* الرئيس السيسي ل"كونا": مصر بدأت تستعيد مكانتها الإقليمية والدولية رغم محاولات عرقلة دورها * هناك تدخلات خارجية استغلت الثورات العربية ومولت قوى الإرهاب والتطرف في ليبيا وسوريا * استفحال خطر المجموعات التكفيرية في سوريا والعراق سيقرب وجهات النظر العربية * الحكومة المصرية تنتهج سياسة "النفس الطويل"..وسنظل صامدون شعبا وجيشا لحماية الوطن * جهود مكافحة الإرهاب في سيناء تجري على قدم وساق * العمليات إرهابية الغادرة تتم بمساعدات خارجية * المشكلات الاقتصادية لن تثنينا عن مواصلة خطط التنمية الشاملة في مصر أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي أن مصر بدأت تتعافى وتستعيد مكانتها الإقليمية والدولية رغم ظروفها الاقتصادية ومحاولات عرقلة دورها، مشيرا إلى أهمية تصويب الخطاب الديني وتخليصه من أية شوائب تجافي صحيح الدين الإسلامي. ونوه السيسي، فى حواره مع رئيس مجلس الإدارة والمدير العام لوكالة الأنباء الكويتية "كونا" الشيخ مبارك الدعيج الإبراهيم، إلى أن العلاقات بين مصر والكويت تاريخية ووطيدة، وكانت دائما نموذجا لعلاقات الأخوة ووحدة المصير بين الأشقاء العرب، وأنها ستظل علامة مضيئة للتعاون العربي، مشددا على أن أمن الخليج خط أحمر لا ينفصل عن الأمن القومي المصري. وأوضح ارتباط مصر بمحيطها الخليجي ارتباطا قويا ووثيقا، وقال إن التعاون بينهما يمثل أرضية مناسبة لدعم العمل العربي المشترك، كما أكد أهمية تكاتف الدول العربية وترابطها في المرحلة الفارقة، والعمل على إعادة بناء الدول العربية المتضررة والحيلولة دون إضعاف دول عربية أخرى. ولفت السيسي إلى أن هناك تدخلات خارجية استغلت الثورات العربية ومولت قوى الإرهاب والتطرف في ليبيا وسوريا، معتبرا أن استفحال خطر المجموعات التكفيرية في سوريا والعراق وسعيها إلى التوسع سيقرب وجهات النظر العربية تجاه تسوية الأزمة السورية. وعن بعض الأعمال التي تعكر صفو المجتمع المصري رغم ما شهده من استقرار ملحوظ خلال الأشهر الماضية، وإلى متى تستمر هذه الأعمال، قال السيسي إن "هذه المظاهرات لا تمثل الغالبية العظمى من المصريين، ولكنها تمثل فئة قليلة للغاية تحاول الخروج على النظام وإثارة الرأي العام"، مؤكدا وعي الشعب المصري لمثل هذه المحاولات وأنه لن يستجيب لها. وأضاف: "أود أن أطمئنك وأطمئن الشعب المصري وجميع الشعوب العربية المحبة للسلام والاستقرار، أن الحكومة المصرية وبمساندة الشعب المصري تنتهج سياسة "النفس الطويل".. وسنظل صامدين شعبا وجيشا لحماية الوطن.. وبإذن الله عن قريب سنقتلع جذور الإرهاب وسننعم بكامل الاستقرار والهدوء في مصر، وستظل وطن الأمان وسيبقى أهلها في رباط إلى يوم القيامة". وبشأن رؤيته لمكافحة ظاهرة الارهاب التي تتعرض لها مصر والعديد من الدول العربية، وإلى أين وصلت الحملة التي بدأتها قوات الأمن المصرية لمكافحة هذه الظاهرة في سيناء، أوضح السيسي أن الرؤية المصرية لمكافحة الإرهاب رؤية شاملة تؤكد على أهمية البعد التنموي بشقيه الاقتصادي والاجتماعي، إلى جانب الجهود الأمنية والمواجهة العسكرية بهدف القضاء على الأسباب الأساسية التي تمثل بيئة خصبة لاستقطاب بعض العناصر المحبطة، ولاسيما من الشباب، لافتا إلى أنه تبرز هنا أهمية تصويب الخطاب الديني لتصحيح صورة الإسلام وعرض حقائقه بسماحتها واعتدالها. وقال إنه "تتواكب مع ذلك أهمية الخطاب الإعلامي، فنحن في العالم العربي بحاجة إلى خطاب