منذ أن أُنشئت جماعة "الدعوة السلفية بالإسكندرية" أو "جمهورية السلفيين" في مصر وتحديدًا في مدينة "الإسكندرية" في أواسط سبعينات القرن الماضي وهي غارقة إلى أذنيها في فوضى التناقض، والمواقف المتنافرة على طول الوقت. فالجماعة والتي أُسست في أول و بداية أمرها على أساس أنها مغايرة للإخوان وغيرها من التنظيمات العنقودية والهيكلية، ما لبثت يسيرًا حتى انتسب مُقدَمُها "محمد إسماعيل المُقَدَم" إلى تنظيم الجهاد الذي اغتال الرئيس "السادات" - رحمه الله - وشاركهم في أعمالهم، بل كان "المقدَم" شخصيًا على علم بخطة مقتل السادات وتفصيلاتها قبل تنفيذها بمدة يسيرة، وحضر اجتماعًا ل "محمد عبد السلام فرج" كممثل عن تنظيمه في الإسكندرية ومندوبا عنه. وما لبثت الجماعة التي كانت تردد أنها ضد إنشاء التنظيمات السرية في الإسلام يسيرًا حتى أسست تنظيمًا سريًا هيكليًا هرميًا يقوم على البيعة الخاصة المبتدَعة وعلى السمع والطاعة العمياء لشخص الأمير!. فأسست تنظيمًا سريًا – و ربما يكون مسلحًا - يمتد من أقصى مصر إلى أقصاها، شرقًا وغربًا وشمالًا وجنوبًا. وما لبثت الجماعة والتي كانت تَعِيب على الإخوان والجماعات الأخرى أنها تأخذ عهدًا على أتباعها بالسمع والطاعة العمياء، حتى يكون التابع بين يدي أميره كالميت بين يدي مغسله، أن أخذت هي الأخرى العهود والمواثيق والأيمان المغلظة على أتباعها والمنتمين لتنظيمها بالسمع والطاعة في السر والعلن والعسر واليسر والمنشط والمكره!، و لكن –و للأمانة العلمية- تم تغيير الاسم من "البيعة على السمع والطاعة" والقسم على ذلك، إلى "القسم على التعاون على البر والتقوى"!، وهو تغيير ظاهري في الاسم دون المسمى، ليس مقصودًا من تغييره سوى التمايز عن الآخرين! وأيضًا إمعانًا في الخداع والمكر والكذب والنفاق. وما لبثت الجماعة والتي كانت تعيب – أيضًا - على الإخوان وغيرها من التنظيمات أن لكل جماعة أميرًا ومرشدًا يأتمر أتباعه بأمره دون حاكم الدولة أو الرئيس أو الملك، و أن الأتباع في التنظيم لا يشعرون بأن لحاكم الدولة عليهم أي حق في الإمارة والحكم وإنما الإمرة للأمير والمرشد دون غيره، والطاعة له من دون الرئيس أو الملك، أن اتخذت هي لنفسها أميرًا وقائدًا ورئيسًا دون الرئيس، وحاكمًا من دون الحاكم له حقوق الحاكم الشرعية والعرفية وعليه واجباته! دون حاكم الدولة والذي أسقطوا عنه كل حقوقه الشرعية لكونه – بزعمهم - كافرًا! و"لا ولاية لكافر"!!!. ولكنها أيضًا وعلى طريقة التمايز والخداع والمكر نفسِها اتخذت له اسمًا مخالفًا لأسماء أمراء الجماعات التي سبقوها فبدلًا من "المرشد" – عند الإخوان -، أو "الأمير" – عند جماعة الجهاد والجماعة الإسلامية وغيرهما- سمت هي أميرها ب"القَيِّم" و"الرئيس" وجعلت له نائبًا ونوابًا!. وما لبثت الجماعة -أيضًا- والتي كانت تعيب على إنشاء "مكتب الإرشاد" - في الإخوان - أو "مجلس الشورى" - في الجماعة الإسلامية وغيرها - والذي ينفرد وحده بالقرارات دون غيره ولا ينظر إلى أتباعه إلا على أساس كونهم محض تروس في آلته، وأنهم مجرد عدد من الناس يستخدمهم أنَّى و متى شاء، أنشأت الجماعة هي الأخرى لنفسها أيضًا "مجلس شورى الدعوة السلفية"، والذي أصبح الآمر الناهي داخل الجماعة، وهو كيانٌ موازٍ لمكتب إرشاد الإخوان، بل تجاوز الأمر داخل "جمهورية السلفيين" لما كان عليه في الجماعات الأخرى بأن أصبح لفردٍ واحدٍ السلطة المطلقة النافذة على رقاب الجميع، وليس فقط مجلس مكون من عدة أفراد، كما سنبين ذلك إن شاء الله في المقال القادم.