يسقط قيادات داعش الإرهابي واحدًا تلو الآخر، في مشهد يوحي بقرب القضاء على التنظيم المتطرف، فبالأمس أعلن التنظيم مقتل أحد أهم قياداته، أبو محمد العدناني، المتحدث باسمه، والذي كان يتولى منصب أمير الشام. من هو العدناني؟ العدناني هو صاحب فكر خلافة داعش، وأقرب المقربين إلى البغدادي، سجن معه في سجن بوكا عام 2005 في البصرة جنوبي العراق، بايع الزعيم السابق للقاعدة في العراق أبو مصعب الزرقاوي من مكانه في سوريا، سجن 3 مرات في سوريا بتهم مرتبطة بالإرهاب. بمقتل العدناني يخسر التنظيم ما يوصف بالمنجنيق الإعلامي له، كونه المصدر الرئيسي لنشر الرسائل الرسمية، بما في ذلك إعلان داعش، كما أصدر تسجيلات صوتية وبيانات مكتوبة تتناول عمليات التنظيم في العراقوسوريا، واشتهر بتهديداته وتصريحاته التي طالت العديد من دول العالم، والتي من أبرزها "إننا نريد باريس قبل روما، ونريد كابول، وكراتشي، والرياض، وعمّان، وأبوظبي وغيرها". العدناني، هاجم أيمن الظواهري، زعيم القاعدة الأم، وقال، في بيان له حمل عنوان "عذرا أمير القاعدة": داعش ليست فرعا تابعا للقاعدة، ولم تكن يوما كذلك، بل لو قدر لكم الله أن تطأ قدمكم أرض الخلافة لما وسعكم إلا أن تبايعوها وتكونوا جنودا لأميرها القرشي حفيد الحسين كما أنتم اليوم جنود تحت سلطات الملا عمر. أما أبو بكر البغدادي، فيؤكد الكثيرون أنه بمقتل العدناني سيكون قد خسر عقله المفكر، وكانت قد سنحت له فرصة زمالته في عامي السجن اللذين قضاهما في المعتقل وعايش معه تراخي القبضة الأمريكية على السجن حتى تحول إلى ما يشبه معهد لتدريب ونشر الأفكار المتطرفة. اسمه الحقيقي هو طه صبحي فلاحة، من بلدة بنش بمحافظة إدلب شمالي سوريا، ولد في عام1977، بايع تنظيم القاعدة قبل أكثر من 10 سنوات، ووفقا لمؤسسة "بروكينجز" فقد سجنته القوات الأمريكية في العراق ما بين 2005 وعام 2010، التحق بتنظيم القاعدة في العراق، وصنفته واشنطن حينها "إرهابيا عالميا"، وكان واحدا من أوائل المقاتلين الأجانب الذين حاربوا القوات الأمريكية في العراق بعد غزوه عام 2003. يعتبر المسؤول الأول عن العمليات الخارجية للتنظيم، وأحد أبرز من أشرفوا على عمليات الدعاية ونشر تسجيلات تحريضية وأخرى بهدف تجنيد المقاتلين، أو التشجيع على شن هجمات، أصدر العدناني منشورا في مجلة "دابق" التابعة للتنظيم يحمل فتوى وتحريضا على قتل الغربيين في البلدان الغربية التي تشارك في قوات التحالف الدولي في العراقوسوريا. وبرأي القيادي السابق في تنظيم داعش أبو عمر، كان العدناني يحضر نفسه ليكون الرجل الذي يخلف البغدادي في التنظيم، لذا يمكن القول بحسب ما هو متوفر من معطيات إن الرجل كان حقا الرجل الثاني، حتى ولو كانت هناك أسماء أخرى لها صفات ومسؤوليات كبيرة. كان العدناني من بين عدد قليل ممن بقي على قيد الحياة من الأعضاء المؤسسين للتنظيم، إلى جانب البغدادي، جرح في غارة جوية في العراق في يناير هذا العام، حسب مصادر رسمية عراقية، في محافظة الأنبار، وانتقل بعدها إلى الموصل. ماذا يعني مقتله؟ يري كثير من المحللين أن إعلان داعش عن قتل المتحدث باسمه سيزيد من ضعف وفشل التنظيم في المرحلة المقبلة، خاصة أنه خسر الكثير من قياداته من دون القدرة على إيجاد بديل لها في الفترة الأخيرة في الأفرع النشطة، وبغض النظر عن التاريخ الحقيقي لقتل العدناني والذي تقاطعت معلومات على أنه حدث في السابع عشر من أغسطس في بلدة الراعي بريف حلب بعد تحريرها من داعش، فإن إقرار داعش بقتله سيكون له وقع الصدمة على التنظيم ككل، هذا الجسم الذي يتهاوى أعضاؤه الأساسيون الواحد تلو الآخر. ويقول محللون غربيون إن قتل العدناني سيعيد الى الواجهة من جديد عجز التنظيم عن حماية قادته الاساسيين، وسيدفع بالمقاتلين العاديين إلى طرح سلسلة تساؤلات عن المصير الذي ينتظرهم في ظل الخسارات المتتالية والهزائم الكبيرة التي يتعرضون لها، كما أن إزاحة العدناني من المشهد قد تفتح المجال أمام جولات جديدة من الصراع الداخلي بين من تبقى من قيادات قليلة على تولي المسؤوليات ما قد يسهم بشكل مؤكد بمزيد من التشرذم والانقسامات داخل التنظيم. كما أن من المؤكد أن قتل العدناني سيحرج البغدادي حيث كان يستعين به الزعيم لمخاطبة أنصاره نظرًا لقدرته على الحشد وجذب الأنصار، وكان يعول دوما على الكاريزما التي كان يتمتع بها في إيصال صوته فإذ به اليوم أمام تحدي انقطاع صلة الوصل مع الأنصار والمؤيدين وربما يدفعه هذا للظهور مجددا أو لإرسال تسجيل صوتي لينعي رفيق سجنه. تزامن مقتل العدناني ومن سبقه من قادة داعش مع سلسلة هزائم متفرقة في العراقوسوريا وليبيا، وهو ما يؤشر إلى مرحلة صعبة يعيشها التنظيم، وربما تؤشر إلى تحوله مع الوقت من حالة ترغب في تكوين كيان متطرف، وهو ما حاوله حين قدم نفسه كدولة وأعلن الخلافة في العام 2014، إلى جماعة تحاول أن تحافظ على نفسها وتخوض حرب عصابات في أكثر من مكان في ظل قيادة بدأت تتساقط رؤوسها، حيث بمقتل العدناني يكون هو ثالث قيادي يسقط من المؤسسين الأربعة بعد سقوط الأنباري والشيشاني في عمليات اغتيال مختلفة، ويبقي بذلك البغدادي وحيدًا بعدما نجا أكثر من مرة من ضربات جوية عراقية وأمريكية.