إعلامي واع ومسئول يساهم في توفير حالة اصطفاف وطني وراء هدف واحد، وهو الحفاظ على الدولة الوطنية والعمل على دعمها وتقويتها والحيلولة دون سقوطها أو تفتيتها". أما بالنسبة لجهود مكافحة الإرهاب في سيناء، أشار السيسي إلى أنها تجري على قدم وساق، حيث تم إغلاق معظم الأنفاق، كما يتم تنفيذ عمليات لتمشيط سيناء بشكل دوري. وأضاف: "ما نشهده من عمليات إرهابية غادرة، ومنها العملية الأخيرة التي استهدفت نقطة تفتيش "كرم القواديس" فإنما تتم بمساعدات خارجية، ولكن الدولة المصرية اتخذت إجراءات سريعة، ومن بينها فرض حالة الطوارئ وحظر التجوال وحماية المنشآت العامة والحيوية بمشاركة القوات المسلحة، إلى جانب رجال الشرطة وجار تنفيذ عمليات عسكرية في سيناء لملاحقة العناصر الإرهابية، وتم بالفعل القضاء على عدد من العناصر المتورطة في تنفيذ العملية الأخيرة في شمال سيناء". وردا على سؤال حول العلاقات المصرية الكويتية، ورؤية السيسي نحو تعزيزها في المستقبل، قال السيسي إن "العلاقات الأخوية والتاريخية بين مصر والكويت، هى علاقات عريقة ووطيدة واستثنائية، حيث قدمت هذه العلاقات الثنائية دائما نموذجا لعلاقات الأخوة ووحدة المصير بين الأشقاء العرب اختلطت خلالها دماء الشهداء من مصر والكويت، وستبقى العلاقات المصرية - الكويتية علامة مضيئة للتعاون والتنسيق بين الأقطار العربية، وسنعمل معا لتعزيزها وتدعيمها حفاظا على مصالحنا المشتركة". ونوه إلى أن لقاءه مع أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، خلال حفل تنصيبه بالقاهرة، ساده مناخ من الأخوة الحقيقية والتفاهم والحرص المشترك على دعم العلاقات الثنائية مع دولة الكويت الشقيقة، مشيرا إلى أنه دائما ما تسود اللقاءات المصرية - الكويتية الأجواء الودية والحرص على تطوير العلاقات بين البلدين، وبشكل خاص في المجالات التجارية والاقتصادية والاستثمارية، حيث تحتل الكويت المرتبة الخامسة ضمن قائمة الدول الأجنبية المستثمرة في مصر، والثالثة عربيا. وأكد أنه سيتم العمل بين البلدين على دعم هذه الاستثمارات وتنميتها وتذليل أي عقبات تواجهها بما يحقق المصالح المصرية والكويتية، وجدد إعرابه عن تقدير الشعب والحكومة المصرية للدعم السياسي والاقتصادي الكويتي لمصر منذ ثورة 30 يونيو وحتى الآن، موضحا أنه يؤكد على إيمان الجانبين بوحدة المصير المشترك. وحول إذا كانت لديه نية لزيارة الكويت فى الوقت القريب، قال السيسي: "دائما ما تكون النية منعقدة لزيارة الدول العربية الشقيقة، وأتطلع إلى زيارة الكويت للالتقاء بالأمير الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح والتباحث بشأن مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك على الصعيدين الإقليمي والدولي وتعزيز العلاقات الثنائية المتميزة بين البلدين". وبشأن رؤية الرئيس عبد الفتاح السيسي للتحديات الداخلية والخارجية، ومنها الأوضاع الاقتصادية التي تعاني منها مصر منذ 25 يناير 2011 في ضوء تطلعات شعبية كبيرة وخطط تنموية طموحة، قال السيسي: "لقد تراكمت مشكلات اقتصادية على مدار عقود طويلة وترافقت معها زيادة سكانية متنامية بمعدلات مرتفعة ولكن هذه المشكلات لن تثنينا عن مواصلة خطط التنمية الشاملة في مصر، ولذلك فقد توجهنا في مصر نحو المشروعات الاقتصادية العملاقة التي من شأنها إحداث نقلة نوعية في الاقتصاد المصري، والتى يأتي في مقدمتها مشروع حفر قناة السويس الجديدة وتنمية