في مباراتها التي أقيمت في كأس العالم الاخير قابلت ساحل العاج منتخب اليونان.. كان التعادل يكفي ساحل العاج للتأهل للدور التالي في المسابقة العالمية بينما تحتاج اليونان للفوز حتى تتأهل.. المباراة على وشك الانتهاء والنتيجة التعادل بهدف لكلا الفريقين.. وهذا لصالح ساحل العاج طبعاً.. حكم المباراة يحتسب ما مدته 3 دقائق كوقت بدل اضافي.. بعد دقيقة واحدة من الوقت الإضافي وأثناء تقدم مهاجم يوناني عند منطقة الجزاء يظهر للمشاهد ان هناك عرقلة له يحتسب على إثرها الحكم ضربة جزاء لليونان ويأتي هدف الفوز وتنتهي المباراة بتأهلهم للدور القادم وخروج ساحل العاج من المنافسة. بإعادة اللقطة يتضح جلياً أنه لم تكن هناك أي عرقلة من قبل أي لاعب من مدافعي ساحل العاج انما سقط اللاعب اليوناني من تلقاء نفسه.. كانت الإعادة واضحة جلية لكل المشاهدين. الحكم في مباراة كرة القدم له دور قيادة الملعب.. يتخذ القرارات بمشاورة مساعديه.. ثم على الجميع ان يخضع لقراره دون إثارة أي مشاكل داخل الملعب.. لو لم يكن للحكم هذا الدور ولو لم تكن له هذه السطوة في اتخاذ القرار لأصبحت هذه المباريات حلبات مصارعة وقتال ولما كانت ممتعة أبداً. وفق التطور التكنولوجي الرهيب في العالم كان بامكان اتحاد كرة القدم الدولي مثلاً ان يغير قانونه ليكون قرار الحكم في مثل هذه اللحظات خاضع للمراجعة مع فريق من الحكام في خارج الملعب.. لكن هذا قطعاً سيجعل من التردد والنقاش والاخذ والرد ضيعة لهيبة حكم الملعب وإفساد متعة مباريات كرة القدم. ولذا كانت له هذه السطوة داخل الملعب يتخذ القرارات المصيرية وفق احتراز الرجل العادي.. خرجت ساحل العاج مظلومة من كأس العالم.. لكن جرت أحداث المسابقة العالمية واستمتع الجميع ونجحت المنافسة. - الحكم في مباراة كرة القدم هو مثال للنظام في الدول.. أعني بالنظام هنا مفهومه العام لا الإشارة إلى شخص حاكم أو أسرة أو حزب.. النظام بالمفهوم الشامل.. أي نظام.. بقاء هذا النظام في أي دولة وفرض قراراته والانصياع لها ضامن لبقاء الدولة بمجملها.. ضامن لاستتباب الامن والاستقرار بها.. وأنا هنا لا أعني أبداً الموافقة على سطوة الحكم دون مشاورة لكني أضرب مثالاً فقط. بقاء النظام في أي مجتمع والانصياع لاوامره حتى لو كانت هناك محاولات لتعديلها أفضل بكثير من حالة الفوضى التي قد تعم بسبب أي خطأ ينسب لهذا النظام واتخاذ خطوات فوضوية لمعالجتها. أعلم يقيناً ان مثل هذا الطرح دائماً ما يفسر على أنه دفاع عن القمع أو الانفراد بالسلطة.. لكن الحقيقة التي نؤمن بها ان هذا هو عمق المصلحة للمجتمعات وهو سبيلها بعيداً عن التنظير العقيم.. المجتمعات والدول وطريقة ادارتها أقرب ما تكون لملاعب كرة القدم.. والهدف هو الوصول للمنافسة والمتعة وتحقيق النتائج دون أي عراقيل أو اقتتال داخل الملعب.. الحكم هو القائد والنظام الذي يفرض قراراته.. باتباع هذا النظام نجحت مباريات كرة القدم.. ودونه وبلاه قد نشاهد كل يوم «هوشة» وضرب داخل ملاعب العالم.. قد يخطئ «الحكم» لكن خطأه لا يصلح بخطأ أكبر منه.