على الرغم من ما تم قراءته من موضوعات مختلفة عن مدينتي حلايب والشلاتين والاطلاع على العديد من الاحصائيات والنشاطات التي تقوم بها الجهات المعنية بالدولة لتنمية هذه المنطقة العزيزة على مصر، إلا أن زيارة موفدي وكالة أنباء الشرق الأوسط إلى مدينة الشلاتين كشفت الكثير من المعلومات وحققت رؤى مختلفة لم تعرف من قبل وذلك في شتى الأصعدة سواء كانت السياسية أو الاجتماعية، والتي تؤكد بما لا يدع مجالًا للشك الجهود التي تبذل بشأن السير نحو تنمية حقيقية لأبناء حلايب والشلاتين. وكانت للقاءات المستمرة خلال زيارة المنطقة أبلغ الأثر في إظهار وعكس طموح أبناء حلايب والشلاتين وما يتمنوه من توفير احتياجات ملحة حتى يتمكنوا من تحقيق أهداف التنمية ، ولم تقتصر الزيارة على جهة بعينها بل كان الهدف هو لقاء أعداد مختلفة من المسؤولين في شتى القطاعات حتى تتضح الصورة كاملة وجلية. وانطلاقًا من المسؤولية الإعلامية كان لزامًا علينا عرض طموحات وأماني أبناء مصر في هذه المنطقة وتسليط الضوء على الجوانب السياسية والاقتصادية والصحية والاجتماعية والفلكلورية. ونظرًا لمتطلبات أهالي المنطقة المتعددة في الجانب الصحي، كانت لنا عدة لقاءات مع المسؤولين عن القطاع الصحي لمناقشة ما يتم على أرض الواقع بشأن توفير الاحتياجات العلاجية اللازمة والعاجلة في هذا الجانب لأبناء حلايب والشلاتين. وفي لقاء مع منسق القوافل العلاجية بمحافظة البحر الأحمر الدكتور منير طه، الذي كان يقود قافلة علاجية في المنطقة، أكد أن الروح الجديدة التي تملكت الأطباء والعاملين في القطاع الصحي عقب ثورة 30 يونيو دفعت الجميع إلى التكاتف والتعاون بهدف تقديم خدمة مميزة إلى المواطنين في شتى أرجاء البلاد ، وكذلك الاهتمام من جانب الرئيس عبد الفتاح السيسي، بالمناطق الحدودية وأبناء الوطن الأكثر احتياجاً، دفع النظام الحالي إلى إحداث تطوير شامل في كافة الخدمات الطبية المقدمة إلى أهالينا في مناطق حلايب والشلاتين وأبورماد والقرى التابعة لها في جنوبالبحر الأحمر. وأوضح منير - في حوار خاص لوكالة أنباء الشرق الأوسط - أن هذا الاهتمام تجسد في انتظام عمل القوافل الطبية التي تسير شهرياً إلى تلك المناطق، بفضل تذليل العقبات التي كانت تواجه القوافل سابقاً مثل توفير الإقامة، وكذلك تسخير كافة الإمكانات اللازمة لإنجاح عمل تلك القوافل التي تؤمن العلاج لما يقرب من 2500 إلى 3000 حالة خلال فترة عمل القافلة الذي يستغرق من 6 إلى 8 أيام شهرياً، مضيفًا أن وزارة الصحة تمنح حالياً امتيازات مادية كبيرة إلى العاملين في هذه القوافل ، معرباً عن ثقته في أن تستمر موجة التطوير الحالية والوصول بها إلى أعلى مستوى للخدمة الطبية الشاملة. وأضاف أن ما يحدث من تطوير بشأن القوافل الطبية والخدمات التي تقدمها يتناسب مع طبيعة المناطق النائية التي تسعى تلك القوافل إلى استهدافها، مشيراً إلى دور وزارة الصحة التي تولي اهتمامًا كبيراً بالمناطق النائية، موضحاً أن إدارة القوافل بالوزارة تتولى إعداد قوائم من الأطباء للمشاركة مع الأطقم الطبية سواء في القوافل الثابتة أو المتحركة، بالإضافة إلى توفير أطباء للمستشفيات التي تعاني من نقص في بعض التخصصات الطبية. وأوضح أن كافة الأطباء المشاركين في القوافل الطبية يتمتعون بقدر عال من الخبرة والتأهيل المهني في مجال تخصصهم ، مشيرًا إلى مشاركة المرأة في تلك القوافل من خلال بعض التخصصات مثل النساء والولادة. وأكد منسق القوافل العلاجية بمحافظة البحر الأحمر أن القافلة تبدأ عملها من مدينة الشلاتين ثم تتوجه إلى منطقة أبو رماد بما في ذلك جبال علبة ثم مدينة حلايب ثم قرى رأس حدربه وسرارة ثم أدلديت ثم أبرق وبئر الجاهلية ووادي أبو سعفة ووادي ديف وجمبيت والعديد من المناطق الجبلية الآهلة ببعض السكان، ثم تختتم القافلة عملها في قرية مرسى حميرة قبل التوجه إلى مدينة مرسى علم وضواحيها، مشيراً إلى أن مدة عمل القوافل تكون كافية وتسمح بتغطية كافة المناطق الجبلية والنائية في منطقة جنوبالبحر الأحمر. وقال إن هذه القوافل تحقق أهدافها المرجوة بشكل جيد بدليل انخفاض معدلات الإصابة ببعض الأمراض التي كانت شائعة في هذه المناطق مثل أمراض الصدر والرمد ، مشيداً بدور محافظ البحر الأحمر اللواء أحمد عبدالله وحرصه على إنجاح عمل القوافل وتوفير المناخ المناسب لهم ، بجانب ما توفره وزارة الصحة من دعم مادي وفني ومتابعة مستمرة للقوافل العلاجية، معرباً عن شكره وتقديره لجهود الأطباء والفريق الطبي المشارك في القوافل الذين يتحملون الكثير من الأعباء والضغوط منها ساعات العمل الطويلة التي تمتد لمدد تتراوح ما بين 10 إلى 14 ساعة يومياً، وكذلك تحمل عناء السفر الذي يتجاوز في بعض الأيام لمسافات طويلة تزيد عن 300 كيلومتر في بعض الأيام. وبشأن أكثر الأمراض شيوعاً في تلك المناطق أكد أن ما اسماها بأمراض الصحراء هي التي تغلب على الحالات المرضية في تلك المناطق مثل أمراض الرمد والصدر التي تنتشر نتيجة لطبيعة المناخ الصحراوي الذي يتميز بتحرك الرمال، مشيرا إلى أن أغلب الحالات التي ترد إلى القافلة عادية ولا يوجد في هذه المناطق أي أمراض وبائية. وأوضح الدكتور منير أن القوافل تضم كافة التخصصات من باطنة وأطفال وجراحة وأمراض نساء وأنف وأذن وجلدية ورمد وأسنان، بالإضافة إلى طبيب للثقافة العلاجية، وهو ما يلقى ترحيباً كبيراً من قبل الأهالي التي يتم علاجها .. فضلاً عن صيدلية متنقلة مجهزة لحفظ الأدوية ومعمل تحاليل متكامل، مشيرا إلى أنه في حال نقص نوع معين من الدواء نتيجة كثرة استخدامه يتم توفيره من قبل وزارة الصحة بشكل سريع. وبشأن عدم وجود مقر دائم أو مكان محدد لهذه القوافل أكد الدكتور منير أن هناك عملية تطوير كبيرة تتم في مستشفى الشلاتين المركزي، ولكن بالرغم من ذلك لا يمكن الاستغناء عن القوافل الطبية التي تصل بالخدمة الطبية إلى سكان المناطق الوعرة داخل الجبال وعلى أطراف المدن والتي يصعب إنشاء وحدات صحية بها نظراً لأنها مجموعات سكنية متباعدة ذات أعداد قليلة، مشيراً إلى إنشاء وحدات صحية جديدة في المناطق ذات الكثافة السكانية الأعلى مثل حدربه، وأبرق، كما أن هناك تطوير في وحدات حلايب الصحية لتحويلها إلى مستشفى كبير عقب تحويل حلايب إلى مدينة، كما يتم تطوير الوحدة الصحية في قرية أبو رماد، مشيرا إلى جهود وكيل وزارة الصحة في محافظة البحر الأحمر الدكتور محمد السيد موسى. وعن طريقة الإعلان عن القوافل الطبية ومواعيد قدومها أشار إلى أنه يتم التواصل مع مجلس المدينة الذي يقوم بدور كبير في مخاطبة الوحدات الصحية والأهالي وشيوخ القبائل وهو ما يؤدي إلى الاستعداد والاستقبال الجيد الذي يأتي نظراً للتنسيق الجيد بين الجهات الحكومية في المنطقة. وفيما يتعلق بالثقافة الطبية ، أشار إلى وجود طبيب ضمن القافلة مسئول عن نشر الثقافة الطبية وتوعية الحالات التي ترد إلى القافلة مستخدما وسائل تكنولوجية متطورة تتنوع بين استخدام الكمبيوتر والشاشات ووسائل شرح وتوضيح ورقية، وهو ما أدى إلى تطور الثقافة الطبية لدى تلك الجماعات التي أصبحت تقبل على العلاج في هذه القوافل. وفي نفس السياق أكد الدكتور منير أن نجاح القوافل في نشر الثقافة العلاجية تمثل في قبول أهالي تلك المناطق النائية بتوقيع الكشف الطبي على السيدات من أسرهم على يد طبيب في بعض التخصصات وخاصة الأمراض النسائية، وهو ما حدث بفضل جهود القوافل في مجال التثقيف الصحي. وفي مجال الاهتمام بالأطفال أشار إلى متابعة دورية من القوافل للأطفال في هذه المناطق بتوجيه من وزارة الصحة التي تعتمد على هذه القوافل في تطعيم الأطفال بالمناطق الجبلية والنائية ضد الأمراض الوبائية، وكذلك الوصول إلى المواليد الذين لم يتم تسجيلها في سجلات وزارة الصحة. وبشأن الحالات التي يستلزم علاجها إمكانات تفوق قدرة القوافل مثل العمليات الجراحية، أشار الدكتور منير إلى أن كافة الإجراءات اللازمة لتحويل ونقل تلك الحالات تتم على الفور، مبرزاً دور الدولة في تسهيل علاج الكثير من الحالات على نفقتها الخاصة، ونبه إلى قلة تلك الحالات في الوقت الحالي مرجعا الفضل في ذلك إلى المتابعة المستمرة من قبل القوافل لسكان هذه المناطق، فضلا عن حملات التوعية الوقائية من الأمراض الخطيرة والمزمنة. وفي نفس السياق طالب الدكتور منير بإنشاء عيادة طبية مجهزة بالكامل يتوافر فيها أطباء جراحة مع فريق تخدير وكذلك فريق للمتابعة، لإجراء العمليات الجراحية اللازمة حتى تكون قريبة من القوافل لتوفر على المريض مشقة الانتقال إلى القاهرة أو المناطق البعيدة، وخاصة أن بعض المرضى من سكان تلك المناطق يرفضون الانتقال بعيداً عن مناطقهم لإجراء العمليات اللازمة.