رغم قلة الأحداث المرتبطة بمصر على الساحة الدولية خلال الأسبوع الماضي، إلا أنها شهدت بعض التطورات على صعيد العديد من الملفات الخارجية، بدءًا من معركة تحرير الموصل بالعراق وموقف مصر من هذا التطور، مرورًا بزيارة رئيس مكتب الأمن الوطني السوري للقاهرة، وصولًا إلى التدريبات العسكرية المشتركة بين مصر وروسيا. زيارة مملوك للقاهرة أعلنت وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا" صباح الاثنين الماضي أن اللواء علي مملوك، رئيس جهاز الأمن الوطني السوري، زار القاهرة بصورة رسمية لمدة يوم، والتقى ببعض المسؤولين المصريين، وبحث معهم العلاقات الثنائية وسبل مكافحة الإرهاب. وليست هذه الزيارة هي الأولى التى يزور فيها هذا المسؤول السوري الرفيع القاهرة، لكنها الأولى التى يتم الإعلان عنها بصورة رسمية وواضحة، خصوصًا أنه كان يترأس وفدًا أمنيًّا من ستة أشخاص، وبدا الأمر وكأنه رسالة إلى من يهمه الأمر في كل المنطقة. العلاقات بين القاهرة ودمشق لم تنقطع رسميًّا إلا حينما قررت الرئاسة الإخوانية فى عهد محمد مرسى قطع العلاقات على مستوى السفراء فى 15 يونيو 2013، قبل سقوط الجماعة من الحكم بأسبوعين فقط، وبعدها عادت العلاقات بصورة هادئة على مستوى القائم بالأعمال لدى البلدين. افتتحَت زيارة مملوك مسارًا علنيًّا جديدًا من العلاقات بين البلدين، بعد مسار طويل من الاتصالات شبه السرية عبر القنوات الأمنية، على امتداد سنوات الأزمة السورية. وجاءت الزيارة بناء على دعوة مصرية، وعقد مملوك سلسلة لقاءات مع نظرائه من الجانب المصري، كان أبرزها اللقاء مع نائب رئيس جهاز الأمن القومي ورئيس جهاز المخابرات العامة اللواء خالد فوزي. ويعد مملوك بحسب بعض التقارير الرجل الثاني في سوريا بعد الرئيس بشار الأسد، وهو بمثابة المستشار الأمني الأرفع له، كون الأمن الوطني السوري أعلى جهاز أمني في سوريا. وبحث الجانبان خلال اللقاء بحسب التقارير الإعلامية القريبة من سوريا التعاون الأمني بين البلدين، وملفات الجماعات الإرهابية المسلحة السورية والمصرية وتنظيم «داعش» الإرهابي والموقوفين المصريين لدى أجهزة الأمن السورية (الجنائيين والإرهابيين)، حيث تبرز أهمية هذا التنسيق مع تزايد مستوى العمليات الإرهابية في شبه جزيرة سيناء، ولا سيما مع وجود معلومات عن انتقال عدد كبير من المقاتلين المصريين، الذين قاتلوا تحت راية «داعش» في سوريا، إلى شبه جزيرة سيناء خلال الأشهر الماضية، ما يحتم رفع مستوى التنسيق الأمني بين البلدين، كما ناقش الطرفان ضبط تهريب السلاح إلى داخل الأراضي السورية. ويأتي التقارب المصري السوري الأخير بعد تطورات شهدتها السياسة الخارجية المصرية، خاصة في إطار علاقتها مع الدول، حيث تطوير العلاقة مع روسيا والاختلاف فيما يخص الملف السوري مع السعودية، فضلًا عن الخلاف مع تركيا وقطر الذي وصل إلى حد العداء. وتزامن هذا التقارب مع خطوات مصرية دبلوماسية، تمثلت في خطاب الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأممالمتحدة، ودعم المصريين للاقتراح الروسي الأخير في مجلس الأمن، وموقف وزير الخارجية سامح شكري في لقاء لوزان قبل أيام، إضافة إلى المناورات العسكرية المشتركة مع روسيا في البحر المتوسّط، التي انطلقت في يونيو العام الماضي، وتكررت قبل أيام تحت عنوان "حماة الصداقة". دعم مصري لمعركة الموصل مع بدء معركة تحرير الموصل بإعلان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، فجر الاثنين، استعادة المدينة من قبضة تنظيم داعش الإرهابي، بعد سيطرتهم عليها في العاشر من يونيو من عام 2014، أعربت مصر عن دعمها للحكومة العراقية في هذه المعركة، وفي هذا الإطار تلقى الرئيس عبد الفتاح السيسي