آخر تطورات حادث طائرة الرئيس الإيراني.. جهود عالمية للوصول لموقع إبراهيم رئيسي.. انقطاع الاتصالات والظروف الجوية تعيق عمليات البحث    تسنيم: انقطاع الاتصالات السلكية واللاسلكية والراديو في منطقة سقوط المروحية    تركيا: مسيرة «أكينجي» رصدت مصدر حرارة يعتقد أنه حطام مروحية رئيسي    بكاء زوجة ونجل شيكابالا بعد منعهم من النزول للملعب للاحتفال بالكونفدرالية (فيديو)    اتحاد الصناعات: وثيقة سياسة الملكية ستحول الدولة من مشغل ومنافس إلى منظم ومراقب للاقتصاد    تراجع جديد في سعر كيلو اللحم البقري قائم اليوم 2024    سوريا تعرب عن تضامنها مع إيران في حادث اختفاء طائرة «رئيسي»    الأميرة رشا يسري ل«بين السطور»: الضغط الأمريكي لا تأثير له على إسرائيل    غارة إسرائيلية عنيفة تستهدف مخيم البريج وسط قطاع غزة    بالاسم والرقم القومي.. رابط نتيجة الصف الخامس الابتدائي 2024 الترم الثاني (استعلم الآن)    أول تعليق من أحمد زيزو بعد تتويج الزمالك بالكونفدرالية.. ماذا قال؟    دونجا يوجه رسالة للاعب نهضة بركان بعد لقطته الرائعة في نهائي الكونفدرالية    مصدر أمنى ينفى الشائعة الإخوانية بوجود سرقات بالمطارات.. ويؤكد: كذبة مختلقة    سمير صبري ل قصواء الخلالي: مصر أنفقت 10 تريليونات جنيه على البنية التحتية منذ 2014    عمر الشناوي: «والدي لا يتابع أعمالي ولا يشعر بنجاحي»    الأميرة رشا يسري ل«بين السطور»: دور مصر بشأن السلام في المنطقة يثمنه العالم    دعاء الرياح مستحب ومستجاب.. «اللهم إني أسألك خيرها»    دعاء الحر الشديد كما ورد عن النبي.. اللهم أجرنا من النار    طريقة عمل الشكشوكة بالبيض، أسرع وأوفر عشاء    عبدالملك: المثلوثي وزيزو من نجوم الكونفدرالية.. وهدف الجزيري في الذهاب وراء التتويج    الشماريخ تعرض 6 لاعبين بالزمالك للمساءلة القانونية عقب نهائي الكونفدرالية    حسين لبيب: اليوم سنحتفل بالكونفدرالية وغدا نستعد لاستكمال الدوري    "علامة استفهام".. تعليق مهم ل أديب على سقوط مروحية الرئيس الإيراني    استعدادات عيد الأضحى في قطر 2024: تواريخ الإجازة وتقاليد الاحتفال    مصدر أمني يكشف حقيقة حدوث سرقات بالمطارات المصرية    انتداب المعمل الجنائي لمعاينة حريق داخل مدرسة في البدرشين    جريمة بشعة تهز المنيا.. العثور على جثة فتاة محروقة في مقابر الشيخ عطا ببني مزار    نشرة منتصف الليل| تحذير من الأرصاد بشأن الموجة الحارة.. وتحرك برلماني جديد بسبب قانون الإيجار القديم    الهلال الأحمر الإيراني: حددنا موقعا آخر للبحث وفرق الإنقاذ بشأن مروحية رئيسي    عيار 21 الآن بعد الارتفاع الكبير.. سعر الذهب بالمصنعية اليوم الإثنين 20 مايو بالصاغة    اليوم.. البنك المركزي يطرح سندات خزانة بقيمة 9 مليار    الإعلامية ريهام عياد تعلن طلاقها    د.حماد عبدالله يكتب: العودة إلى الماضى والنظر إلى المستقبل    قبل إغلاقها.. منح دراسية في الخارج للطلاب المصريين في اليابان وألمانيا 2024    استشهاد رائد الحوسبة العربية الحاج "صادق الشرقاوي "بمعتقله نتيجة القتل الطبي    ملف يلا كورة.. الكونفدرالية زملكاوية    تعرف على أهمية تناول الكالسيوم وفوائدة للصحة العامة    كلية التربية النوعية بطنطا تختتم فعاليات مشروعات التخرج للطلاب    الصحة: طبيب الأسرة ركيزة أساسية في نظام الرعاية الصحية الأولية    بعد الموافقة عليه.. ما أهداف قانون المنشآت الصحية الذي أقره مجلس النواب؟    