بدأ ممثل النيابة مرافعته في أحداث مجلس الوزراء بقوله تعالى: "إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا او يصلبوا أو تقطع ايديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض". وغلظ جزاء كل منهم فجعلهم القتل تارة و الصلب تارة وقطع الأيدي والأرجل من خلاف تارة والنفي من الأرض تارة أخرى وما ذلك إلا تدليلاً على الإثم و خطورة الجرم ووضاعة الخطيئة. وتابع ممثل النيابة قائلاً إن كان هذا هو مقام جريمة الإفساد في الارض لدى خالقها فما بالنا بمقامها لدينا نحن البشر، وكما قال تعالى: "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم و العدوان" ، حيث تعجب ممثل النيابة قائلاً: حال مطالعتي لوقائع دعوانا حيث إن ما أتاه المتهمون من وقائع قد خالف ما أمرنا به خالق الكون وذلك بأن تعاونوا على الإثم والعدوان لا على البر والتقوى. وناشد ممثل النيابة المحكمة مطالباً وبحق ان تضربوا بيد من حديد على أولئك الضالين الآثمين على أولئك الذبن يشيعون في الأرض مفسدين على أولئك الذين بفرارهم من قسم ربهم ظانين من أجل هذا المجتمع الذي تألم طويلاً ، وبكى كثيراً على عزيز فقد و على غال سقط , ممثلين لمجتمع يُعتدى عليه بين الحين والآخر ، تارة بإسم الدين وتارة بإسم القانون و تارة بإسم الحرية. وتابع قائلاً : جئناكم اليوم بعد أن حٌملنا أمانة الدفاع عن مجتمع بأسره وكُلفنا بشرف التعبير عن آلامه وأوجاعه، وحقاً اقول انه شرف لا يدانيه شرف و أمانة لا تعلو عليها أمانة ووجه ممثل النيابة حديثه للمحكمة قائلاً إن العدل من صفات الله و انتم ظل الله في أرضه فهو من صفاتكم بل هو ألصقها و أشدها اتصالاً بواجبكم. إن قضيتنا اليوم ما هي الا ورم سرطاني إستشرى في جسد مصرنا الحبيب و إن الله عز وجل أوكل لكم علاج الوطن من هذا المرض بإستئصاله بأحكامك الرادعة وان النيابة حين أرتأت المرافعة في تلك القضية فإن ذلك مرده الى أهميتها البالغة وخطورتها الداهمة ، وتلك الخطورة لا تقتصر على كون المجني عليه فيها هو وطن بأكمله فحسب بل أن أهميتها تكمن في كون ما حوته من شرور وآثام لقد أُرتكبت بإسم أسمى القيم الإنسانية بإسم الحق والحرية تكمن أهميتها في كون الجرائم التي ضمتها هذه القضية بين دفتيها قد وقعت على وطن جريح مشتت القوى والعافية. وتابع ممثل النيابة قائلاً لقد حُملنا بدماء ذرفها ثلاثمائة وسبعة وعشرين جريحاً من ضباط ومجندي وزارة الداخلية والام أوجعت أربعة وثمانين جريحاً من ضباط ومجندي القوات المسلحة جئناكم نحمل بين أيدينا وطناً اشتعلت النيران في قلبه قبل ان تشتعل في بنياته وطن حاول أراذل القوم هدم تاريخه قبل أن يُهدم حاضره . وتكمن أهمية القضية في أن الحكم الصادر فيها من شأنه ان يقف حائلاً بين هؤلاء المتهمين ومن على شاكلتهم هو عنوان الحق بلاشك وكلمة النهاية لهذا الإستهزاء بالوطن. وسرد ممثل النيابة وقائع الدعوى مؤكداً أنها في حقيقتها تاريخ وطن بأكمله جريح ينزف يوماً بعد يوم ولم يجد من يضمد جراحه حتى اليوم هي وقائع ارتسمت على تجاعيد وجه فلاح مصري يمسك الفأس و يزرع الخير ، إرتسمت في صفحات كتاب أٌودع بالمجمع العلمي منذ سنين طوال واحترق في غفلة من