لا يخفى على أحد الدور الخفي الذي تلعبه سفارات ووكالات الولاياتالمتحدةالأمريكية في كل مكان من العالم للتدخل في شؤون الدول والحيلولة دون استقلال القرار في هذه البلدان وخلق رأي عام مؤيد لسياسات واشنطن وداعما لما تقوم به من فتك لكل القيم الإنسانية وإظهار صورتها بصفتها المدافع الوحيد عن الديمقراطية وملاذ الراغبين في الحرية في كل بقاع الأرض مستخدمة في ذلك كافة الوسائل المشروعة وغير المشروعة لتحقيق ذلك على حساب أبناء هذه الشعوب. ونال مصر قسطا كبيرا من هذا التدخل الناعم في شؤونها وهو ما ظهر جليا في وثيقة لموقع "ويكيليكس" عن مضمون ما دار في اجتماع عقدته السفيرة الأمريكية السابقة مارجريت سكوبي مع صحفيين مصريين ونشطاء بحقوق الإنسان، شاركوا في برنامج جيل جديد من دعاة الزمالة"، وذلك عقب عودتهم من الولاياتالمتحدة في أعقاب ثورة يناير " وذكرت الوثيقة وقتها أن الاجتماع تناول العقبات لإعادة بناء مصر واقترح المشاركون على الجهات المانحة الدولية المساعدة إنشاء مؤسسات فكر ورأي مصرية مستقلة يمكنها أن تتطور إلى بدائل حالية. وأضافت الوثيقة أن الحاضرين تناولوا أهمية موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" ووسائل الإعلام الجديدة، ولفتوا إلى حاجة المجتمع المدني للطبقة العاملة والحرفيين خاصة خارج القاهرة وتم خلال الاجتماع الإشارة إلى وجود مال وفير لتمويل المنظمات ومن المفترض أن يصل إلى الطبقة الدنيا من المجتمع المدني، وقد أثار العديد منهم مشكلة تدخل الأمن في عملهم خاصة وفي المجتمع عامة وأوضح بعضهم أن ممارسة الضغط الأمريكي قد يوقف الأمن عن التدخل في عملهم، لكن من الأفضل أن يكون الضغط عن طريق محادثات سرية وليس بيانات رسمية معلنة كسلاح فاعل، وتحدث المشاركون بإيجابية عن تجربتهم بالولاياتالمتحدة وعن البرنامج وبينوا أنهم مازالوا على اتصال ببعض وملتزمين بعملهم. تلك كانت إحدى الوثائق فقط التي دلت على ما تقوم به السفارة الأمريكية في القاهرة من محاولات لزعزعة الاستقرار عن طريق المنح التي تقدم للصحفيين والإعلاميين والنشطاء . ولذلك جاء اهتمام الرئيس عبد الفتاح السيسي بالإعلام كأحد عناصر القوى الناعمة للدولة من خلال تركيزه في الخطابات عليه ونظرا لفقد الولاياتالمتحدة الكثير من العناصر الإعلامية الموالية لها خلال ثورتي يناير 2011 ويونيو 2013 فقد قررت من جديد اختراق الكيان الإعلامي للدولة من خلال ثلاث محاور "السفارة الأمريكية ووكالة التنمية الدولية "المعونة"ثم تأتي" الجامعة الأمريكية" في المرتبة الثالثة ووزعت الأدوار عليهم كالتالي ففي السفارة تتم لقاءات مع مجموعة من الصحفيين ويتم فيها التطاول على الدولة المصرية للتحفيز ضدها وضد مصالحها كما يتم فرز عدد من الإعلاميين وعمل اتصالات مباشرة لترشيحهم للسفر إلى الولاياتالمتحدة لحصولهم على دورات تدريبية لتجهيز صف جديد من الإعلاميين موال للولايات المتحدة ينفذ أجندتها الخاصة. أما في وكالة التنمية الدولية "المعونة" فيتم توجيه جزء كبير من الأموال المخصصة بها لصالح تدريب الإعلاميين والنشطاء على برامج تهدف لخدمة مصالح الولاياتالمتحدة بالتنسيق مع الجامعة الأمريكية ومؤسسات المجتمع المدني والاتحاد الأوروبي. وتسعي الولاياتالمتحدةالأمريكية من خلال تلك الوكالة لتمويل بعض الصحف الغير واسعة الانتشار وخاصة في المحافظات لتبني الرؤيا الأمريكية تجاه الأوضاع في مصر حتى يتم تشكيل رأي عام موال لأمريكا ومعارض للدولة في هذه المحافظات. وفي "الجامعة الأمريكية" تقوم الجامعة بعمل ورش تدريبية لعدد من الإعلاميين والصحفيين وخاصة الشباب منهم وبعض المنتمين للجماعات الإرهابية مثل جماعة الإخوان والجبهة السلفية بهدف حثهم على خلق كيان مواز للمجلس الوطني للإعلام المزمع إنشاؤه طبقا لمواد الدستور وكذا تدريبهم على المراوغة وتبادل المصالح مع الدولة والتلميح بأن قضية حوض النيل عبارة عن مساعي فقط ولن تسفر عن أي نجاحات ملموسة. كما تحتضن الجامعة بعض منظمات المجتمع المدني وتقدم منح مباشرة لهم سواء بحثية أو تدريبية دون إحاطة أي من وزارة الخارجية أو وزارة التعاون الدولي بهذا الشأن. وبعد كل هذا لا نملك شيئا إلا أن نحذر من الأذرع الأمريكية في مصر التي تحاول اختراق أهم خطوط الدفاع عن الهوية وهو "الإعلام" ولابد للدولة والأجهزة المعنية أن تتصدى لمحاولات السيطرة على المنظومة الإعلامية في مصر حتى لا يتم تمرير المصالح الأمريكية في البلاد وفي المنطقة على حساب المصريين أو الضغط على الحكومة من خلال رأي عام مؤيد لسياسات واشنطن يندد بسياسات الدولة ويساهم في زعزعة الاستقرار.