إذا كنت باحثًا أو مبدعًا، وسافرت للحصول على جائزة دولية، قد تفاجأ بقرار يمنعك من السفر على أبواب المطار، إما لأسباب لا دخل لك بها، أو يكون للصدفة دور فيها.. ذلك ما حدث مع عدة حالات حُرمت من الحصول التكريم العالمي على مجهودها وكفاءتها وتميزها. ثلاثة مصريين خلال العامين الماضيين حرموا من تسلم الجوائز الدولية عن إبداعاتهم وتفوقهم، آخرهم مزن حسن، المديرة التنفيذية لمركز نظرة للدراسات النسوية، والتي فازت هذا العام بجائزة Right Livelihood، والمعروفة أيضًا باسم جائزة نوبل البديلة؛ لتصبح ثالث من يفوز بها من مصر، والتي لن تتمكن من تسلم الجائزة؛ بسبب منعها من السفر. تقول "مزن" ل"البديل" إنه "شيء مضحك ومحزن في آن واحد، لا نستطيع تسلم الجائزة؛ لأني ممنوعة من السفر، فضلًا عن مفارقة تقدير العالم للحركة النسوية المصرية، حيث أرى أن الجائزة تكريم لها وليس ل«نظرة» فقط ولمجهودها، فحين تمنعك دولتك ونظامك السياسي من السفر، تصبحي مهددًا بعدم استكمال دورك في العمل الحقوقي النسوي". وكانت سلطات المطار أوقفت المديرة التنفيذية لمركز نظرة للدراسات النسوية نهاية يونيو، في إطار التحقيق مع منظمات المجتمع المدني في قضية التمويل الأجنبي، بناء على قرار قاضى التحقيقات، والتى أعيد فتحها منذ عدة أشهر، وكانت قد تم استدعاؤها للتحقيق في 29 مارس الماضي، غير أن قاضي التحقيق أجّل استجوابها إلى أجل غير مسمى. وسبق مزن حسن منع الناشط والشاعر عمر حاذق في منتصف يناير من السفر؛ لتسلم جائزة حرية التعبير، ضمن مهرجان "كتاب بلا حدود"، أثناء إنهائه إجراءات السفر إلى أمستردام، حيث فوجئ بسلطات مطار القاهرة الدولي تبلغه بقرار المنع من السفر، وتطلب منه الانتظار بغرفة الاحتجاز، وتعلمه أن المنع بسبب قرارات قضائية. وكان حكم قضائي قد صدر ضد "حاذق"؛ بسبب مشاركته في وقفة احتجاجية، خلال إعادة محاكمة قتلة خالد سعيد، وقضت محكمة الإسكندرية في فبراير 2014 بحبسه عامين وتغريمه 50 ألف جنيه، لكنه خرج من السجن بموجب عفو رئاسي قبل انتهاء مدة العقوبة، بأقل من ثلاثة شهور. ويأتي ثالثهم المصور الصحفي محمود أبو زيد، الشهير ب"شوكان"، حيث منعه الحبس الاحتياطي، الذي دخل عامه الثالث، من تسلم الجائزة الدولية لحرية الصحافة لعام 2016، ضمن أربعة صحفيين من دول مختلفة، بعد أن قررت لجنة حماية الصحفيين الدولية، ومقرها نيويورك، منحه الجائزة. وكان"شوكان" قد ألقي القبض عليه أثناء ممارسته عمله بتغطية أحداث فض اعتصام رابعة في 14 أغسطس 2013، ووجهت له النيابة عدة اتهامات، بينها الانضمام إلى جماعة إرهابية وقتل رجال الشرطة؛ ليظل قيد الاعتقال حتى الآن. وتكفل المادة 62 من الدستور حرية التنقل، وتنص على: "لا يمنع المواطن من مغادرة إقليم الدولة… إلا بأمر قضائي مسبب ولمدة محددة، وفي الأحوال المبينة في القانون"، وتنص المادة 54 على أن: "لأي شخص تقيد حريته… حق التظلم أمام القضاء من ذلك الإجراء". كما تنص المادة 208 من قانون الإجراءات الجنائية على أن: "للنائب العام أو من يفوضه ولقاضي التحقيق المختص بحسب الأحوال عند وجود أدلة كافية على جدية الاتهام في إحدى الجنايات أو الجنح التي يعاقب عليها القانون بالحبس لمدة لا تقل عن سنة، أو عند الضرورة التي يقتضيها التحقيق فيها، أن يأمر بمنع المتهم من السفر خارج البلاد أو بوضع اسمه على قوائم ترقب الوصول". وبحسب تقرير لمبادرة "دفتر أحوال" الإعلامية بلغت حالات المنع 6 في عهد المجلس العسكري الذي حكم البلاد عقب ثورة يناير 2011، مقابل 4 حالات في عهد الرئيس الأسبق محمد مرسي الذي استمر عامًا، و58 في عهد الرئيس السابق عدلي منصور الذي استمر عامًا أيضًا، بينما ارتفعت حالات المنع من السفر في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي لتصل إلى 117 حالة. وتوضح المبادرة أن قرارات المنع من السفر أو الدخول إلى مصر بلغ اجماليها حوالي 544 حالة خلال خمس سنوات، بينها 218 في عهد الرئيس السيسي، وأن هناك 185 حالة منع من السفر خلال خمس سنوات في الفترة بين 11 فبراير 2011 و20 فبراير 2016. ويقول محمد إبراهيم، المحامي الحقوقي، إنه تم توقيف الكثير من العاملين في العديد من المجالات؛ لإجراء أو إتمام أبحاث في مجال أعمالهم. ولفت إلى أن الكثير من المواطنين، خاصة السياسيين والنشطاء، كانوا يفاجؤون بمنع الأمن الوطني لهم من السفر لحضور مؤتمرات سياسية وورش عمل، ويخبرونهم أن المنع مؤقت، وسيتم رفعه، إلا أنه في الغالب يتوقف عند ذلك، ويستمر منعهم.