني بقيادة "بنيامين نتنياهو" سوى بتوحد صفوف اليسار والوسط الإسرائيلي واندماج هذه الأحزاب في تكتلات سياسية تؤثر على سير الانتخابات. "نتنياهو" يفتقد خلال هذه الجولة الانتخابية شعار يخوض به حملة الدعاية الانتخابية بعد أن أصبح ملف النووي الإيراني بأيدي المجتمع الدولي بعيدا عن تل أبيب، والمعركة الأخيرة الخاسرة التي خاضها الجيش الإسرائيلي ضد فصائل المقاومة الفلسطينية، فلم يتبق له سوى قانون يهودية الدولة الذي أثار الخلاف داخل الائتلاف الحكومي وتسبب في الذهاب إلى انتخابات مبكرة، حيث يوظف "نتنياهو" موقفه من هذا القانون لحشد الحريديم وبعض التيارات الدينية من أجل التصويت لصالح حزب الليكود في الانتخابات المقبلة. يواجه "نتنياهو" عدة تحديات خلال الانتخابات المقبلة أولها زعيم حزب البيت اليهودي "نفتالي بينيت"، حيث يتخوف رئيس الحكومة الصهيونية من تنامي نفوذ وزير الاقتصاد داخل الحلبة اليمينية، لا سيما وأن "بينيت" أحدث مفاجئة غير متوقعة خلال الانتخابات الماضية عبر موقفه من الاستيطان في الضفة الغربية، أضف إلى ذلك الصراعات الداخلية التي يشهدها حزب الليكود الذي يقوده "نتنياهو" ووجود بعض القيادات التي تتطلع لقيادة الحزب مثل "موشيه فيجلن" و"داني دانون"، كما أنه يعتبر وزير الخارجية "أفيجدور ليبرمان" خطر ثالث يهدد مسيرة "نتنياهو" في الوصول إلى رئاسة الحكومة المقبلة. إذا ما تركنا الخلافات السياسية داخل تل أبيب وانتقلنا إلى الموقف الخارجي، فإن تشكيل "نتنياهو" لحكومة رابعة أمر غير مرحب به في الإدارة الأمريكية بزعامة "باراك أوباما" ومستشارة الأمن القومي "سوزان رايس"، لا سيما وأن الرئيس الأمريكي لم يغفر ل "نتنياهو" دعم منافسه "ميت رومني" خلال الانتخابات الأخيرة، هذا بجانب اضطراب العلاقات بين واشنطن وتل أبيب خلال الفترة الأخيرة نتيجة بعض التصريحات التي صدرت عن قيادات بارزة في البلدين. تبقى رئاسة الحكومة الإسرائيلية المقبلة رهينة التحالفات السياسية سواء كانت بين قوى اليمين بزعامة "بنيامين نتنياهو" أو اليسار والوسط بقيادة "اسحاق هرتسوغ"، لكن بدون هذه التحالفات فإن الانتخابات البرلمانية ستفتقد للمنافسة الجادة، خاصة وأن نحو 60% من الإسرائيليين لا يرغبون في فوز "نتنياهو" برئاسة الحكومة المقبلة؛ طبقا لاستطلاع رأي نشرت نتائجه صحيفة جيروزاليم بوست مؤخرا، أضف إلى هذا تشتت المعارضة الإسرائيلية وعدم توحد صفوفها من أجل مواجهة قوى اليمين الصهيوني. بعيدا عن هذه الصراعات التي تشهدها الحلبة السياسية داخل تل أبيب بين تيارات اليمين والوسط واليسار، فإن الرئيس الصهيوني "رؤوبين ريفلين" أعرب الأحد الماضي عن تخوفه من تدني نسبة المشاركة في الانتخابات المقبلة وعزوف المستوطنيين عن التصويت، نتيجة ما أسماه بعدم "اقتناع الجمهور بالانتخابات".