يدق الكاتب محمد حامد من خلال كتابه الجديد "الشات قصص وعبر" والذي صدر عن دار الناشر الدولي، ناقوس الخطر باعتباره احد معلمي اللغة العربية، من خطورة استخدم شبكة المعلومات الدولية الانترنت وخطرها على اللغة العربية من خلال ما إطلاق عليه مصطلح الإنترنتيّة، وإنها خطر داهم يزحف نحو العربية من خلال غرف الدردشة والمحادثة التي أخذت حمّاها في التفشي في عدد من دول الوطن العربي مع نهايات الألفية السابقة، وذلك من خلال برامج خاصة، اكتسبت شهرة تفوق غيرها من برامج المحادثة التي يفوق عددها الحصر. ويقول محمد حامد، وهو صاحب الثمانين مؤلفا، بأننا لا يمكن أن نجد شيئًا من هذه العامية في الكثير من المنتديات العربية، كما أصبحت تتخذ حيزًا كبيرًا في الرسائل النصية المرسلة عبر الهواتف النقالة SMS وقد وصلت هذه الحمى في السنوات الأخيرة إلى التلفزيون، ويمكننا أن نراها بوضوح في أي قناة فضائية عربية تترك في قاعها هامشًا لاستقبال رسائل المشاهدين النصية، التي تزخر بما يمكن أن يمثل مادة لغوية غنية لأي دراسة تتوخى معرفة أسباب الانحدار اللغوي الذي نعيشه، وتاريخه، ومصير اللغة العربية في ظل وجوده، وكيفية حمايتها منه، ومن الاستمرار في الانحدار. ويضيف مؤلف كتاب "الشات.. قصص وعبر" ولعلّ هذا هو الخطر الأول المحدق بنا وبلغتنا من حيث لا نشعر، إننا نعيش في زمن يسعى الكل فيه إلى الاختصار، والحجة أننا في عصر السرعة، وأن كل شيء يجب أن يمشي وفق إيقاع سريع، وإلا كان متأخرًا (أو متخلفًا!!) عن ركب الحضارة والتطور. ويضيف: "الخطر الثاني هو استخدام الاختصارات الأجنبية – بحروف عربية - في المحادثات العربية، ولا أعرف هل أفسر هذا بأنه صَوْنٌ للعربية عن العبث بها؟! أو استحسان لكل ما هو أجنبي ووافد وعدم الاقتناع بصلاحية اللغة العربية للتعبير عن روح العصر كما ينبغي؟؟!! ونتيجة لهذا أصبحت لغة شريحة كبيرة من أفراد هذا الجيل (الإنترنتي) مزيجًا هجينًا من كلمات وأحرف عربية وأخرى إنجليزية، لو صُفَّت كلُّها على سطر واحد وعُرِضَت على أحد علماء اللغة العربية الذين غادروا عالمنا قبل عشر سنوات فقط مثلاً لما تمكنوا من فهمه أو التقاط المعنى المتضمن فيه". ويشير حامد إلى أن الدخول العشوائي إلى أي غرفة محادثة يمكن أن نجد أمثلة هذه الاستخدامات بسهولة مثل (برب، لول، تيت، .. إلخ)، كما يمكن أن نسمعها في أوساط المراهقين والشباب كمفردات تتخذ وضعًا طبيعيًا بين بقية الألفاظ والمفردات الصحيحة والسليمة، دون استنكار أو استهجان أو رفض من أحد، وربما دون وعي ممن يجدر بهم الاهتمام بهذا الأمر. وينهى محمد حامد بأننا يجب أن ندرك الفرق بين طبيعة اللغة العربية وطبيعة اللغة الإنجليزية؛ فالإنجليزية بطبيعتها تميل إلى الاختصار – كتابةً ونطقًا - دون أن تتأثر سلبًا بذلك، ولكن العربية لغة جمال متكامل، لا يتحقق باجتزائها أي كان شكل هذا الاجتزاء وحجمه وسببه، ومن المعروف منذ عشرة قرون تقريبًا في ثقافتنا العربية أن اللغة العربية تكتسب جماليتها من خلال ما يسمى النظم الذي تحدث عنه عبد القاهر الجرجاني المتوفى سنة (471ه)، والذي يمثل سر إعجاز القرآن الكريم؛ فكيف سنستمتع بلغتنا ونقف على مواضع سحرها إذا كنا سنقبل بمثل هذا العبث بها؟! ألن يؤثر هذا العبث على علاقة الجيل الحالي وما بعده باللغة العربية؟ ألن يكون له دور في تشكيل ذائقتهم؟ ألن يشعروا بفجوة أو هوة سحيقة بينهم وبين لغتهم؟ ومن المسئول بعد ثلاثين.. أربعين.. أو خمسين سنة من الآن عما سيئول إليه حال أبنائنا ممن يُحسبون على العربية ولكنهم أبعد ما يكونون عنها؟