محورها والعمل فيه يجري على قدم وساق". وأعرب عن أمله فى أن يتم إنجاز مشروع القناة الجديدة في عام واحد بدلا من الفترة التي توقعها الخبراء، والتي تراوحت فيما بين ثلاثة إلى خمسة أعوام، مشيرا إلى أنه بالتوازي مع هذا المشروع فقد أعطى إشارة البدء في إنشاء مركز لوجيستي عالمي لتخزين وتداول وتجارة الحبوب والغلال في ميناء دمياط، منوها إلى أنه الأول في سلسة من مشروعات مماثلة سيتم تنفيذها. وأوضح أنه "على صعيد التنمية الزراعية فنستهدف استصلاح مليون فدان كمرحلة أولى من خطة التنمية الزراعية، التي تستهدف استصلاح أربعة ملايين فدان.. إننا نتحرك في اتجاهات متعددة معولين على عناية الله وإرادة الشعب المصري، ونتوقع المزيد من الدعم والتعاون من جانب أشقائنا سواء من خلال المساهمات المالية أو الاستثمارات المباشرة أو القروض الميسرة". وعن عودة الاستثمارات العربية والأجنبية لما كانت عليه وما تحتاجه من جهد كبير من خلال سن تشريعات وقوانين وإجراءات جاذبة للاستثمار ومعالجة المشاكل التى تعرض لها بعض المستثمرين بعد ثورة 25 يناير، قال السيسي إن "التشريعات الاستثمارية المصرية كانت في حاجة ماسة إلى التعديل للتيسير على المستثمرين والمساهمة في جذب المزيد من الاستثمارات، ومن ثم فإن الدولة عاكفة على صياغة حزمة جديدة من القوانين في هذا الصدد، وفي مقدمتها قانون الاستثمار الموحد وما يتصل به من قوانين العمل والضرائب وغيرها". وأضاف: "كما أننا نتوجه إلى تطبيق نموذج "الشباك الواحد" لاختصار الإجراءات وتوفير الوقت والجهد على المستثمرين، وفي هذا الصدد نرحب بالأشقاء من دولة الكويت للاستثمار في مصر في شتى المجالات، كما نتطلع إلى حضور فاعل لدولة الكويت ومؤسساتها التمويلية مثل الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية في المؤتمر الاقتصادي الذي ستستضيفه مصر في فبراير المقبل". وأوضح السيسي أن حفر القناة الجديدة سيؤدي إلى سهولة الحركة الملاحية في القناة لقوافل السفن القادمة من شمال وجنوب القناة، وسيخفض ساعات الانتظار بشكل كبير، وهو الأمر الذي من شأنه اختصار وقت ملاحة السفن وإيصال البضائع، حيث تستوعب القناة بمجراها الملاحي الحالي 49 سفينة يوميا، وبعد تشغيل القناة الجديدة سيتضاعف حجم استيعابها ليصل إلى حوالي 98 سفينة يوميا. وتابع: "كما أشرت من قبل فإنه من المقرر أن يتم الانتهاء من حفر القناة الجديدة خلال عام واحد، ومن ثم فإن إيرادات القناة ستزداد بواقع 4.7 مليار دولار تضاف إلى 5 مليارات دولار، هى الإيرادات المقدرة للقناة عن عام 2014، إلا أن هذه الزيادة مرشحة للارتفاع حال اكتمال مشروع تنمية محور قناة السويس الجديدة وما سيتضمنه من مشروعات صناعية وخدمية في منطقة القناة مثل إنشاء مصانع لتصنيع السفن والناقلات البحرية وورش لإصلاحها، فضلا عن خدمات الشحن والتفريغ والاتجاه نحو إنشاء مدينة عالمية للسياحة والتسوق في خليج السويس، بالإضافة إلى توفير فرص العمل، ولاسيما للشباب وتنمية محافظات القناة، وكذا سيناء التي سيزداد ارتباطها اقتصاديا واجتماعيا بالعمق المصري". وشدد على أن إقامة هذا المشروع ستجعل من قناة السويس المعبر الملاحي الأهم لحركة التجارة العالمية، وستساهم في اجتذاب المستثمرين من جميع دول العالم لاستثمار أموالهم في المشروعات التي سيتم تنفيذها في إطار تنمية محور القناة. وبسؤاله عن مشروع الظهير الصحراوي الذي طرحه العالم الكبير الدكتور فاروق