رغم أن نتيجة التصويت لانتخابات المجلس التشريعي في هونج كونج، التي أُجريت الأحد الماضي، جاءت في صالح الكتلة المؤيدة لبكين؛ حيث حصلت على 60% لتفوز ب41 مقعدًا من أصل 70 بالمجلس، إلا أن النتائج بدأت تقلق التنين الصيني وتبعث فيه المخاوف المتعلقة بالرغبة الانفصالية لبعض سكان هونج كونج عن الصين، الأمر الذي لا ترغب بكين التفكير فيه، خاصة بعد احتفاظ "الشباب داعمي الديمقراطية" الحركة المناهضة للصين على الثلث المعطل داخل البرلمان في هونج كونج. نتائج الانتخابات التشريعية ووفقا لوكالة الأنباء الصينية (شينخوا)، شارك في التصويت أكثر من 2.2 مليون ناخب بنسبة 58% ممن يحق لهم الاقتراع، لتعد أعلى نسبة يتم تسجيلها منذ انتخابات عام 1997، حيث يحق لنحو 3.8 مليون ناخب من سكان هونج كونج البالغ عددهم سبعة ملايين نسمة التصويت في الانتخابات. اللافت، أن الناشطين الشباب المؤيدين للديمقراطية المناهضة للصين، حصدوا أكثر من ثلث المقاعد في البرلمان، الأمر الذي يمكنهم من الاحتفاظ بحق النقض "الفيتو" لأي تشريع قد تفرزه الكتلة البرلمانية المؤيدة للصين، يستطيعون منع أي محاولة من قبل حكومة المدينة الواقعة جنوبالصين من سن تشريعات لا تحظى بشعبية أو مثيرة للجدل، حيث أظهرت النتائج الرسمية لمعظم الدوائر الانتخابية، أن المرشحين المؤيدين للديمقراطية فازوا بنحو 27 مقعدا. وشمل الفائزون مجموعة من المرشحين الشباب الذين شاركوا في احتجاجات الشارع المؤيدة للديمقراطية عام 2012، ويسعون حاليا لتغيير الطريقة التي تحكم بها المدينة من قبل الصين. وتتضمن قائمة المنتخبين من النشطاء الشباب ناثان لو، 23 عاما، المنتمي لحزب القانون "ديموسيستو" المؤسس حديثا، الذي حصد ثاني أعلى عدد من الأصوات في دائرته الانتخابية، بجزيرة هونج كونج، التي لها 6 مقاعد. ويدعو حزب "ديموسيستو"، الذي أسسه في وقت سابق من هذا العام زعيم الاحتجاجات الطلابية جوشوا ونج، إلى استفتاء لتقرير المصير، بشأن الوضع المستقبلي لهونج كونج، التي تعد حاليًا في منتصف فترة انتقالية لمدة 50 عاما من الحكم الصيني. كما فازت الناشطة ياو واي تشينغ، 25 عاما، المنتمية لحزب مؤسس حديثا يحمل اسم "تطلعات الشباب" أو، ب 20.344 صوتا. وانتخب سيكستوس "باجيو" لونج، 30 عاما، المنتمي لنفس حزب "تطلعات الشباب" حيث استحوذ على 31344 صوتا، وهو من الأصوات المؤيدة لانفصال هونج كونج عن الصين، بالإضافة إلى تشنغ تشونغ تاي، 33 عاما، الأكاديمي المنتمي لحزب "العاطفة المدنية". وساعدت المشاركة القياسية في العملية الانتخابية، في اكتساح القادمين الجدد لهذا السباق، الأمر الذي يقلق الصين، خاصة أن القادمين الجدد حققوا انتصاراتهم المذهلة من خلال ركوب موجة المشاعر المناهضة المتصاعدة للصين، خلال حملاتهم الانتخابية ضد المنافسين المدعومين ماليًا وسياسيًا من بكين. هونج كونج والصين.. بلد واحد ونظامان مختلفان عادت "هونج كونج" المستعمرة البريطانية السابقة إلى الصين عام 1997 بموجب اتفاق "دولة واحدة ونظامين" الذى تعهد بالإبقاء على الحريات فى المركز المالي العالمي والقوانين الخاصة لمدة 50 عاما على الأقل، لكنه أعطى السيطرة المطلقة لبكين. وتعد هونج كونج إحدى المنطقتين الإداريتين الخاصتين التابعتين لجمهورية الصين الشعبية، إلى جانب منطقة مكاو، وتقع مدينة هونج كونج على ساحل الصينيالجنوبي محصورة ما بين بحر الصينالجنوبي ودلتا نهر اللؤلؤة. وتتمتع هونج كونج باستقلالية ونظام سياسي مختلف عن ذاك في البر الرئيسي الصيني، وفق مبدأ "بلد واحد ونظامان مختلفان"، الذي يكرس للمدينة حكمها الذاتي، وللمدينة استقلالية قضائية تتبع هيكلها للقانون العام، كما أن لديها قانونا أساسيا مستقلا، وينص دستورها الذي وُضع عقب نقل ملكيتها من بريطانيا إلى الصين على أنها ستحوذ "درجة من الاستقلالية" في كل جوانب الدولة، باستثناء العلاقات الدبلوماسية الدولية والبنية العسكرية. ويمثل التطلع إلى الاستقلال والعداء لبكين في المدينة الساحلية الجنوبية أحد أكثر القضايا السياسية المحلية الملحة بالنسبة للحكومة المركزية. وبشكل عام، يدعم المسؤولون في هونج كونج بكين ويحرصون على الإبقاء على اتفاق "دولة واحدة ونظامين"، رغم أن الأحداث الأخيرة بما في ذلك احتجاز عدد من الناشرين على أيدي ضباط صينيين هزت الثقة في التزام الصين بهذه الصيغة. ويرى مراقبون أن الاحتجاجات التي قادها طلاب في هونج كونج واستمرت 79 يوما عام 2014 نقطة تحول في الوضع السياسي للمدينة، رغم أن بكين لم تقدم تنازلات، حيث جاءت الاحتجاجات نتيجة لعدم انصياع الصين لمطالب قديمة لهونج كونج؛ ففي يوم 1 يوليو من عام 1997، رفضت بكين خصوصًا زيادة عدد النواب في المجلس التشريعي (برلمان هونج كونج) المنتخبون بالاقتراع العام، في ظل أن نصف عدد النواب فقط يتم انتخابهم، أما النصف الآخر فيمثل كبار رجال الأعمال والعائلات الكبيرة المعروفين بارتباطهم للصين.