الزمان . فإن وقائع الحادث الأليم ترجع لأواخر الحادي عشر من الألفية الثانية إلا أن مقدمتها سابقة على ذلك متزامنة مع الحالة المزرية التي يعشها المجتمع المصري بأكمله ، وهي حالة الزخم السياسي نتيجة لنشاط الجماعات المعارضة قانونية وأو غير قانونية حيث توجه مجموعة من المتجمهرين قاصدين القصر العيني والشوارع المحيطة بمجلس الوزراء ومحيط مجلس الوزراء بما فيها من مصالح حكومية ومنشآت حكومية و ألحوا على تتنظيم المسيرات بتلك الشوارع ودعوا الى التعدى على من يحول دون وصولهم الى صالتهم في تلك المنشآت معلنين أن أهدافهم إسقاط الحكومة الإنتقالية وإنتشرت تلك الدعاوي عبر شبكة المعلومات الدولية " الإنترنت ". وتسائل ممثل النيابة خلال المرافعة قائلاً : من هم المتهمون و أجاب إنهم حفنة من ضعاف النفوس إنهم من نسوا الله فأنساهم أنفسهم وكفروا بنعمة العقل التي ميزنها بها عز وجل فإنحرفوا به من الفكر القويم الى البحث عن عظيم الجرائم و إرتكابها و كبائر الإثم واقترافها وأعملوا هذا العقل فيما لا يضر و لا ينفع . ويتعدى إذا أنهم إلى مجتعهم أنهم حفنة ممن يتريصون بالوطن حتى اذا ما سقط جريحاً إنقضوا عليه ينهشون من لحمه ويشربون من دمائه , فمذهبهم أني أنا ومن بعدي الطوفان إنهم أناس أحرقوا الماضي والحاضر ، وتذرعوا بالحرية التي هي أسمى القيم الإنسانية واتخذوا منها رداء يستر سوءاتهم . والعجيب أن الجناة فعلوا كل ما فعلوا من جرائم وهو يهتفون " سلمية سلمية " يهتفون بالسلمية و هم بعيدون عنها كل البعد فهم يحملون الأعيرة النارية و يطلقون منها الطلقات بكل سلمية تصبب أفراد الشرطة والجيش بكل سلمية يلقون المولوتوف ويقولون سلمية يحرقون التاريح و يقولون سلمية فأي سلمية تلك؟ أهي "سلمية القتل ؟ أم سلمية لتخريب". وتابع : علم المتهمون جميعاً بالدعوى لتنظيم المسيرات كما علم بها عامة الناس، إلا أن وقائع تلك الدعوى عليهم كان مختلقاً فقد اتفق المتهمون على استغلال هذه الدعوى في إثارة المواطنين وتحريضهم على التجمهر وارتكاب أعمال شغب والتعدي على القوات الشرطة و الجيش وصولاً الى خلق حالة من الفوضى تمكنهم من القيام بأي نشاط إجرامي. وأعدوا العدة و جهزوا الأدوات التي يستخدمونها من أسلحة بيضاء و زجاجات مولوتوف , يالها من خطة شيطانية أبتدعتها عقول آثمة ، وقامت الثورة والتي تعني الحرية و الحرية لديهم تعنى الفوضى والتخريب والقتل فجمع المتهمون أنفسهم،و اغتسلوا بماء الغدر و توضأوا بماء الخيانة ، وأشعل كل منهم المولوتوف صوب المجلس العلمي ومجلس الشورى لتتصاعد ألسنة اللهب تحرق القاهرة وتتصاعد معها رائحة التاريخ ، وعصارة فكر نوابغ أبنائها مخططات وكتب إستحالت وقوداً لمآرب المتهمين الآثمة. وقدم ممثل النيابة خلال مرافعته عددا من الأدلة قائلاً إن هذه الإتهامات لم تكن رجماً من الغيب إنما بنى على أسانيد رافعة و رواسي شامخة فأولى هذه الأدلة هو الإعتراف فهو ما نلقبه نحن أهل القانون سيد الأدلة وهذا الإعتراف لم يكن قولاً مرسلاً جرى على لسان من صدر عنه وانما جا متسانداً مع باقي الأدة . وقد اعتراف المتهمم من الأول حتى الخامس بالجرائم المنسوبة ، وأقر كل منهم بارتكاب واقعة حريق