يستغل الاحتلال الإسرائيلي معبر بيت حانون "إيرز" كمصيدة للسكان في قطاع غزة، الذين يستخدمون المعبر في تنقلاتهم، بعد تجاوز عقبات كبيرة من الجانب الصهيوني، ويقوم الاحتلال باعتقال أي فرد يمر من المعبر، سواء بإبداء أسباب أو التكتم عليها. وجاءت الفترة الأخيرة من الشهر الجاري بحملة اعتقالات مكثفة لمدراء ومقاولين في مؤسسات مدنية تابعة للأمم المتحدة في قطاع غزة وغيرها من المؤسسات، التي تقدم غالبيتها مساعدات إنسانية للسكان؛ بزعم مساعدتهم للمقاومة في قطاع غزة، خصوصًا حركة حماس، وهي اتهامات لا تمت للحقيقة بأي صلة، حسبما أكدت الأممالمتحدة والمؤسسات الأخرى المتضررة من همجية الاحتلال. وكانت سلطات الاحتلال قد اعتقلت الأسبوع الماضي مدير فرع منظمة ("وورلد فيجن" في غزة محمد الحلبي بادعاءات نفتها المؤسسة في غزة بأن الحلبي قام في السنوات الأخيرة بتحويل مساعدات مالية وعينية لحركة حماس وذراعها العسكري تبلغ ملايين الدولارات. ونفى محامي الحلبي، محمد محمود، الاتهامات الموجهة لموكله الحلبي، مؤكدًا أنه تم تضخيم ملف القضية؛ لتبرير احتجاز الحلبي، مصرحًا أن الأمر مبالغ فيه من الجانب الإسرائيلي. وقالت المؤسسة، التي يديرها الحلبي في بيان نشرته، إنه بالاستناد إلى المعلومات المتوفرة لديها، فإن أسباب الاعتقال باطلة وغير صحيحة. إلا أنه بعد اجتماع رئيس المنظمة مع مسؤولين إسرائيليين، تم حذف هذا الجزء من البيان، ما يدل على خضوع المنظمة للرغبة الصهيونية. وقال منسق الأممالمتحدة الخاص للشؤون الإنسانية، روبرت بايبر، إن تحويل الأموال لغير المستفيدين منها سيكون خيانة كبيرة للثقة التي تمنحها المؤسسة لأطقمها في قطاع غزة. مشيرًا إلى أن الاتهامات الموجهة للحلبي تثير مخاوف جدية للمنظمات الإنسانية العاملة في غزة، مشددًا على أهمية خضوع الحلبي لمحاكمة عادلة، من سلطات الاحتلال! وبناءً على هذه الاتهامات، جمدت أستراليا وألمانيا تمويلها للمنظمة الدولية "ورلد فيجن" لحين انتهاء التحقيقات. من ناحية أخرى وجه جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) لائحة اتهام للفلسطيني وحيد البرش، المقاول لدى الوكالة، تنص على أن المذكور قام باستغلال موارد الوكالة لخدمة حماس في قطاع غزة. وتتضمن لائحة الاتهام ضد البرش أنه تلقى أوامر من شخصية قيادية في حركة حماس لبناء مرفأ صيد لصالح حماس، باستخدام ما يزيد على 300 طن من ركام المنازل المدمرة إثر حرب 2014، إضافة لمنح الأولوية في عمليات الترميم للمنازل التابعة لأفراد في حماس، فيما أعلنت الوكالة أنها تجري فحصًا داخليًّا دقيقًا لادعاءات الشاباك الإسرائيلي. وصرح المبعوث الخاص لمدير الوكالة روبرت فالنت لصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية أن الركام تم تقله إلى الأماكن المخطط والمعد لنقله فيها، دون أي انحراف أو تغيير في عمليات النقل، مشيرًا إلى أن المقاول لا يتمتع بصلاحيات تحدد المكان الذي يتم نقل الركام إليه. وأكد فالنت أنه الوكالة تعمل بحرص شديد داخل قطاع غزة، نافيًا أن يكون فريق العمل من المتدربين أو ذوي الخبرات الضعيفة، مشددًا على أن عمليات النقل لا يمكن أن يتم الشك بها؛ لأنها تجري ضمن سياق محدد من الوكالة نفسها وليس المقاولين التابعين لها. وأوضح أن عملية نقل الركام للمكان الذي قالت إسرائيل إنه تحت سيطرة حماس تمت في أغسطس 2014، أي قبل سيطرة حماس عليه، وباتفاق مع وزير الأشغال في الحكومة الفلسطينية، مفندًا ادعاءات الشاباك بحق البرش. ونوه بأن ادعاءات الشاباك بأولوية إعمار بيوت الأفراد التابعين لحركة حماس غير صحيحة بالمرة؛ لأن الأولوية وشروط الترميم واضحة، حيث تبدأ بالعائلات الفقيرة والعائلات التي لا تملك أي منازل بديلة، إضافة للأمهات الوحيدات. وعلى ما يبدو فإن إسرائيل تحاول تضييق الحصار على قطاع غزة بكل الأشكال والسبل الممكنة، فمثل هذه المؤسسات المدنية التي تقدم المساعدات الإنسانية للسكان في قطاع غزة بدعم من دول عديدة من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة مصدر قوي لعدد كبير من السكان، وربما بدأ الاحتلال في تسليط الضوء عليها ومحاربتها، خصوصًا أن الدول الأوروبية تصدق أكاذيب الاحتلال، خاصة إذا كانت المزاعم ضد حركة حماس، دون ذكر أنها الحركة المقاومة الكبرى ضد الاحتلال في القطاع.