مجموعة المقالات المنشورة في آخر عدد من مجلة "الايكونوميست" البريطانية تحت عنوان "خراب مصر" لم تحمل سوى بعض المعلومات والإشكاليات المعروفة عن مصر عالميا، وليست سرا في داخل مصر ولا في خارجها، ورغم أن "الايكونوميست" مجلة متخصصة في الاقتصاد لم تقدم وفق ما عرضته من أزمات اقتصادية في مصر حلول أو تصورات واضحة كل ما فعلته هو عرض ركيك! خصوصا أن ما صدرته لقراءها الناطقين بالإنجليزية قُتل بحثا ونقدا وكتابة، وكل ما يمكن قراءته في هذا الأمر هو توقيت إطلاق المقالات "غير لبموقعة" ليلة احتفال بذكرى تأميم قناة السويس وافتتاح المشروعات الجديدة بحضور الرئيس، الذي جاء على طريقة "العيار اللي ما يصبش يدوش" ما يتطابق مع عقلية وسياسة الجماعة حين تُقدم على أي فعل سياسي خائب غالبا ما يعقبه عمل إرهابي هنا أو هناك!. اللافت في النظر هو استعداد وزارة الخارجية المصرية للرد على أي "لت وعجن" وموقفها الدفاعي الذي اتخذته ضد وسيلة إعلامية تصدر في بريطانيا واعتبارها كيان سياسي لابد من التحرك للرد عليه ببيان رسمي!. الأمر الذي عظم من قيمة ما كتب في المجلة ولم تكتف برد ترسانة المقالات التي أطلقت من كل مكان تقول أن مصر.. زي الفل!. أرادت "الايكونوميست" أن تتعلق المعارضة في مصر بحبال مقالاتها الدائبة التي تفوح منها رائحة وطعم الجماعة بكل ما تحمل الكلمة من معنى لكن ذلك لن يحدث إطلاقا، خصوصا أن المعارضة في مصر وطنية، ومن ينتقد النظام لا يريد من معارضته له سوى مصلحة الوطن العليا، ولا أحد مهما كانت شدة نقده يتحمل التدخل السافر في شؤون وطنه، ولن يسمح بشكل من الأشكال أن يتجرع السم في العسل الآتي من بريطانيا في صورة نصائح بالية اعتمدت المقالات عليها، خصوصا ترشح "السيسي" من عدمه لفترة رئاسية أخرى. هذا الأمر لا يخص الرئيس بقدر ما يخص مصير الشعب المصري وسيادته على أرضه واختيار رئيسه القادم، كما ذكرت المجلة البريطانية في إحدى المقالات، لتوجه للغرب نصيحة أخرى مفادها أن يتوقف الغرب عن بيع السلاح لنظام "السيسي" لافتة أن الأسلحة باهظة التكاليف وليس بحاجه لها "أي السيسي" ولا يقوى على احتمال نفقاتها! وكأن هذا الغرب طفل صغير لا يعرف على وجه التحديد أين تقع مصلحته لذلك ترسم له خريطة علاقاته الدولية وتهديه على أي كيفية يجب التعامل معها!. لكن ليس هناك عتاب على هؤلاء ولا حجر على آراءهم مهما كانت غريبة ومتطرفة بتدخلهم في شؤون بلد بحجم مصر، حتى ولو كانت تمر اليوم بأزمات اقتصادية طاحنة. هي بلد لها وزنها وحجمها التاريخي والاستراتيجي والسياسي. لا يقع العتاب إلا علينا هنا في داخل مصر وخصوصا على النظام الذي يعتبر النقد تشكيك والمعارضه مغرضة، بتلك السياسة تتسع الفجوة بين النظام وبين معارضيه ليترك مساحة واسعة لتلك المهاترات القادمة من البعيد تأخذ من وقته وجهده الكثير بينما لو تواصل مع معارضيه، وبالأحرى دعمهم وساهم في تشكيل قاعدة عريضة للديمقراطية لهم سوف يكسب على الأرض الكثير من الأمور، أقلها سماع النصائح الوطنية الحقيقية التي تخدم مصلحة الوطن أفضل من أن يسمح للآخر ملئ هذا الفراغ.