المجمع العلمي ، وكذا أقر باشتراك المتهين حتى الحادي و العشرين في إرتكاب تلك الجرائم و ذلك إبان تفريغ الاسطوانات المدمجة المرسلة بصحبة كل منهم ، كما أقر المتهم 266 بإرتكاب الجرائم المسنوبة اليه مضيفا بأنه كان يمد المتهم الحادي عشر و غيره بزجاجات البنزين لإستخدامه في الإعتداء على رجال الجيش . كما أقر المتهم " أحمد دومة " المتهم رقم 194 الماثل أمام عدالتكم اليوم بحلقة برنامج " الحقيقة " المذاع بفضائية " دريم " بتاريخ 20 ديسمبر 2011 أنه قد ألقى المولوتف على أفراد القوات المسلحة بمبنى مجلس الشعب وأيد ذلك بحقلة اخرى في ذات البرنامج تفصيلات فعلته الشنعاء التي اقترفتها يداه. والديل الثاني فهو تحريات رجال البحث الجنائي التي توصلت الى ان المتهمين قد إرتكبوا الجرائم المسندة الى كلاً منهم بالغين بذلك مقصدهم وتمت الجريمة بنا على ما أتوه من تحريض و مشاركة في تلك الأفعال ختام. والدليل الثالث وهو إقرار المتهمين بمحاضر جمع الإستدلالات عقب ضبطهم على مسرح الجريمة بإرتكابهم الجرائم المسندة الى كل منهم , أما الدليل الرابع فهو شهادة المخلصين من أبناء هذا الوطن والذين جاءت أقوالهم متضافرة مع تحريات رجال البحث الجنائي. وتابع ممثل النيابة قائلاً إن ألادلة القولية في الأوراق لم تقف عند هذا الحد بل امتدت إلى شهود عيان رأى كل منهم أثار الدمار التي خلفها الجناة وراءهم من تخريب و إتلاف وقتل وسرقة. أما الدليل الخامس فهو ما ورد في تقرير الطب الشرعي الخاص بالملازم " احمد ضياء العشماوي " بالقوات المسلحة والذي ثبت فيه أن إصابته بالقدم اليسرى حدثت من عيار ناري. والدليل السادس في هذه القضية هو تقارير الأدلة الجنائية والتي ثبت بها ان اثار الإحتراق واتجاه سريان النيران بالمجمع العلمي و مجالس الشعب و الوزراء و الشورى بدأت و تركزت بمناطق معددة و منفصلة وان الحريق شب ونتيجة لإيصال و إلقاء مصادر حرارية سريعة و متنوعة كلهب الزجاجات الحارقة وان الأسلحة التي ضبطت بحوزة المتهمين اسلحة بيضاء مدرجة بالجدول رقم 1 بقانو ن الأسلحة والذخائر كما ثبت من معاينة النيابة لمسرح الأحداث حيث تبين مجموعة من المتجمهرين يلقون الحجارة . في ختام مرافعة النيابة و التي وجهت حديثها للمحكمة قائلة هذه هي أدلة الدعوى طرحناها على عدلكم ، وآمل أن تكون قد حققت بغيتنا في إقناعكم بإرتكاب المتهمين هذه الجرائم الشنعاء , وأضافت النيابة أنه من واجبي إلقاء الضوء على مسالة هي عماد أمر الإتهام و ركيزته الأساسية التي إعتمد عليها عند تكييف الوقائع الا وهي جريمة التجمهر كما وجهت النيابة رسالة الى القائمين على امن هذا البلد و سلامته قائلة : ان السكوت على مثل تلك الأفعال هي جريمة في حق المجتمع و الأمة لا تكفي فيها نصوص قانون العقوباات فحسب فهي كالمرض الخبيث لا ينفع معه علاج ولا يرجى منه شفاء و الأجدى هنا إستئصاله من جذوره حتى لا يعاود الظهور مرة أخرى فالأمر يتطلب إعادة النظر وتكاتف الجهود مننا جميعاً لوقف هذا العبث و إستقراره وسلامة اراضيه . وطالبت النيابة بتوقيع اقصى العقوبة على المتهين وإنزال اشد العقاب بحكم رادع زاخر علع يطفي نيران الغضب التي إشتعلت في نفوس البسطاء.