أكد الدكتور خالد سمير ،عضو مجلس نقابة الأطباء،أنه لا خلاف على أن التعليم الطبي في مصر منهار تماما، ويعم بفوضى شاملة ، لافتا إلى أن أسباب إنهياره تبدأ من الثقافة الخاطئة المنتشرة في المجتمع المصري ، حول كون كليات الطب كليات "قمة " وشحن الطلاب معنويا بضرورة الإلتحاق بها بغض النظر عن اهتمام الطالب أو حبه لمواد الدراسة في هذه الكلية. وأضاف سمير في تصريحات خاصة ل "صدى البلد" أن الإمتحانات التي يمر بها طالب الثانوية العامة ، ونتائجها غير الموجودة على مستوى العالم كله، والتي لا تعبر بشكل حقيقي عن مستوى الطلاب تجعل كثير ممن يلتحقون بكليات الطب غير ملائمين لها ، لافتا إلى وجود مشكلة تتعلق بالتوظيف السياسي للجامعات، تجعلها مجبرة على القبول بأعداد اكثر من الاماكن المتاحة بها فعليا، لافتا إلى أنها على مستوى العالم تقبل ما بين 200ل 250 طالبا أما في مصر فتقبل بألف طالب ، مما يمنع الطلاب من الحصول على تعليم حقيقي. وأشار إلى أن الطالب داخل الكلية يتعرض للامتحانات غير الموضوعية "الشفوية والتحريرية"والتي توقف العالم كله عن استخدامها ، لافتا إلى أن السائد الآن في العالم هي امتحانات " الصحيح والخطأ والاختيار من متعدد والتكملة " والتي قد تصل لألف سؤال بالامتحان الواحد، مما يسمح بتغطية المنهج كله والتأكد من أمان الخريج على المواطن ، لافتا إلى وجود وسائل أكثر صرامة للتأكد من نجاح الطالب مثل وضع أسئلة داخل الإمتحان يعتبر من لا يجيب عليها بشكل صحيح غير ناجح. وأكد أن هناك تباينا كبيرا في مستوى الخريجين بمصر، بسبب عدم الإعتماد على نظام جودة الخريج، والإهتمام بالجودة الورقية والمتمثلة في تقييم أعضاء هيئة التدريس وإمكانيات، مما يجعل المستوى النهائي للطلاب غير موحد ، مضيفا : "لابد من إجراء امتحان موحد على مستوى الدولة للتأكد من أمان المرضى". وأوضح سمير أن عدد الخريجين من كليات الطب في مصر يصل إلى 11 ألف سنويا، وهو ما يمثل 3 اضعاف المعدل العالمي فيما يخص عدد الطلبة بالنسبة لعدد الأطباء الموجودين بالفعل، ففي مصر يوجد 66 طبيب خريج لكل ألف طبيب، بينما على مستوى العالم يوجد 20 طبيب خريج لكل ألف طبيب، وبالنسبة لعدد السكان في مصر يوجد طبيب لكل 500 مواطن، مشيرا إلى أن تلك النسبة للاسف تسببت في انعدام الأخلاقيات بين الأطباء رغبة في الإستحواذ على المرضي، وأن الطبيب نفسه أصبح لا يجد وقتا لتأهيل نفسه بسبب التنافس للفحصول على أموال أكثر. وتابع : " للأسف الشديد الاطباء المصريين يتكدسون في 3 محافظات فقط دون الأخرى وهي القاهرة والإسكندرية والجيزة ". وشدد سمير على وجود مشكلات أخرى منها التعامل مع شهادات الماجستير والدكتوراة والدبلومة على أنها شهادات ممارسة ، لكنها في واقع الأمر شهادات ورقية أكاديمية وليست إكلينيكية ، لافتا إلى أن كل العالم توقف عن اعتبار تلك الشهادات تسمح بممارسة التخصص ، وينظر إليها فقط على أنها شهادات نظرية. ولفت أيضا إلى صعوبة توفير أماكن لتدريب كافة خريجي كليات الطب تبع كلياتهم لافتا إلى أن كثرة اعدادهم تصعب ذلك ، خاصة أن الطبيب الجراح مثلا لابد أن يقوم بعدد عمليات لا يقل عن 25 في العام بالإضافة إلى ضرورة متابعته ل 125 عملية ، حتى يمكن القول إنه حصل على تدريب كامل. وشدد على خطورة تعيين بعض الخريجين بعد التخرج مباشرة في مستشفيات حكومية بالأرياف دون وجود إشراف عليهم ، ودون تدريب سابق، مشددا على أن الطبيب لابد أن يحصل على تدريب لمدة 3 سنوات على الأقل قبل منحه رخصة ممارسة المهنة. كما رفض سمير ما تسميه وزارة الصحة بوظيفة " النيابة " في المستشفيات لافتا إلى أنها لا تصلح لأن تكون وظيفة لأن من يقومون بها في الغالب متدربين دون وجود إشراف من كبير أطباء عليهم. كما أشار سمير إلى وجود مشكلة في التخصصات بسبب توجه الطلاب لدراسة تخصصات غير مطلوبة بشكل كبير في المجتمع نظرا لأن الاموال التي تدرها عليه أكثر من تخصصات أخرى مطلوبة بشدة في المجتمع لكنها لن تدر نفس الربح. وتابع : فسادة منظومة التعليم الطبي بمصر مرتبط بشكل كبير بفساد المنظومة الصحية ، والدولة لا تدرك ان الزيادة في أعداد الطلاب سبب رئيسي في مشكلات التعليم الطبي في مصر ، لافتا إلى أنه مع قلة الأعداد سترتفع كفاءة الطبيب، وراتبه.