اتصالًا هاتفيًّا من رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، للاطلاع على التطورات الخاصة بعملية استعادة الموصل. وتناول الاتصال سبل تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين خلال الفترة المقبلة، وأعرب الرئيس المصري عن ثقته في قدرة الجيش الوطني العراقي على حماية المدنيين في مناطق العمليات العسكرية، كما أعرب عن تقديره لحرص الحكومة العراقية على ضبط النفس وتحليها بالحكمة في التعامل مع التطورات المختلفة وعدم الانزلاق إلى صراعات أخرى باستثناء تحرير الموصل من الإرهاب. وعقد السيسي مع العبادي قبل عملية تحرير الموصل اجتماعين في القاهرةوالعراق، وخلص الاجتماعان إلى ضرورة تنسيق التعاون في مجال مكافحة الإرهاب، لاسيما مع تنظيم داعش الإرهابي، بالإضافة إلى أهمية الإصلاحات السياسية في العراق. وفي ضوء ذلك عقد اجتماع وزاري دولي حول معركة الموصل في العاصمة الفرنسية باريس بمشاركة مصر، وبحسب وكالة أنباء الشرق الأوسط، يشارك في اللقاء وزراء خارجية، بالإضافة إلى ممثلين عن 20 دولة منخرطة في جهود تحقيق الاستقرار في الموصل، خاصة في إطار التحالف الدولي لمحاربة التنظيم، بالإضافة إلى دول جوار العراق. ويظهر في اللقاءات الثنائية وتعدد زيارات وزير الخارجية المصري سامح شكري للعراق في الفترة الاخيرة أن القاهرة ما زالت تحافظ على علاقتها الجيدة مع الحكومة العراقية، وتقف مع العراق في خندق واحد في مجال محاربة الإرهاب، والحفاظ على وحدة العراق وعدم تقسيمها. وأثنت دولة العراق في الفترة الأخيرة على الدور المصري والدعم الموجه في محاربة الإرهاب، حيث تدعم القاهرة القوات العراقية لوجستيًّا عن طريق التدريب القتالي للجيش، فضلًا عن تسليحه بالذخائر والعتاد قبل معركة تحرير الموصل. تدريبات روسية مصرية مشتركة أقامت مصر وروسيا تدريبات عسكرية مشتركة لمكافحة الإرهاب تحت عنوان "حماة الصداقة 2016" الأسبوع الماضي، نفذتها عناصر من وحدات المظلات المصرية وقوات الإنزال الجوي الروسية، بمشاركة أكثر من 700 مقاتل و20 معدة متوسطة وثقيلة من البلدين، تم إسقاطها خلال 60 طلعة جوية مخططة باستخدام 30 طائرة مصرية وروسية من مختلف الطرازات. ومن جانبها أفادت وزارة الدفاع الروسية أن "حماة الصداقة" هي إحدى أول الفرص للمظليين الروسيين للمشاركة في مناورات مشتركة في أراضي القارة الإفريقية، وأن الجنود سيتدربون على الأعمال القتالية التي تهدف إلى منع والقضاء على التشكيلات المسلحة غير الشرعية في الصحراء. وترى روسيا أن التقارب الأكبر والأهم على الصعيد العربي والإفريقي هو مع مصر، حيث بدأت قوة البلدين العسكرية تظهر من جديد في أول المناورات العسكرية المشتركة بينهما في أواخر يونيو الماضي لتكون أول مناورات بحرية مشتركة بين البلدين في التاريخ، وتأكيدًا للدور الروسي في منطقة الشرق الأوسط، أشارت وكالة سبوتينك الروسية إلى أن المناورات العسكرية البرية المشتركة بين البلدين والتي تسمى بحماة الصداقة، أقيمت نظرًا لازدياد خطورة تنظيم "داعش" الإرهابي على الحدود الليبية المصرية. وقالت الوكالة الروسية إن إعلان الجانب المصري عن مشاركته في التدريبات بوحدات من قوات المظليين يستهدف وضع مقاربات موحدة فيما يخص التعاون والعمل المشترك لرصد تنظيمات مسلحة غير شرعية والقضاء عليها في المناطق الصحراوية، حيث إن الهدف المعلن هو التصدي للتنظيمات الإرهابية، خاصة الحديث عن التنظيمات التي تتمركز على الحدود المصرية الليبية. وأوضحت أن الأمر المهم لروسيا هو وجود خبراء وإخصائيين روس بالقرب من الحدود الليبية عند بدء العمل في محطة الضبعة النووية، واستتباب الأمن في هذه المنطقة، وهو أمر في غاية الأهمية لمصر ولروسيا.