الباز، وتصوراته لتمويله إلى جانب مشروع محور قناة السويس الجديدة، قال الرئيس السيسي "في سبيلنا إلى إقامة دولة مؤسسية فإننا نعمل على وضع استراتيجيات مستقبلية قد لا يرتبط تنفيذها بالضرورة بنظام بعينه.. أي أننا نخطط لمستقبل الدولة ذاتها ومشروع الظهير الصحراوي أو ممر التنمية الذي طرحه العالم الجليل الدكتور فاروق الباز يعد أحد المشروعات الاستراتيجية التي تهتم بمستقبل الوطن وتوفر توسعا جغرافيا وتمددا للوادي الضيق بما يستوعب النمو السكاني الطبيعي المتزايد في مصر، ومن ثم فإننا لن نقوم بتنفيذ هذا المشروع دفعة واحدة ولكننا نبدأ تدريجيا، بالتزامن مع مشروع استصلاح المليون فدان والمشروع القومي للطرق في مصر، ببناء مجتمعات عمرانية جديدة متكاملة الخدمات والمرافق.. وكلما انتهينا من مرحلة نبدأ بعدها في الأخرى وهكذا". أما فيما يتعلق بمسألة تمويل المشروعات الكبرى، فأوضح السيسي أن مرحلة البناء المقبلة وما ستشهده من مشروعات ضخمة تتطلب توفير التمويل على كافة المستويات ابتداء من تعبئة مواردنا الوطنية وتعظيم الاستفادة من مساهمات المصريين سواء بالداخل أو بالخارج على غرار ما حدث في تمويل مشروع حفر قناة السويس الجديدة، حيث تمكن المصريون من جمع 64 مليار جنيه في 8 أيام فقط، وذلك جنبا إلى جنب مع الاتصالات الجارية مع بعض الدول الصديقة وشركاء التنمية للمساهمة في تنفيذ المشروعات الوطنية سواء من خلال المنح والمساعدات أو القروض الميسرة من مؤسسات التمويل العربية والإسلامية. ونوه بالقروض التي يتم الحصول عليها من المؤسسات المالية الدولية، حيث أنها تزيد الثقة في الاقتصاد المصري، وتؤكد على قدرته على الوفاء ببعض المعايير الاقتصادية التي تحددها هذه المؤسسات مما يصب في صالح بيئة الأعمال في مصر وجذب الاستثمارات الأجنبية، وكذا رفع التصنيف الائتماني لمصر، وهو ما حدث مؤخرا بالفعل حيث رفعت مؤسسة "موديز" تصنيف حالة الاقتصاد المصري من سلبي إلى مستقر. وحول رؤيته للدور الكبير الذى يلعبه الإعلام في توجيه الرأي العام، قال الرئيس السيسي "يسيء الكثيرون فهم هذه المعادلة ويريدون الانتقال بالحديث عن دور الإعلام إلى الإعلام الموجه الواقع تحت تأثير وسيطرة الدولة.. وهي وجهة نظر غير صحيحة.. ففي العصر الحالي الذي انتشرت فيه وسائل الاتصال والإعلام الحديثة أصبح الإعلام أكثر انتشارا وأسرع تأثيرا عما عداه من وسائل، بل أضحى كذلك وسيلة أساسية وسهلة لاستقاء المعلومات السياسية والاقتصادية بل وحتى الدينية، ومن ثم فإن المسئولية الملقاة على عاتق القائمين عليه قد تضاعفت بحيث لا يمكن توجيهه لخدمة مصالح ضيقة". وأضاف "فى تقديري أن العديد من وسائل الإعلام المصرية باتت أكثر تفهما وتقديرا للمسئولية الملقاة على عاتقها، وأضحت أكثر قدرة على التعاطي الإيجابي معها.. وآمل أن ينمو هذا التفهم والإدراك.. وأود في هذا الصدد أن أؤكد على محور آخر في غاية الأهمية والخطورة وهو أننا نهتم في مصر أيضا بالتعليم ونعول عليه، وليس الإعلام فقط، بكافة عناصر العملية التعليمية وفي القلب منها المناهج الدراسية التي يتعين أن يتم تحديثها وتنقيتها من أية شوائب قد يساء فهمها وتستغل لغير مرادها في نشر قيم متطرفة أو معادية للتعايش السلمي وقبول الآخر، إلا أن النهوض بقطاع التعليم وتطويره يعد عملية طويلة الأجل وتؤتي ثمارها على المدى الطويل، وذلك خلافا للإعلام الذي يستطيع توصيل رسائل مباشرة وسريعة النتائج".