تلقت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، صفعة قوية في عقر دارها، إذ فقدت صدارتها في الانتخابات الإقليمية بولاية مكلنبورغ بومراني الغربية في شمال شرق ألمانيا، إحدى الولايات التي تعتبر دائرتها الانتخابية، مقابل فوز حزب الشعبويين "البديل لأجل ألمانيا" اليميني المتطرف، الأمر الذي قد يغير المستقبل السياسي لميركل وحزبها السياسي، بل قد يغير سياساتها بشأن بعض القضايا التي أثارت حفيظة اليمنين في الفترة الأخيرة، وعلى رأسها أزمة استقبال اللاجئين. تقدم حزب "البديل لأجل ألمانيا" اليميني المناهض للمهاجرين على حزب "الاتحاد الديمقراطي المسيحي" بزعامة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، في الانتخابات وحصل على نحو 21% من الأصوات، ليحل ثانيًا في الانتخابات، متقدمًا على حزب ميركل الذي جاء ثالثًا ب19% من الأصوات، فيما تصدر الحزب الاشتراكي الديمقراطي النتائج بحصوله على 30%، فيما لم يتمكن حزب "النازيون الجدد" الذي تعد هذه المقاطعة معقله، من البقاء في البرلمان الإقليمي، وأدى اختراق الحزب الشعبوي إلى حرمانه من الحصول على عتبة 5% الضرورية، وفقًا لاستطلاعات رأي أجرتها قنوات تلفزيون عامة لدى الخروج من مراكز الاقتراع أمس الأحد. وقال زعيم الحزب الشعبوي في هذه المنطقة، ليف اريك هولم: "إن انتصارنا يتمثل في أننا جعلنا حزب ميركل خلفنا، وهي ربما بداية النهاية للمستشارة"، وفي الوقت نفسه، أقرّ رئيس الحكومة الإقليمية المنتهية ولايتها، اوين سيليرينغ، والذي يُفترض أن يشكل ائتلافًا، بأنه قلق جدًا بسبب حزب البديل لألمانيا. على الرغم من أن هذه النتائج ليست النهائية، إلا أنها تعتبر مؤشرا على هبوط شعبية ميركل وتراجع جماهيرية حزبها، مقابل صعود شعبية الحزب اليميني المتطرف الذي يعتبر جديدا على الساحة السياسية وخاصة الانتخابية، إذ تم تأسيسه عام 2013، ليعزز موقعه سريعًا على المستوى الوطني، مع تمثيله في 9 من 16 مقاطعة ألمانية، وتحقيقه فوزًا انتخابيًا في 3 مقاطعات في الربيع، مع تسجيله رقمًا قياسيًا بنسبة 24% في ولاية "ساكس انهالت"، وفوزه على حزب ميركل في أول مشاركة له في عملية الاقتراع في هذه المنطقة، الأمر الذي يثير مخاوف من أن صعود هذا الحزب بهذه الطريقة السريعة قد يهدد مستقبل حزب "الاتحاد الديمقراطي" بزعامة ميركل، بل يهدد المستقبل السياسي للمستشارة الألمانية، خاصة أن تلك الانتخابات تأتي قبل عام من الانتخابات التشريعية، كما أن الإحراج السياسي الذي وقعت فيه ميركل بعد خسارتها الصدارة سوف يعرضها لضغوط سياسية من حزبها قد تضطرها إلى مراجعة موقفها المرحب باللاجئين. استطلاع الرأي الذي كشف خسارة حزب ميركل للمركز الأول في عقر دارها، غير مفاجيء بالنسبة للمراقبين والمتابعين للشأن الألماني، فقد كشفت استطلاعات رأي سابقة تراجع شعبية المستشارة في العديد من المقاطعات في مواجهة الشعبويين، وكشف أحدث استطلاع للرأي أجراه معهد "فورسا" ونشرت نتائجه في 31 أغسطس الماضي، عن ارتفاع شعبية حزب "البديل لأجل ألمانيا"، وأظهرت نتائج الاستطلاع أن شعبية الحزب ارتفعت من 10 إلى 12% على مستوى ألمانيا ليحقق بذلك ثاني أعلى نسبة تأييد له في استطلاعات معهد فورسا هذا العام، في مقابل تراجع شعبية تحالف المستشارة ميركل، بمقدار نقطتين مئويتين لتصل إلى 33%، كما كشف استطلاع آخر أن 44% فقط من الألمان يثقون بميركل لمنحها ولاية رابعة. وصعد حزب "البديل لأجل ألمانيا" بهذه القوة متخطيًا أحزاب عتيقة في الساحة السياسية والانتخابية من خلال تركيزه في حملته الانتخابية على الفوضى التي قال إن سببها قرار ميركل قبل عام بفتح أبواب البلاد واسعة أمام اللاجئين، حيث استثمر الحزب مشاعر الألمان المتأججة والساخطة والرافضة للمهاجرين في ذلك الوقت، واستفاد من هذه المشاعر ليبني نجاحه عليها، حيث هيمنت إشكالية دمج مليون طالب لجوء وصلوا العام الماضي إلى ألمانيا على حملته الانتخابية، وهو ما دفع أكثر من نصف الناخبين إلى التصويت لصالحه معتبرين أن سياسة ميركل بشأن اللاجئين خطيرة.