دعا الدكتور عبد اللطيف بن راشد الزياني الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية إلى تعاون إقليمي ودولي واسع النطاق للتعاطي مع الوضع المتوتر والخطير التى تشهده المنطقة من صراعات سياسية وطائفية خطيرة تستخدم فيها القوة المسلحة، وتهديدات إرهابية متتالية من أجل احتواء هذه الصراعات المتفجرة، وإرساء أوضاع قابلة للاستمرار. وأكد خلال مشاركته اليوم في مؤتمر " الخليج العربي والتحديات الإقليمية " الذي بدأ أعماله بالرياض، وينظمه معهد الدراسات الدبلوماسية تحت رعاية الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي ضرورة وضع استراتيجية شاملة وطويلة الأمد تتعدى التعامل مع الظاهرة أو الحدث إلى معالجة آثارها ونتائجها على كافة المستويات. وشدد على أن تحقيق الاستقرار في المنطقة يتطلب التعامل مع شئونها بمسئولية، وبتنسيق وتشاور مع الأطراف المعنية، خصوصا دول مجلس التعاون، حيث أصبح مجلس التعاون عامل استقرار في المنطقة، وملاذا آمنا لدوله وجواره الإقليمي، وأثبت في الفترة الأخيرة أنه كيان فاعل ومؤثر حينما تقتضى الضرورة ذلك. وقال الزيانى إن منطقة الخليج العربي تواجه تحديات كبيرة ومتعددة، خاصة وأنها تقع في محيط جغرافي مضطرب، حيث أفرزت توترات الدوائر المجاورة لمنطقة الخليج تهديدات لاحصر لها، تتعلق بصراعات سياسية وطائفية خطيرة تستخدم فيها القوة المسلحة، وتهديدات إرهابية متتالية، وأعمال قرصنة، وجرائم عابرة للحدود، وهجرات غير شرعية، إضافة إلى مشكلات إنسانية حادة، كل ذلك كان له تأثيراته الواضحة على الأمن والاستقرار في المنطقة لافتا إلى أن دول المجلس تتمتع بمقومات كفلت لها الاستقرار، وتنعم على الصعيد الداخلي باستقرار سياسي، وتطلع شعبي إيجابي نحو المستقبل، مصحوب بفترة نمو اقتصادي كبير جعل منها واحدة من المناطق الأسرع نموا فى العالم. وأضاف أن الانتعاش الاقتصادي الملحوظ في منطقة الخليج انعكس على دولها من خلال مشاريع اقتصادية وتنموية كبرى تصب في صالح مواطني دول المجلس ورفاهيتهم خصوصا في مجالات تطوير البنية الأساسية والتعليم والرعاية الصحية والسكن، فضلا عما اتخذته حكومات دول المجلس من قرارات متوالية لرفع مستوى معيشة مواطنيها. وقال الدكتور عبد اللطيف الزياني إن أحد النتائج المروعة لما يسمى بالربيع العربي تمثل في تحطيم البنية الاقتصادية للدول التي شهدت اضطرابات سياسية، وامتدت بتأثيراتها السلبية الى الدول المجاورة، مشيرا الى أن جميع دول الربيع العربي تعاني منذ أكثر من ثلاث سنوات من ضعف النمو الاقتصادي وزيادة كبيرة في مستويات التضخم والبطالة في آن واحد. وحذر من أن حالة عدم الاستقرار الحالية لن تؤثر في المنطقة فقط، بل في العالم كله ، لافتا إلى أن هذه الحقيقة انعكست بشكل واضح في البروز الكبير لخطر التهديدات الإرهابية الأخيرة في عموم المنطقة، واحتمالات امتدادها مستقبلا لدول أخرى بما فيها الدول الغربية. ودعا الأمين العام لمجلس التعاون الى الإسراع في تفعيل " مركز الأممالمتحدة لمكافحة الإرهاب " باعتباره يمثل خطوة مهمة على طريق التعاون الدولي الشامل لمواجهة هذا التهديد المشترك. وأشار الدكتور عبد اللطيف الزياني الى أن دول مجلس التعاون بجانب دعواتها وإنشائها للمراكز المتخصصة لحوار الحضارات والأديان والمذاهب ومحاربة الإرهاب والتطرف، استطاعت عبر تعاونها الفعال وتنسيقها المستمر مع الدول الصديقة، أن تتصدى لمنظمات وشبكات وخطط إرهابية شكلت تهديدا كبيرا ليس للمنطقة فحسب، وإنما للعالم بأسره. وقال الأمين العام لمجلس التعاون إن البيئة الإقليمية المضطربة المحيطة بدول مجلس التعاون أنتجت مآسي إنسانية كبرى ذات مضامين استراتيجية جديدة غير قابلة للتجاهل في فلسطينوالعراق وسوريا ولبنان واليمن وليبيا وتركيا، فهناك ملايين اللاجئين والمهجرين أغلبهم من النساء والأطفال يواجهون ظروفاً إنسانية ومعيشية صعبة للغاية . وكان الأمير عبد العزيز بن عبد الله بن عبد العزيز نائب وزير الخارجية السعودى قد افتتح اليوم فعاليات المؤتمر حيث دعا فى كلمته للتصدي للمخاطر والتحديات التي تحيط بدول الخليج العربي، واتباع منحى متعدد الجوانب لمواجهتها، وإنجاز تعاون إقليمي ودولي لاحتواء الصراعات المتفجرة، والتصدي لظاهرة الإرهاب التي أصبحت تشكل خطرا كبيرا على استقرار وأمن المجتمع الدولي ، الأمر الذي يتطلب تضافر الجهود الدولية في مكافحة هذه الظاهرة الخطيرة ، وتحصين الجبهة الداخلية في دول الخيلج لمواجهة الأخطار في الدول المجاورة. ولفت الى أن هذه التحديات تضاف الى استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية وإمعان الاحتلال فى الاعتداء على شعب فلسطين الى جانب تراخى المجتمع الدولى فى التعامل مع الازمة السورية وما تبعها من خلق بيئة مواتية لنشاط المجموعات الإرهابية وتدخل عناصر خارجية في النزاع، مما ينذر بمخاطر على كل المنطقة والعالم . كما أشار الى الوضع فى العراق وأثار سياسة التهميش والإقصاء وإذكاء روح الطائفية والتبعية في تردي الأوضاع وفقدان الأمن والاستقرار في العراق وكذلك بالنسبة للوضع فى اليمن وما يتعرض له من تحديات ومخاطر عديدة تستوجب من دول المجلس والدول الأخرى مواصلة تقديم الدعم والمؤازرة والجهود الرامية إلى تحقيق أمنه واستقراره. كما تناول أزمة الملف النووي الإيراني وما تشكله من هاجس وتحدى كبير لأمن واستقرار منطقة الخليج العربي على وجه الخصوص وللأمن والسلم الدوليين عموما داعيا إلى ضرورة تعاون إيران الكامل مع مجموعة (5+1) في سبيل الوصول إلى حل شامل ومتكامل وطويل الأجل وضمان أن يكون هذا البرنامج ذا طابع سلمي مما يعزز من الجهود الدولية إلى جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل.