سيدى المستشار الجليل الصادق .. الرئيس السابق .. عدلى منصور. تحية طيبة .. معطرة بالياسمين .. مزدانة بألوان الربيع .. بريئة كما الندى .. مثلك. يا سيدى .. كل عام وأنت بخير وصحة وسعادة وسلام ونقاء .. كما كنت دوما ولا تزال. كل عام وأنت بخير .. أولا بمناسبة شهر رمضان المبارك .. وثانيا بمناسبة ذكرى اعلان توليك منصب الرئاسة فى الثالث من يوليو 2013 .. وبدء أولى خطواتك نحو القصر .. قصر قلوب المصريين. ولعل من المفارقات التاريخية يا سيدى .. أن تحل هذه الذكرى وأنت خارج سدة الحكم .. بارادتك واختيارك بل وسعادتك .. مع استمرار تربعك على عرش القلوب .. داخل قصر الصادقين الذين صدقوك. بداية .. لن أجاريك فى القول واللغة، ولن أباريك فى الصدق والسلام، فمن أنا؟ لكننى .. أقول لك اننى أعرفك، لم أشرف يوما بلقائك، لكننى أعرفك، وأصدقك، وسأذكرك، دوما سأذكرك، لأهتدى بنور كلماتك، وأستظل فى واحة صفائك، فالصدق يا سيدى لا ينسى، والصادقون محفورون فى العقل والقلب أبدا، نرنو اليهم، طلاب خير ونقاء، عزيمة وأمل، كلما زاد الضباب أو اضطرب المسير. سيدى المستشار الجليل .. رؤيتك حول الأمس واليوم، ووصاياك لأجل الغد، فى خطاب وداعك التاريخى الأخير، ربما جاءت فى غمرة أفراح الانطلاق نحو عهد جديد، وحلم جديد، فتلقينا كلماتك بقلوبنا، وقابلنا دموع وداعك الغالية بدموعنا، ولكن... حتما سنعود الى خطابك يوما بعقولنا، لنعيد فتح وتحليل جميع الرسائل، التى حملتها تلك الوثيقة التاريخية، بل الوصية الوطنية، لنستنير بها على الدرب، حتى لا نميل أو ننحرف. قلت لنا يا سيدى .. ان مصر لن ترى احتكارا للوطن أو الدين بعد اليوم، ونحن نقول لك اننا لن نسمح أو ننخدع، وقلت انه لن يساوم أحد الشعب مرة أخرى على الخبز مقابل الكرامة، ولا على الأمن مقابل الحرية، ونحن نقول لك اننا سنصر ونتمسك ولن نبتز. لكنك .. قلت أيضا ان الخبز سيأتى بكرامة ما دمنا اهتدينا بالعمل، وان الأمن سيأتى مادامت الحرية المسئولة ضامنة له ولبقائه، ونحن نقول لك اننا قد فهمناها يا سيدى، فهمناها أخيرا، العمل والحرية المسئولة. فهمنا ووعينا جيدا. ووسط كل صعاب المنصب .. فقد كان الأصعب، بالنسبة لروحك الطاهرة، هو تكريم أرواح شهداء القوات المسلحة والشرطة، وفسرت الدموع كلماتك عندما قلت، ماذا عساى أن أقول لأم ثكلى أو زوجة مترملة أو ابن أو ابنة، وهل ستعوض كلمات العزاء والمواساة لحظة واحدة لتواجد أى من هؤلاء الشهداء بين محبيه وذويه، فمن أحب وأوفى لا ينسى ولا يُنسى. يا سيدى .. انها ليست كلمات رئيس، تحركه البروتوكولات، بل أنين قائد يتألم لرحيل رجاله، ووداع أب كان يحلم بالخير لأبنائه. ولذا فاننا نعاهدك .. ونحن أيضا أبناؤك، أن نحقق أحلامك، وأن تكون ثقتك فى محلها، بأن المستقبل يحمل لهذا الوطن غدا مشرقا، وان كانت أرضه مخضبة بدماء الأبرياء، وسماؤه تشوبها بعض الغيوم، لكن أرض بلادك وبلادى، ستعود كما قلت، سمراء بلون النيل، خضراء بلون أغصان الزيتون، سماؤها صافية، تبعث برياح النجاح والأمل، دوما كما كانت. لن نخذلك يا سيدى .. كما أننا لن نودعك .. بل ان التاريخ ذاته لن يودعك .. يكفيك أنك لم تسع الى سلطة ولم تتمسك بها .. وأنك قلت ببساطة .. أوجه حديثى اليكم اليوم مودعا .. ثم ظهرت فى مشهد مهيب لتسليم وتسلم السلطة لأول مرة فى مصر .. لتسبق بذلك أى رئيس مصرى منذ نشأة الجمهورية .. فى مغادرة المنصب الرفيع طوعا .. بلا تأثير هزيمة عسكرية أو ثورة شعبية .. بل خرجت علينا مودعا ناصحا صادقا لأجل المستقبل .. فى مشهد تاريخى أول غير مسبوق .. فبعدئذ أترانا نودعك؟ سيدى المستشار الجليل الصادق عدلى منصور .. حفظك الله ورعاك .. وسدد على درب الدنيا والآخرة خطاك. كل عام وأنت بخير .. منصور بالتاريخ .. حكيم تنير الطريق .. ساكن القصر دوما .. قصر القلوب وما أبقاه لو كانوا يعلمون.