تقرير رسمى يرصد 8 إيجابيات لتحرير سعر الصرف    ارتفاع كبير في سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الإثنين 20 مايو 2024    نقيب الأطباء: قانون إدارة المنشآت الصحية يتيح الاستغناء عن 75% من العاملين    خبيرة ل قصواء الخلالى: نأمل فى أن يكون الاقتصاد المصرى منتجا يقوم على نفسه    حظك اليوم برج الدلو الاثنين 20-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    منسق الجالية المصرية في قيرغيزستان يكشف حقيقة هجوم أكثر من 700 شخص على المصريين    حتى يكون لها ظهير صناعي.. "تعليم النواب" توصي بعدم إنشاء أي جامعات تكنولوجية جديدة    مسؤول بمبادرة ابدأ: تهيئة مناخ الاستثمار من أهم الأدوار وتسهيل الحصول على التراخيص    عالم بالأوقاف يكشف فضل صيام التسع الأوائل من ذي الحجة    اليوم.. محاكمة طبيب وآخرين متهمين بإجراء عمليات إجهاض للسيدات في الجيزة    اليوم.. محاكمة 13 متهما بقتل شقيقين بمنطقة بولاق الدكرور    عواد بعد التتويج بالكونفدرالية: سأرحل بطلًا إذا لم أجدد مع الزمالك    أيمن محسب: قانون إدارة المنشآت الصحية لن يمس حقوق منتفعى التأمين الصحى الشامل    تقديم الخدمات الطبية ل1528مواطناً بقافلة مجانية بقلين فى كفر الشيخ    أتزوج أم أجعل أمى تحج؟.. وعالم بالأوقاف يجيب    هل يجوز الحج أو العمرة بالأمول المودعة بالبنوك؟.. أمينة الفتوى تُجيب    نائب رئيس جامعة الأزهر يتفقد امتحانات الدراسات العليا بقطاع كليات الطب    «المريض هيشحت السرير».. نائب ينتقد «مشاركة القطاع الخاص في إدارة المستشفيات»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"بخور عدني".. أسئلة عن الأوطان والمصير ل"علي المقري"
نشر في صدى البلد يوم 09 - 09 - 2014

يطرح الكاتب اليمني علي المقري في روايته الاخيرة "بخور عدني" مشكلات وأسئلة مؤرقة تتعلق بالانسان وبالاوطان وبالمصير عامة.
يرصد الكاتب التغير الكبير الذي طرأ على العالم وعلى منطقة عربية محددة هي عدن منذ الحرب العالمية الثانية (1939-1945) حتى الربع الثالث من القرن العشرين.
سؤال مهم يطرحه المقري عن الاوطان والاوطان البديلة ليتوصل الى نتيجة تكاد تقول ان الساعي الى وطن بديل او الى بديل عن وطن سيصل الى نتيجة مفجعة هي انه سيفقد الوطن الاصيل ولن يبقى له البديل الذي يفاجئه بان يهرب منه بزئبقية غريبة وبما يشبه ثورة هي اقرب الى حريق يلتهب بسرعة لينطفىء بعد ذلك تاركا وراءه ركاما وذكريات مرة توّهم الانسان في يوم مضى انها وطن الاحلام او بديل من وطن الواقع. ولعلنا نستطيع القول هنا انه حيث لا وطن واقعي لا وطن للاحلام او ان الامر صعب الى حد الاستحالة.
ويمكن انطلاقا من احداث الرواية المنسوجة بجمال وتشويق القول انك اذا استبدلت بشخصيتك شخصية اخرى فستكتشف في نهاية الامر انك لست هذا الجديد ولم تعد ذلك السابق. انها لخيبة قد تكون اشد من الموت.
جاءت الرواية في 355 صفحة متوسطة القطع وصدرت عن دار الساقي في بيروت.
علي المقري يكتب هنا باسلوب يثير شهية القارىء الى المزيد وينقل هذا القارىء من حال الى حال ويرسم امامه شخصيات مختلفة متعددة.
المكان اذن هو عدن. يصورها الكاتب بصورة مركبة هي من ناحية "الاساس" عالم ذو تقاليد واعراف ومن ناحية اخرى اي الناحية المنظورة واليومية عالم "كوزموبوليتاني" تذوب فيه الجنسيات والعشائر والطوائف. انه وطن الجميع لفترة طويلة خادعة نكتشف بعدها انه لم يكن لاحد منهم.
تبدأ الرواية بنزول رجل فرنسي من سفينة في ميناء عدن. انه رجل اعطى اسمه وشخصيته لشخص آخر واخذ شخصية هذا الشخص.
