في كلمة السيد الرئيس الأولى التي ألقاها بعد اجتماعه مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة عقب الحادث الإرهابي الذي راح ضحيته ثلاثون من أبناء مصر بين جنود ومدنيين، توقفت عند جملة سيادته "اللي ساعدكم واللي اداكم.. إحنا عارفينه ومش هنسيبه"، توقفت وأنا أسترجع المشهد المحيط بنا داخليا وخارجيا، ووجدتني آمل من رئيسنا أن يشفي نيران غضبنا وأن يعلن عن هذا العدو الجبان الذي يمول ويرعي الإرهاب الذي يحصد أرواح ودماء أبنائنا وإخوتنا. أملت أن يكشف الرئيس الحقائق ويعري هؤلاء الجبناء على الملأ، أملت أن يشاركنا في معطيات الواقع وبالدلائل التي نستطيع استخدامها كل منا في موقعه، فالحرب لم تعد مقتصرة على الجيش، فهى حرب كل المصريين، فسلاح الخسة والدناءة كما يسقط غدرا جنودا شهداءا يسقط مدنيين. وخريطة مصر اليوم أصبحت محاطة بالإرهاب في الداخل والخارج، وهو ثمن الحرية الذي اخترناه جميعا بعد أن ثرنا على الفشلة وفكرهم المظلم المفرق المكفر، هذا الثمن الذي رأيناه وتوقعناه واخترنا محاربته وأصررنا على محوه من تاريخنا، فأعلنوا علينا حربهم القذرة القائمة على الغدر والخيانة وبمنهج العصابات والمؤامرات وقنابلهم الغادرة، وكنا على وعي وإدراك تام أثناء عامهم المظلم أن خروجهم سيكون كخروج الظفر من اللحم مؤلم ودام وقد كان. وحربنا اليوم علي الإرهاب أصبحت أطرافها عديدة وموزعة، فما بين الخونة الذين يعيشون بيننا، والدواعش على حدودنا الشرقية والغربية، والحوثيين على مشارف حدودنا الجنوبية الشرقية، وشركاء أحفاد البنا على حدودنا الشمالية الشرقية وبين ربوع جرح العروبة فلسطين الشقيقة. وأصبح ممولو الإرهاب الجبان بين الدول المحيطة بنا كثيرون، وأكثريتهم مسيطر عليهم من التنظيم السري اللعين الذي وصل لعرين أبناء أتاتورك واعتلى ظهر الدويلة الميكروبية وقناتها الإعلامية الصهيونية المنهج والأداء، وتوافق هذا التنظيم السام مع الأمريكان وتواءم مع حلم السلام لليهود، وهؤلاء الآخرون حملة المشعل الفارسي ومعهم حلم توسعاتهم الدينية المأمولة، ويضاف عليهم كل هؤلاء الحاضرين على الدوام الرابحين من دماء الحروب، ودوران عجلاتها. نعلم أن كل هؤلاء يحيطون بنا وكل منهم يحلم بغايته من مصر الحضارة، ونعلم يقينا أن مصر عبر تاريخها كانت قاهرة لأعدائها، ولكن هل يعلمون هم ؟ ولكني ظللت على أملي أن يعلن قائدنا علانية في كلمته حجم المخاطر التي تحيط بنا وحجم الخطط التي تحاك لإسقاط مصر قبل أن تنهض وتستعيد كل قواها وتسترد مكانتها وهيبتها التي تتضاءل أمامها قامات كل هؤلاء. أملت الأعلان عن أعدائنا رعاة الإرهاب أمام العالم الصامت ليخجل، وليراهم البسطاء وليعرفوهم وليسمع المغيبين المنقادين الحقيقة التي لن تلتاع لها قلوبهم ولكنها ربما تضيء عقولهم، ولكني وبعد أن أملت هذا وقابلت الكثيرين من الأصدقاء علمت أننا جميعا نرى المشهد ومعطياته على حقيقته ونعي حجم المرحلة التي علينا فيها أولاً البناء وثانيا الحرب على من لا وطن ولا دين لهم. ومع ذلك وجدت أننا عن حق ندرك دورنا الحتمي في البناء، وعن حسم قاطع نشارك رئيسنا القول.. عدونا عارفينه وأبدا مش هنسيبه، ومش هننسى الدم.