يحمل الربع الأخير من العام الجاري متغير أضافي على مستوى العلاقات بين دول خليجية وإسرائيل هو توسيع التعاون العسكري بين تل أبيب وأبو ظبي، والذي تمثل في القيام بمناورة عسكرية مشتركة في الولاياتالمتحدة انتهت قبل يومين، شكلت فيها المناورات الجوية عمود فقري طبقت فيها تكتيكات حرب وتصدي لوسائل دفاع جوي، وهي المناورات التي قادتها واشنطن وشاركت فيها إسلام آباد ومدريد بجانب تل أبيب وأبو ظبي، والتي حملت أسم «العلم الأحمر». لمناورات المشتركة بين دولتين لا يوجد بينهم رسمياً علاقات دبلوماسية في إطار تطور العلاقات بين عواصم خليجية وتل أبيب؛ والذي صعد منحنى العلاقات بينهما منذ 2012، مروراً بتعزيزها وترسيخها على كافة المستويات بما فيها الشعبية والدبلوماسية الغير رسمية طيلة 2013 و2014، وصولاً لشبه تحالف بين دول خليجية على رأسها السعودية تجاه الملف النووي الإيراني ومحاولة إجهاض الاتفاق الخاص به، إلى فرض تعاون رسمي في أكثر من مجال بما فيه المجال الأمني والعسكري، وأخيراً نشهد هذا العام علانية العلاقات العسكرية بين هذه الدول والكيان الصهيوني. ونقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي إشادة قيادة القوات الجوية الإسرائيلية بمناورات «العلم الأحمر»، واعتبرت أنها اجراء هام يجمع مصالح استراتيجية للدول المشاركة بغض النظر عن كون بعض هذه الدول لا يوجد بينها وبين تل أبيب علاقات دبلوماسية، في إشارة إلى الإمارات وباكستان. بينما نقلت وكالة «اسشويتيد برس» عن جنرال في القوات الجوية الإسرائيلية قولة بأن "التدريبات المشتركة كانت على درجة عالية من المهنية، بالرغم من انعدام العلاقات بين تل أبيب وكل من إسلام آباد وأبو ظبي، وأن طيارين هاتين البلدين تعاملوا بحرفية ومهنية مع الطيارين الإسرائيلين". ولا يمثل هذا الحدث شذوذاً في سياق العلاقات العربية-الإسرائيلية بشكل عام، حيث تشهد المنطقة مناخا من التكامل والتعاون بكافة أوجهه السياسية والاقتصادية والعسكرية بين دول عربية وإسرائيل، والذي وصل في الشهور الأخيرة إلى تلاقي سياسي عبر جامعة الدول العربية، متمثلا في قراراتها الأخيرة المتعلقة بتصنيف «حزب الله» اللبناني كمنظمة إرهابية، والذي يأتي في إطار سياسات التقارب والتكامل بين الكيان الصهيوني البادئ منذ أكثر من ثلاث سنوات بتوصيات إستراتيجية تهدف إلى خلق مجالات تعاون استراتيجي تدمج تل أبيب في المنطقة بدافع من التصدي لخطر مشترك بينها وبين عواصم خليجية متمثل في إيران، بالإضافة لتعويض الغطاء السياسي والعسكري الأميركي في ظل التغييرات العاصفة التي تشهدها المنطقة المشتعلة من خمس سنوات، وفي سبيل تحقيق ذلك أصبح من الطبيعي أن تتواتر المبادرات وقنوات التعاون وإقامة العلاقات بين إسرائيل ودول عربية بخلاف مصر والأردن، بشكل موسع وعلني وعلى مستويات مختلفة، بل وتشجيع بعض من هذه الدول غير المُطبعة رسمياً مع إسرائيل وتحديداً السعودية، إلى توسيع وتعميق العلاقات بين القاهرة وعمان من جهة وبين تل أبيب، كإدارة غير مباشرة تهدف إلى تكامل سياسي شامل بين الدول العربية وإسرائيل لن ينتظر حتى تسوية شاملة مرتقبة للقضية الفلسطينية وقبول ساسة الكيان الصهيوني بالمبادرة السعودية التي باتت تعرف ب«المبادرة العربية للسلام» من عام 2005. واللافت هنا أن المناورات كما جاء في وسائل إعلام إسرائيلية كصحيفة «معاريف» و «يديعوت أحرنوت» لتمثل معركة سيادة جوية في أجواء معادية تأمنها منظومات دفاع جوي متطورة مثل منظومة إس 300 الروسية، والتي امتلكتها إيران مؤخراً، وهو ما يشي بأن هذه المناورات أتت كإجراء ضمن إستراتيجية عسكرية تطبق حال تمكن الأخيرة من تملك الصواريخ المتطورة التي تحييد التفوق الجوي النوعي لكل من سلاح الجو الأميركي والإسرائيلي، والذي كان من المفترض أنه سيقوم بعمل عسكري في سنوات ما قبل الاتفاق النووي، والتعويل على عدم أتفاق موسكو مع طهران على بيع هذه المنظومة، ولكن بمجرد توقيع الاتفاق النووي لم يكن هناك مانع من إنفاذها بين الطرفين، وبالتالي فإن الإجراءات المضادة والاحترازية جاءت في توقيت مقارب لهذا المتغير العسكري الذي يمس الدوائر العسكرية لثلاث دول في المحيط الحيوي لإيران هم أيضاً حلفاء للولايات المتحدة. ويذكر أنها ليست المرة الأولى التي يتم الحديث فيها عن تعاون عسكري بين دول خليجية وإسرائيل بشكل علني هذا العام، ناهيك عن ما تسرب في الماضي عن وجود تنسيق عسكري بين الرياض وتل أبيب يعود إلى ستينيات القرن الماضي، ويتشكف باستمرار من واقع الوثائق العسكرية الإسرائيلية، بخلاف التنسيق الأمني والاستخباراتي الذي كان أيضاً جزء من المناورة الأخيرة. ويذكر هنا ما أوردته وسائل إعلام إسرائيلية وعالمية عن التعاون العسكري بين تل أبيب ودول مجلس التعاون الخليجي المتمثل في نيتهم شراء منظومات أسلحة إسرائيلية على رأسها منظومات الدفاع الصاروخي بأنواعها المختلفة وأشهرها منظومة «القبة الحديدية»، فحسب ما جاء على لسان وزير الخارجية البحريني، خالد بن محمد آل خليفة، الذي يقوم بزيارة إلى بريطانيا على هامش زيارته لبريطانيا في أكتوبر من العام الماضي، والتي نقلتها قناتي«فوكس نيوز» و«سكاي نيوز» الأميركيتين، بأن بلاده ودول مجلس التعاون الخليجي سيكون لها قبة حديدية مثل التي تمتلكها إسرائيل. وجدير بالذكر أيضاً أن العام الجاري شهد تقارباً غير مسبوق في مستوى العلاقات بين الإمارات وإسرائيل، سواء على مستوى اقتصادي أو دبلوماسي وأخيراً عسكري؛ فبخلاف افتتاح ممثلية دبلوماسية إسرائيلية في أبو ظبي هذا العام، يكشف الخبير البريطاني في الشئون الخليجية، سايمون هندرسون، والذي يشغل منصب كبير الباحثين بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، عن علاقات مميزة على مستويات مختلفة، قائلاً "بجانب حادثة اغتيال القيادي الحمساوي محمود المبحوح في الأمارات 2010 ودلالاتها، فيبدو أن أوثق العلاقات الإسرائيلية في منطقة الخليج هي مع دولة الإمارات العربية المتحدة".