ميشيل يشكو من عرج يمنع قبوله للاشتراك في الحرب وهو متحمس للاشتراك فيها وفرانسوا السليم الجسم الذي يريد الابتعاد عنها والهرب منها. تبادلا الشخصيتين فاستعمل ميشيل حذاء يساعد على إخفاء عرجه واستعمل فرانسوا حذاء يجعله يعرج. وكما حدث لشوان تزو الصيني الذي لم يعد يعرف ان كان هو شوان تزو الصيني يحلم بانه فراشة ام انه فراشة تحلم بانها شوان تزو الصيني.. لم يعد الواصل الى عدن يعرف من هو.. اهو ميشيل ام فرانسوا مع انه يعرج او يتظاهر بالعرج.
وعندما سئل عن اسمه قال انه يدعى "اي شيء". ولاننا عندما نتغير يتغير العالم معنا فان هذا الغريب كتب رسالة الى التي يحبها في فرنسا. لكنه تغير الان فبأي اسم ستعرفه. يقول لها "لا استطيع أن اوجه ما اكتبه الى احد ممن اعرفهم. فالشخص الذي تعرفينه لم اعد انا هو وانت لست انت او لم تعودي كذلك او انني لا اقدر ان ابقيك كما كنت عليه باسمك وعنوانك وما يمكن ان يدل عبرك اليّ. فاذا صرت غير الذي كنته فقد صار كل الذين ارتبطوا بي غيرهم."
يذكر هذا بفيلم سينمائي امريكي عن رجل تمنى لو انه لم يوجد فحقق الله امنيته وازال شخصيته الماضية ثم ارسله برفقة احد الملائكة الى العالم الذي كان فيه ليجد ان كل شيء مختلف. من كانت زوجته لا تعرفه الان وقداصبحت زوجة شخص اخر واولاده لا يعرفونه ومن كانوا اصدقاءه لا يعرفونه كما لا يعرفه صاحب المتجر المجاور الذي كان صديقا له. غياب فرد واحد يغير العالم الى حد ما.
حل الفرنسي في عدن. تولت امره فتاة هي "ماما" التي أصبحت بالنسبة اليه راعية وصديقة ومحبوبة. عرفته الى المجتمع الصغير ومن أفراده اجانب غربيون من ايطاليين وبريطانيين وفيه يمنيون ويهود وصوماليون وغيرهم. وبين هؤلاء شمعة المغنية اليهودية الشهيرة وشمعون اليهودي العدني صاحب الدكان الشهير واخرون. ومن هؤلاء موسيقي ومغن متعاطف مع الالمان لقب باسم "هاي هتلر" والمرجح ان المقصود هو التحية النازية لهتلر اي "هايل هتلر".
كانوا جميعا يعيشون حياة سعيدة ويصفون انفسهم بانهم عدنيون وقد تخلوا عن جنسياتهم القديمة واختاروا عدن وطنا بديلا من اوطانهم. كان الجميع متعايشون في وئام ولا يريدون حياة غير هذه.
بعد سنوات أخذ العالم بالتغير ووصل التغيير الى عدن. الحرب على الاحتلال البريطاني.. الصراع العربي الاسرائيلي وانقسام البلاد الى احزاب سياسية متعاركة في ما هو اقرب الى حرب. هوجم الغرباء وجرى ترحيل اليهود العدنيين الى إسرائيل كما يقول الكاتب وتعرض بعضهم وبعض الاجانب للقتل او الاضطهاد ومصادرة الاملاك. الفرنسي الذي صار يتقن العربية انتهى حلمه بموت صديقته ماما في حريق اشتعل في مكان وجودها. طار الوطن الحلم.
يختم الكاتب روايته بالقول "لا اعرف هل ابقى ام امضي. فما لي اذهب بدون عدن وما لي أبقى بدون ماما. ساتبع قولها ان "عدن ليست سجنا له جدران وباب واحد. عدن بحر.. بوابة من البحر الى البحر لا يمكن لاحد ان يغلقها.
"لكنني لم اعد اعرف من اكون انا فيها.. من تكون انت؟ هل ستعترف في الاخير بما لم تعترف به من قبل؟ من قال لك ان الوطن كذبة كبيرة. هل كنت تحلم؟ هل صدقت ان الوطن وهم وعبرت كل هذه المسافة لتبحث عن بديل عنه؟
"او قل انك لم تكن هو او لم تكن انت. أليس اللاوطن هو وهم ايضا؟ ستتباهى بالقول انك عشت الاخرى عدن وهذا يكفي وانك كنت في زمن ما عدنيا. ستبقى تحاول ان تتذكر كل ما في وسعك ان تذكره كعزاء أخير لحياتك وتنام."


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.