كل الشرعيات الفلسطينية انتهت.. ومن حقنا القلق على المستقبل مروان البرغوثي الرئيس المفضل.. وخلافات دحلان وعباس أثرت على وحدة فتح أبو مازن طلب من اللجنة العربية وقف عملها واعتبرها تدخلا في الشأن الفلسطيني مصر يهمها العملية السلمية.. وغير متفائل بمستقبل السلام مع إسرائيل أثارت ندوة مصر والقضية الفلسطينية التي عقدت في منتجع العين السخنة جدلًا داخليًا واسعًا في فلسطين، خاصة بين أعضاء حركة فتح والسلطة الفلسطينية التي اعتبرتها تدخلا في الشأن الفلسطيني، الأمر الذي نفاه كثير من الأكاديميين المشاركين في الندوة، معتبرين أنها مناقشة بحثية لحل القضية الفلسطينية يمن أن تعقده أي مؤسسة بحثية أو مركز للدراسات الاستراتيجية. وفي ضوء ذلك، أجرت «البديل» حديثا مطولا مع الدكتور أيمن الرقب، أكاديمي في قطاع غزة وأحد المشاركين في الندوة؛ للتعرف على ما هية الندوة ومستقبل حركة فتح والقضية الفلسطينية والدور المصري.. وإلى نص الحوار.. لماذا أغضبت ندوة «مصر والقضية الفلسطينية» السلطة وحركة فتح؟ الندوة لا تعدوا أكثر من مؤتمر عادي تعقده أي مؤسسة بحثية أو مركز للدراسات الاستراتيجية، حيث كانت جلسات للعصف الفكري استضافت جزءا من الأكاديميين في غزة لمناقشة القضية الفلسطينية برعاية وتنظيم المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط وهو مركز مشهود له بإنتاجاته الفكرية، لكن للأسف، الندوة أخذت حجما كبيرا من اهتمام السلطة الفلسطينية وحركة فتح، وراح بعضهم يصورها بأنها استقواء بمصر على القيادة الفلسطينية، وأنها ستفرض رئيسا على الشعب الفلسطيني، وأن المشاركين خرجوا عن الإجماع الوطني، وما إلي ذلك من ردود كانت حقيقة غير مبررة، لأن جزءا من المشاركين ليسوا من حركة فتح، حيث شارك شخصيات من مؤسسات مجتمع مدني تعمل في قطاع غزة، وأكاديميون مستقلون، وكذلك شارك من الحركة أعضاء برلمان ومجلس ثوري وكوادر فتحاوية، وبالفعل دعا المركز قيادات فتح في قطاع غزة، لكنهم رفضوا بحجج لاداعي لها، وساقوا مبررات غير صحيحة. ما المبررات التي رفضت على إثرها الحركة المشاركة في الندوة؟ أن من ينظم الندوة النائب محمد دحلان؛ بزعم أن جزءا من المشاركين محسوبين عليه، وهذا يعتبر انتقاصا بحق كوادر فتحاوية لا تقل عن اللجنة المركزية، لكن لهم وجهة نظر يعتبرها بعض المراقبين مخالفة له والاتهامات حاضرة، وبعيدا عن ذلك، اعتقد أن مخرجات الندوة لم تأتي على طرح بديل للرئيس الفلسطيني ولا عن منظمة التحرير الفلسطينية، بل أكدت على الشرعيات وطالبت بضرورة تجديدها بالقوة للشعب لأن كل الشرعيات انتهت وتحتاج لإعادة تصليب الجهة الداخلية الفلسطينية لمواجهة الاحتلال لأنها تعاني من حالة تصدع نتج عن الخلافات الداخلية الفلسطينية، في ظل انسداد الأفق السياسي. ولماذا اقتصرت الندوة على كوادر غزاوية؟ اقتصرت على كادر من قطاع غزة لأنه أكثر جسم يتأذى من استمرار الانقسام الفلسطيني، وأكد المجتمعون والمركز على ضرورة عقد مؤتمر آخر بمشاركة كوادر من الضفة الفلسطينية وقطاع غزة والشتات. كيف ترى حساسية السلطة الفلسطينية من انعقاد الندوة في هذه الفترة؟ اعتبرت السلطة إقامة الندوة مناكفة من قبل الدول العربية، حيث جاءت مباشرة بعد أن تم إفشال دور الرباعية العربية التي تضم مصر والسعودية والإمارات والأردن التي وضعت خارطة طريق للمصالحات الفلسطينية، بدءا من المصالحة الفتحاوية (مصالحة دحلان وعباس)، ثم الفلسطينية (حماس – وفتح)، وانتهاء بوضع برنامج لمواجهة الاحتلال، لكن حقيقة الأمر غير ذلك لأن مصر بتاريخها لم تسعى لإضعاف الجهة الفلسطينية، بل تسعى دوما كما عهدناها لدعم الجبهة الفلسطينية وتمتينها. صحيح أن الندوة كان ضمن برنامجها ورقة عن حركة فتح وهذا شيء طبيعي؛ فحركة فتح التي تسطيع أن تحدث توازنا في الساحة الفلسطينية لعمقها الجماهيري، وتحتاج لقراءة حول تأثر دورها وضرورة إعادتها للمشهد، ولا يستطيع أحد إنكار أن فتح بها خلافات تؤثر عليها وتضعفها، وهذا يضر بالجميع لأن حركة فتح العمود الفقري لمنظمة التحرير الفلسطينية، وكما أشرت سابقا مخرجات المؤتمر لا تلزم أحدا، بل توصيات يستطيع أن يقدمها أي باحث. ولماذا تم إفشال دور اللجنة الرباعية كما تحدثت وما الجهة التي أوقفت جهودها؟ تحرك الرباعية العربية في الأساس جاء بعد أن أخذت الضوء الأخضر من الرئيس أبو مازن ووافق على رؤيتها، أو ما يسمى خارطة طريق تبدأ بمصالحة فتحاوية ثم فلسطينية لتصليب الجبهة الفلسطينية لمواجهة الاحتلال ووضع خطة عربية مشتركة للضغط على المجتمع الدولي لإصدار قرار يجبر الاحتلال الاسرائيلي بالانسحاب من أراضى الدولة الفلسطينية، لكن بعد اللقاءات الأولى تفاجأت اللجنة الرباعية بموقف الرئيس أبو مازن الرافض لهذا التحرك واعتباره تدخلا في القرار الفلسطيني والشؤون الداخلية، مما أثار حفيظة دول اللجنة الرباعية التي آثرت الصمت حتى الآن على الحملة الإعلامية التي شنتها السلطة الفلسطينية عليها رغم أنها لم تسم دولة بعينها، إلا أن الجميع يعلم عن من يدور الحديث، وهناك رسائل نقلت شفهيا من السلطة الفلسطينية للجنة الرباعية العربية بعدم رغبة قيادة السلطة بإكمال عمل اللجنة. هناك رغبة من اللجنة الرباعية للمصالحة بين دحلان وعباس.. كيف ترى هذه الخلافات وما تأثيرها على فتح؟ لا أحد يستطيع إنكار أن الخلافات بين الرئيس أبو مازن والنائب محمد دحلان أضعفت الحركة وأثرت على القضية الفلسطينية؛ لأنها تمس حركة فتح أكبر تنظيم فلسطيني، ومن يرى أن هذا الخلاف لا يؤثر على حركة فتح، مخطئ. لقد فشلت كل محاولات المصالحة ولم الشمل وتفاءلنا خيرا عندما أعلن محمد دحلان دعمه لقوائم حركة فتح في الانتخابات البلدية وأن تياره لن يرشح قوائم خاصة، ولاقى هذا الموقف ردودا إيجابية في الشارع الفلسطيني، الأمر الذي اعتبرناه فرصة لتحقيق مصالحة فتحاوية، لكن كل ذلك تلاشى قبل أن يُعلن عن إلغاء الانتخابات المحلية. وماذا عن رفض أبو مازن ترتيب البيت الفلسطيني وتعيين نائبا له؟ المصالحة الفتحاوية ضرورة لترتيب البيت الفلسطيني، جميعنا يطالب بضرورة أن يرتب الرئيس أبو مازن البيت الفلسطيني؛ لأنه رأس الشرعية وكأب للشعب الفلسطيني ولحركة فتح، يستطيع لم شمل الجميع إذا أراد، ومن حقنا كفلسطينيين القلق على مستقبلنا، وليس عيبا أن نتحدث عن خليفة للرئيس، خاصة أن عمره 82 عاما، وكما جرى بعد استشهاد الرئيس أبو عمار، تولى خلافته لمدة 60 يوما رئيس المجلس التشريعي، روحي فتوح، ثم أجريت انتخابات فاز بها الرئيس أبو مازن، هذه المرحلة الوضع يختلف؛ فرئيس البرلمان من حركة حماس والحالة الفلسطينية تعاني من انقسام، ما يعني صعوبة إجراء الانتخابات خلال هذه الفترة، لذا نتمنى من الرئيس أبو مازن أن يرتب البيت الفلسطيني ويعالج كل القضايا، خاصة وجود نائب رئيس ولملمة الشمل الفتحاوي. هل يمكن أن يكون دحلان رئيسًا لفلسطين خلفًا لعباس؟ دحلان تحدث صراحة أنه لن يرشح نفسه هذه المرحلة للرئاسة، ويرى أن مروان البرغوثي أفضل شخص لهذه المهمة، صحيح برز اسمه خلال الأشهر الأخيرة؛ لأن لجنة المتابعة العربية سعت لمصالحة الرئيس مع دحلان كبداية للملمة البيت الفلسطيني، كما أن هناك تقارير عربية وأجنبية وإسرائيلية تحدثت عن خلافة دحلان لرئيس أبو مازن كونه شخصية قوية، إلا أنه ورغم كل هذه الظروف الحالية، فطريقه ليس سهلا لكرسي الرئاسة. ومن مرشحك المفضل في الفترة الراهنة؟ يرى الجميع وأنا منهم أن أفضل المرشحين لكرسي الرئاسة هو مروان البرغوثي وله شعبية فلسطينية كبيرة جدا، ومشكلتنا الوحيدة أنه في المعتقل، ولذا يجب أن نضع سيناريوهات انتخابه رئيسا، أولها وجود نائبين له، واحد بغزة، وآخر بالضفة، وممارسة ضغط دولي للإفراج عنه، والسيناريو الآخر، إعادة تجربة جنوب إفريقيا وعودة فلسطين للحالة الثورية وحل السلطة، وكل هذه السيناريوهات تحتاج قرارا فلسطينيا بحجم الوطن وتضحيات شعبه. كيف ترى الدور المصري الراهن في القضية الفلسطينية؟ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ومنذ توليه الحكم تحدث عن أهمية العملية السلمية التي تنشأ على أساس إقامة دولة فلسطينية مستقلة، وهذا موقف مصري ثابت تجاه القضية، إلا أن القاهرة تشعر في الفترة الأخيرة بجمود الحالة السياسية، لذلك طرح السيسي مبادرته لإعادة الروح للعملية السلمية. وهل من الممكن أن يتحقق سلام حقيقي مع الكيان الصهيوني؟ أنا غير متفائل بتحقيق سلام حقيقي مع دولة الاحتلال التي لم تغير من رؤيتها تجاهنا وتعترف بأنها تحتل أرضنا، وعليها أن تنسحب من أرض دولتنا الفلسطينية، فقد تنازلنا عن كثير من حقوقنا لأننا نريد أن نعيش بسلام وما نطالب به هو الحد الأدنى من حقوقنا، وطالما لم تغير أمريكا (دولة القهر الإنساني) من موقفها تجاه الصراع العربي الفلسطيني وممارسة ضغط حقيقي على الاحتلال الإسرائيلي فلن يكون سلام حقيقي في المنطقة. هل المفاوضات الفلسطينية في قطر انتقاص من الدور المصري؟ المفاوضات الفلسطينية في قطر أساسها تطبيق اتفاق القاهرة، ولم يفتح أي اتفاق جديد وكل الجولات باءت بالفشل بعد محاولة حماس فتح ملف اتفاق القاهرة من جديد وطرح رؤى جديدة، لكن أصرت القيادة الفلسطينية على موقفها أن الحل الأفضل هو تشكيل حكومة وحدة وطنية لمدة 6 أشهر تعد لانتخابات برلمانية ورئاسية ولا يوجد أي رؤى أخرى ورفض حماس لهذا الطرح أفشل المفاوضات، وتسعى قطر للعب دور محوري في القضية الفلسطينية، لكن رغم ذلك يصعب أن تأخذ مكانة مصر لاعتبارات كثيرة أهمها ثقل مصر السياسي العربي والدولي.