عام في سفوح التاريخ في دولة العالم الثالث المتحضرة ، في يومى الرابع من الفراق الساعة الحادية عشرة مساء تشرين الثانى ، خلف عواصف الأشواق والحنين ، وتحت السحب الباكية علي الحُلم المغتال أحيا في قصر في سماء الفردوس وأنا أنُبذ في الحطمة ، أراقب هاتفي الخلوى ، وأنقش آيات التطور علي برديات العمر ، وأراود أنفاسي عن نفسها وأنتظر أن يباح لقاء بيننا حتى وإن شق الجماد أذرعنا لنحتضن ، أنتظر وأنتظر ثم أين أنت ثم أختفاء ثم المحيط الهادىء جُن في عيناى والدجى غسق في قلبي ثم لا شئ . اليوم التاسع بعد الفراق لا شيء إلا البقاية كأس به قطرات لا لون لها وزجاجة فارغة مجتز عنقها وشعب من الضحايا في منفضة سجائري وأثواب مشطورة بنانها من خلاف ، وخمسون رسالة يتأرجحون بين الهاتف والبريد الألكترونى ، أبقيتهم منك ذكرى لتهذيب نفسي الأمارة بالحب ، أصفع بهم قلبي كلما صرخ صمتى و أبقر عيناه ليري أنك حطمت قدسي ودهست بأحذية غرورك أوطانى ، وسرقت من مملكتى أوسمتى وتيجانى ، وأنك هّمٍ وكان الهّم سلطانى ، وكالفأر تتسكع علي ديار العاشقين تلعن سجنى وقضبانى ،تشحذ حرية أخرى تهواك بسن خناجرها تراك رداءاً ممزق لخيال وسط الأغصان . والآن تسألنى الشوق ونسيت أن الشوق أكذوبة المراهقين لدفن أرواحهم باللآلآلم ، فقل للشوق ياشوق أشتاق لشوقٍ يهوانى . توسلت كثيراً للموت ألا تنساق لقبح هذا الزمان ،وأن الحب لا يطور بالأرباح والأموال والاعمال والسفر والإنشغال ، الحب لا يطور حسب أهواء الإنسان ، كنت تضحك سخرية ، وكنت أوارى نفسي في نفسي خجلآ حين أطلب منك الحب ورصاص غرورك المغوار يقتلنى يتركنى ويرضع من ثدى الشيطان ، تهملنى أعوام ثم تعود يومان وتنسانى ، وصرخت كثيراً مناجية ألا توقف قلبي عن الخفقان ، فتقول كئيبة شديدة البؤس، تميلين دائماً للأحزان ، إنما الميل في عودك الرنان ، وتقهقرت أنا وتعاليت أنت ، فجدلت القسوة علي جدرانِ. لم يرضيك براءة قلبي وأردت إمرأة قوية تليق بعنادك وها أنا أصبحت أمرأة تحرق أبليس ان أرادت وتسقط من فوق العروش الفرسان ، لكن عمارك هدم وأنا لا أريد أن تصبح الطلول عنوانى . الشهر الأول بعد الفراق في قصري تحت سماء الفردوس أنعم بينابيع النعم بما لم أشتهى أن يرسم حتى تحت أجفانى ، وألتحمت الأشجار في الغابات الموحشة تظل علي قلبي من كل غادر أغوانى ، ولا يضاجع الليل نهارى ولم يعد بينهم لُحمه ولا بكاء بعد أبتسام نومى فلن أفلح إن البكاء أعمانى ، ولا يؤجج الحنين علي باب متجر الشوكولا ولم أعد أكره اللون الأزرق ولا أمنع الماء عن القط الظمأن . أصبحت في بلاد الغربة مالكة لشعبها وأنا فوق سلطانها سلطان ثانِ ، وأصبحت أنت ورقة في دفتر أعمالى ، وإن ضاق الوقت بينك وبين طلال أظافري فلون أصابعى أهم من كبس أزرار هاتفي لفأر هائم في الأمانى . لا ألقي لوماً عليك فأنت عقاب أختيارى ، وعام الغربة والقهر وجفاءك وأمثالك بيهم صراع لكنِ حقاً أصبحت لا أبالي كل شيءٍ تغير بي وقلبي سأم من الدوران ، أفكر فقط بعقلي قبل أن أفقد سفنى في نواة البحار ، فلا تسعى لعشقاً لقلبك فقد خمد بركانِ.