أصدر الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء كتابين جديدين تناول فيهما قضايا شائكة تهم الإنسان المسلم في واقعه المعاصر يتحدث الكتاب الأول "المساواة الإنسانية في الإسلام النظرية والتطبيق" وذكر فيه أن الفقهاء عالجوا قضايا المساواة وحقوق الإنسان تحت عناوين مختلفة مثل المقاصد الشرعية والمصالح العامة وعلل الأحكام وحِكَمِها ، وذكر فضيلته أن أهم الأسس التي بنيت عليها مقاصد الشريعة هي العدالة والمساواة بين البشر ، وأن الإنسان بصفته الإنسانية خليفة الله في الأرض وهو مخلوق مكرم ، وأن تحقيق العدل وتطبيق المساواة بين الناس يَرْقَى بالإنسان في التحضر والتمدن ويحقق له قدرا من الحرية والكرامة والسعادة والمصلحة . وتطرق جمعة في كتابه هذا أن الشريعة الإسلامية جعلت الحقوق الإنسانية ضرورات واجبة ، فالمأكل والملبس والمسكن والأمن والحرية في الفكر والاعتقاد والتعبير عن الرأي والعلم والتعليم والمشاركة في صياغة النظام العام للمجتمع والمراقبة والمحاسبة لأولياء الأمر والثورة لتغيير نظم الضعف أو الجور والفسق والفساد ضرورات في المجتمع يجب على الدولة أن توفرها لمطلق رعاياها ويجب على الأفراد أن يطالبوا بها ويأثمون إن تنازلوا عنها أو تغاضوا عن تحقيقها والمحافظة عليها سواء لكل إنسان . وتناول الكتاب عدة محاور أخرى منها ، المساواة بين الناس في أصل الخلقة ، والمساواة في الإنسانية بين الأحرار والعبيد ، والمساواة بين الرجل والمرأة في الإسلام ، ومفهوم الأخوة في الإسلام ، والمساواة في حق المشاركة في الانتفاع بما سخر الله في الكون ، والمساواة في حق الحياة ، والمساواة في حق التعبير عن الرأي والمجادلة عنه ، والمساواة في الحرية الدينية ، والمساواة في حق الاستقلال القضائي وفي مدنية الحكم ، وأخيراً المساواة في حرية الانتقال والإقامة في الأرض . بينما صدر الكتاب الثاني تحت عنوان " تأصيل شرعي لمفهوم الأمن المجتمعي" وأكد فيه على أنه رغم بلوغ الإنسان المعاصر ذروة كبرى في التقدم العلمي، لم يصل إلى السعادة المنشودة والاطمئنان والسكون، فأصبحت حاجته ماسة إلى التربية الروحية ليتحقق له التوفيق بين متطلبات الأمن الحضاري والأمن الروحي ، فالحضارة البشرية لا تقوم إلا على التوافق بين الجسد والروح، وبين العقل والقلب، وأن الإنسان يحتاج إلى وثبة وهذه الوثبة الروحية لا تتم إلا في إطار تربوي أخلاقي، ولا يتأسس إلا على بنية تحتية أخلاقية تصلح كأساس للبناء الاجتماعي المتماسك، فتكتمل بذلك أهم شروط الأمن الروحي الذي لا مناص منه لتحقيق الأمن الحضاري، وهذا ما يقوم عليه المنظور الصوفي الذي يجمع بينهما في ترابط وتكامل.