مازالت المحاولات التركية لإيجاد موطئ قدم لها في الموصل مستمرة، فرغم الانتقادات الحكومية والبرلمانية العراقية للغطرسة التركية، إلا أن الأخيرة اختارت أن تغض الطرف وتستمر في طريقها لحشر أنفها في الشؤون العسكرية العراقية، الأمر الذي أدى إلى المزيد من التصعيد الدبلوماسي بين الطرفين، لكن مع تعنت أنقرة وإصرارها على التدخل في الشؤون العراقية، هل سيقتصر التصعيد على الشأن الدبلوماسي فقط أم سيمتد إلى المواجهه العسكرية؟ رفض عراقي على جميع الأصعدة منذ إعلان الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، مشاركة قوات بلاده في عملية تحرير الموصل، وتصريحه بأن "الموصل للموصليين، ولا يحق لأحد أن يتدخل فيها"، ومن قبل ذلك إقرار البرلمان التركي تمديد التواجد التركي في الأراضي العراقية والسورية لمدة عام إضافي، بدأ الغضب الشعبي والسياسي يجتاح الشارع العراقي؛ حيث دعت جبهة الإصلاح البرلمانية إلى سحب السفير العراقي من أنقرة وطرد السفير التركي من بغداد، إضافة إلى قطع العلاقات الاقتصادية والبضائع التركية، وطالبت النائبة عن التحالف الوطني، ميثاق الحامدي، باتخاذ إجراء صارم ضد أي تدخل خارجي، ومعاملة القوات التركية في الموصل كقوات محتلة، فيما عبر البعض عن مخاوفه من نوايا تركيا التاريخية في هذه المدينةالعراقية. أضف إلى الغضب الشعبي والسياسي مثيله الحكومي، حيث حذّر رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، من أن تتحول "المغامرة التركية" إلى حرب إقليمية، مشيرًا إلى أن وجود القوات التركية على الأراضي العراقية اعتداء على سيادة الدولة، قائلا: نرفض أي وجود لقوات أجنبية على الأراضي العراقية، إننا طلبنا أكثر من مرة من الجانب التركي عدم التدخل في الشأن العراقي، مستغربًا من إصرار الأتراك على وجودهم داخل العراق، لأن تنظيم داعش أقرب إلى الحدود التركية في سوريا من الموصل، وتابع: وضعنا خططًا لضمان عدم استغلال القوات التركية للفراغ بعد الانتصار على داعش في الموصل.. وتصرف القيادة التركية غير مقبول بكل المقاييس، ولا نريد أن ندخل مع تركيا في مواجهة عسكرية. الرفض الحكومي تبعه رفض برلماني، ليتخذ الشكل الرسمي، حيث رفض البرلمان العراقي الثلاثاء الماضي، بالإجماع وجود القوات التركية على الأراضي العراقية في بعشيقة كما رفض وجود أي قوات أجنبية أخرى، وطالب بسحب السفير العراقي في تركيا، وطرد سفير تركيا من العراق، كما وصف البرلمان العراقي التحركات التركية والوجود العسكري بأنها تدخل سافر وشكل من أشكال الاحتلال، مطالبًا الحكومة العراقية باتخاذ جميع الإجراءات القانونية والدبلوماسية لحفظ سيادة العراق وإعادة النظر في العلاقات التجارية والاقتصادية مع تركيا. استدعاء السفراء استدعت وزارة الخارجية التركية سفير العراق في أنقرة، للاحتجاج على وصف مجلس النواب العراقي قواتها في العراق ب"المحتلة"، حيث أدانت الخارجية التركية قرار البرلمان العراقي، قائلة إن قرار البرلمان لا يعكس رأي الشعب العراقي، فيما قال نائب رئيس الوزراء التركي، نعمان قورتولموش، إن الوجود العسكري التركي في العراق يهدف إلى تحقيق الاستقرار في وقت تشهد فيه البلاد انقسامًا شديدًا، وأضاف أن تركيا لا تسعى لأن تصبح قوة احتلال، وأنها لن تسمح بطرح هذا الأمر للنقاش. في الوقت ذاته، ردت وزارة الخارجية العراقية باستدعاء السفير التركي في العراق، كما قدمت الوزارة طلبًا لعقد جلسة طارئة لمجلس الأمن لمناقشة التجاوز التركي على الأراضي العراقية والتدخل في شؤونه الداخلية، وقال المتحدث باسم الخارجية العراقية، أحمد جمال، إن مندوب العراق الدائم في الأممالمتحدة السفير، محمود علي الحكيم، سلم طلبًا رسميًا لرئيس مجلس الأمن الحالي، فيتالي تشوركين، لعقد جلسة طارئة للمجلس لمناقشة تجاوزات وتدخلات الجانب التركي. هل تتحول المواجهه الدبلوماسية إلى عسكرية؟ من جانبه، قال المتحدث باسم الحشد الشعبي، كريم النوري، إن قوات المقاومة على أتم الاستعداد للحرب مع تركيا، فيما أكد الأمين العام لمنظمة بدر، هادي العامري، أن أي قوة برية أجنبية تزج نفسها بعمليات تحرير الموصل ستعتبر عدوا، وسنتعامل معها كما سنتعامل مع داعش الإرهابي، وقال العامري إن تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بخصوص الموصل، مخجلة وتدل على نفسه الطائفي البغيض، مبينًا أن الموصل لا يحررها إلا أبناء العراق الغيارى ومن جميع المكونات. الموصل.. أحلام السلطنة العثمانية تعود يبدو أن أحلام السلطنة العثمانية عادت لتراود الرئيس أردوغان، من جديد، حيث تحدثت أوساط تركية منذ أيام عن معاهدة أنقرة عام 1926، التي تنازلت فيها تركيا عن ولاية الموصل للعراق، وتزامن ذلك مع حديث آخر للسلطان الأردوغاني قبل أيام، ألمح فيها إلى إعادة النظر في معاهدة لوزان عام 1923، وانتقد خلال حديثه المعاهدة التي تنازلت تركيا بموجبها عن ولاياتها السابقة، واعترفت باستقلالها وتحولت من دولة عثمانية إلى الجمهورية التركية، حيث قال أردوغان: البعض يحاول إظهار اتفاقية لوزان على أنها انتصار، أظهروا اتفاقية سيفر على أنها هزيمة وحاولوا إرضاءنا باتفاقية لوزان، ليفعلوا ما يشاؤون كل شيء واضح، انظروا إلى إيجة نصف جزره منحناها لليونان في اتفاقية لوزان، أهذا انتصار؟ هذه الجزر ملك لنا، لدينا مساجد ومعابد هناك، فضلًا عن وجود حقوق لدينا متعلقة بالحدود الجوية والبحرية والمنطقة الاقتصادية المحصورة، والتي لا زلنا لا نعيها بشكلها الصحيح؟ ما هذه الاتفاقية التي خسرنا فيها حقوقنا؟