توتر مكتوم بدأت بوادره تظهر داخل جيش الاحتلال الإسرائيلي، وذلك بسبب اختلاف في الرؤى بين وزير الجيش أفيجدور ليبرمان، وبين رئيس هيئة الأركان غادي ايزنكوت، وهو الأمر الذي وصفته وسائل الإعلام العبرية ب"الحرب الباردة" بين الطرفين. القناة العاشرة الإسرائيلية، أكدت في تحقيق لها أن هناك شوائب تمر بعلاقات ليبرمان وايزنكوت تركزت أسبابها أولا في التوجهات الشخصية لوزير الجيش الصهيوني والذي أثار تعيينه من قبل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بعد استقالة موشيه يعالون، جدلا حول مستقبل وزارة الأمن ومدى ارتباط القرار برغبة رئيس الحكومة بالسيطرة على الجيش بعد توسع خلافاته مع قادته وعلى رأسهم يعالون. السبب الثاني هو قلة خبرة ليبرمان العسكرية، لدرجة أن الكثيرين وصفوا تعيينه بأنه "أمر سخيف"، وقال محللون عسكريون إن "الخبرة العسكرية لليبرمان لا تذكر"، وقال المحلل العسكري عاموس هارئيل، في مقال له: "إن جنرالات الجيش لم يتوقعوا قرارًا سياسيًا سخيفًا كهذا"، في إشارة إلى أن خبرته لا تؤهله لأداء مهام منصبه بشكل مناسب، ويبدو أن افتقاره إلى الخبرة دفعه إلى عدم التشاور مع القادة العسكريين في ملفات تتعلق بالعسكرية وتفضيله التشاور مع الساسة وهو أمر خلق نوعا من التوتر في العلاقات بين ليبرمان وايزنكوت. منذ تولي رئيس حزب «إسرائيل بيتنا» أفيجدور ليبرمان، منصب وزير الجيش، يحرص مستشاروه على العمل بجانبه بشكل لصيق لتجنب وقوعه في تصريحات أو مواقف قد تتسبب في مشاكل لوزارة الدفاع. وكشفت القناة العاشرة الصهيونية الملفات الأساسية التي تقف وراء اشتداد الخلاف بين ليبرمان وايزنكوت، فقالت في تحقيقها إنه «لم يعد من الممكن إخفاء التوترات بين الجانبين، وأن الجميع بات يعلم سوء العلاقات بين رئيس الأركان ووزير الدفاع في الفترة الأخيرة»، وأوضحت أن من بين تلك الملفات قضية الجندي أزريا، وقضية التعيينات الجديدة داخل شركات الصناعات العسكرية الحكومية التي قام بها وزير الدفاع وكانت أغلبها من حزب إسرائيل بيتنا، إضافة إلى طريقة تعاطي ليبرمان مع الإدارة الأمريكية بشأن الاتفاق النووي الموقع مع طهران. ويري أيزنكوت أن وزير الجيش يسعى لتطبيق إجراءات تحد من اختصاصات القادة، ويخشى الأول أن ينجح الوزير اليميني المتطرف في إحداث تغييرات محددة تتسبب في تغيير المنظومة العسكرية المتبعة. وبلغ الاستياء ذروته داخل قيادة جيش الاحتلال عقب تعاطي وزير الدفاع المتطرف مع محاكمة الجندي الصهيوني أزريا الذي أعدم شابا فلسطينيا في الخليل، بالطريقة ذاتها التي تعامل بها حين كان خارج الحكومة، ما عمق الصدع بينه وبين تلك القيادات، حيث يتعامل قادة جيش الاحتلال بطريقة تبدو وكأنهم يرغبون في محاكمة الجندي الإسرئيلي المتهم بإعدام شاب فلسطيني بشفافية في وقت يسعون فيه لإثبات براءته دون إحراج دولي، فيما يرغب ليبرمان في مراودة تيارات اليمين المتطرف والمستوطنين المتطرفين الذين يدعون صراحة إلى قتل الفلسطينين في الشوارع لاستغلال قوة هذا التيار وتأثيره من خلال الاعتماد على منظومة أكثر تطرفًا قد تعني إشكالية كبرى أمام المجتمع الدولي. تزامنت مشكلة محاكمة الجندي مع قرار ليبرمان تعيين 3 من أعضاء حزب إسرائيل بيتنا على رأس شركات الصناعات العسكرية الحكومية الكبرى، الخطوة التي اعتبرت مصادر داخل الجيش أنها محاولة من جانبه للسيطرة على الصناعات العسكرية الإسرائيلية. ومنذ توليه منصبه رأى محللون إسرائيليون يساريون أن تعيين ليبرمان جاء كأمر واقع، تماشيا مع حالة التطرف التي تنتاب المجتمع وجيش الاحتلال الإسرائيلي، وأعرب فريق آخر من المحللين عن مخاوفهم من تردي العلاقة بين الجيش وبين القيادة السياسية، لا سيما أن إقصاء الوزير يعالون جاء على خلفية دعوته لقادة الجيش للتعبير عن مواقفهم بحرية وبدون قيود، وقدروا أن تكليف ليبرمان من جانب نتنياهو بالمنصب إنما جاء لتقليص مساحة حرية التعبير التي يحظى بها هؤلاء القادة.