أكد العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، اليوم السبت، على أن الضربات الجوية للتحالف الدولي ضد تنظيم (داعش) مهمة جدًا لكنها لن تستطيع وحدها أن تهزمه، أي أن المسألة المهمة الآن هي الوضع على الأرض. جاء ذلك في مقابلة أجراها الإعلامي الأمريكي تشارلي روز مع العاهل الأردني، خلال زيارته لواشنطن ووزعها الديوان الملكي الهاشمي على وسائل الإعلام اليوم، فيما بثتها شبكة (بي بي أس) الأمريكية، اليوم، وتبثها محطة (بلومبيرج) الإخبارية خلال الأيام المقبلة، حيث تناولت أبرز التحديات الإقليمية والدولية ورؤية الملك عبدالله الثاني حيالها. وقال الملك عبدالله الثاني "إن داعش يمثل تهديدًا دوليًا، لذا فإنني آمل أن يتوفر لدينا عاجلًا لا آجلًا منهجًا استراتيجيًا شاملًا للتعامل مع كل هذه التنظيمات، وهي كلها واحدة في الحقيقة فهي تتشارك في نفس الفكر رغم اختلاف أسمائها"، مضيفا "علينا أن ندمج بين العراقوسوريا بصورة أو بأخرى فلا يمكن حل جزء من المشكلة دون الجزء الآخر بل يجب دومًا التعامل مع المسألتين في آن واحد". وتابع "إن الظروف في العراق مختلفة نوعًا ما ؛ لأننا نتعامل مع الحكومة العراقية ونعمل على مساعدتها ضد داعش، ودعم الأكراد بالسلاح والعتاد في غاية الأهمية أيضا كي نمكنهم من التصدي لداعش بفعالية". وأكد على ضرورة التواصل مع العشائر السنية في غرب العراق والذين يتعرضون لخطر داهم من داعش فهناك الكثير من رجال هذه العشائر؛ ممن تم إعدامهم من قبل هذا التنظيم وعامل الوقت في هذا السياق مهم جدًا. وقال "الأمر الذي لا نريد أن نراه يحدث إذا ما تأخرنا كثيرًا ، هو مجازر ترتكب بحق السكان في تلك المناطق بحيث يشعر الناس هناك ألا ملجأ لهم إلا الاستسلام والخضوع لداعش"، لافتًا إلى أن هناك بعض التأخير في العمليات وهو ليس ذنب أي طرف إذ يتعلق بقدرات الجيش العراقي في تحرير بعض المدن من سيطرة داعش .. ومشددا على ضرورة التواصل مع العشائر السنية في غرب العراق من دون تأخير. وحول دور الأردن في التحالف الدولي ضد داعش ، قال الملك عبدالله الثاني "نحن جزء من التحالف وقد شاركنا في العمليات ضد داعش في سوريا كعضو فيه ، وكذلك نتحدث مع العراقيين لنعلم كيف يمكن لنا مساعدتهم في غرب العراق". وأضاف " إنني أتوقع أن ترتفع وتيرة هذه الجهود في القريب العاجل ، وبعد ذلك سوف يلعب الأردن دورا في مواقع أخرى ، لأننا جزء من الجهود الإقليمية الدولية ، نحن بلد صغير ولكننا نتحمل مسئوليات عديدة في المنطقة ومنها محاربة هذا التهديد العالمي". وردًا على سؤال يتعلق بمسألة تدريب حلف الناتو لقوات وأن بعض التقارير تفيد بأنكم قد تقومون بالتدريب في الأردن؟ ، قال ملك الأردن "نحن نتحدث مع العراقيين ، فهم مهتمون بأن نقوم بالتدريب لصالحهم ، وقد زارنا رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي قبل حوالي ستة أسابيع وكانت زيارة ناجحة جدا، وقد فتحنا أبوابنا لنرى كيف يمكن لنا أن نساعدهم". وأضاف " ومن الواضح أن النظر في موضوع تدريب الجيش السوري الحر للتصدي لداعش مسألة خاضعة للنقاش حاليا ، لكن المسألة هي التواصل مع العشائر التي تقاتل داعش داخل سوريا ، وتحديدا في شرق سوريا". وتابع " إن هناك انطباعا سائدا في شرق سوريا وفي سوريا عموما وأيضا في غرب العراق ، حيث يعتقدون أن المجتمع الدولي لا يتحرك إلا إذا تعرضت الأقليات للخطر ، وتحديدا المسيحيين أو الأكراد ، ولكن عندما يتعلق الأمر بالسنة فإنهم مهملون أكثر من غيرهم نوعا ما ، ولهذا فإن عامل الوقت مهم جدا وفي اعتقادي علينا أن نتواصل مع العشائر في غرب العراق وشرق سوريا لنجعلهم يشعرون أن المجتمع الدولي مهتم بهم"..وتابع "بحدود نهاية العام هناك إجراءات يجب اتخاذها ، ولا أريد التحدث هنا عن هذه المسائل ، ولكن هناك خطوات يجب اتخاذها خلال الأسابيع القادمة". وقال العاهل الأردني "إنني أعتقد أنه في نهاية المطاف سواء في العراق أو سوريا لابد أن تنفذ هذه المهمة من قبل السكان المحليين أنفسهم لكن تزويدهم بالعتاد والدعم مسألة أخرى".. متسائلا كيف يمكن تأمين الدعم لهم على أرض الواقع؟. وأضاف "الآن هناك هجمات جوية ، لكن هناك أسئلة هل نؤمنهم بالدعم جوا أم برا ؟ كيف يمكن أن نحميهم وندعمهم؟ .. أعتقد أن هذه هي القضايا التي سوف تبحث..ولكني لا أريد لأي شخص أن يظن أن أي طرف منا يتحدث عن إرسال قوات برية لحل المشكلة ففي نهاية المطاف على السوريين وكذلك العراقيين أن يحلوا المشكلة بأنفسهم". وحول الأوضاع في سوريا ، قال الملك عبدالله الثاني "إن الحل لن يكون سريعا في سوريا ، لأن تعقيدات الوضع هناك تشتمل على قضيتين وهو ما يعقد النقاش ، فهناك الحرب من أجل تغيير النظام في غربها والحرب ضد داعش في شرقها وعليه ، ولابد من حل المشكلتين في آن واحد". وعن اللاجئين السوريين ، قال العاهل الأردني "لدينا مليون ونصف المليون سوري وهم يشكلون 20 % من عدد السكان في السنة والنصف الماضية..ويقيم 90 % منهم تقريبا خارج مخيمات اللاجئين بمعنى أن نسبة ضئيلة هي التي تقطن المخيمات فيما تتوزع البقية في جميع أرجاء المملكة وهكذا وضع له بالغ الأثر على نظامنا التعليمي وكذلك القطاع الصحي ومدارسنا الآن مضطرة للعودة لنظام الفترتين بهدف استيعاب أعداد الطلبة"، لافتا إلى أن الدعم الخارجي لم يغط سوى 29% تقريبا من موازنة المملكة التي لاتزال تعاني من عجز مقداره 9ر1 مليار دولار لتغطية نفقات اللاجئين. وعما إذا كان بعض القادمين من سوريا قد جاءوا ليكونوا من الجهاديين ؟ قال الملك عبدالله الثاني أن هذا الخطر ماثل دائما ، وأضاف " إن جزءا من المشكلة يتمثل في عملية التدقيق الأمني للعدد الكبير من اللاجئين فليس كل القادمين عبر الحدود هم بالضرورة لاجئون فهنالك بعض العناصر السيئة". وتابع "إن هذا يعد أحد أهم مصادر القلق اليومي لدينا ، إلا أننا محظوظون حتى الآن بنجاحنا في عملية التدقيق الأمني على أغلب القادمين إلينا عبر حدودنا الطويلة ، وسيبقى لدينا دائما هاجس حول هذا الأمر".