اشتكى الفلاحون ومربو المواشي بمحافظة سوهاج من ارتفاع أسعار الأعلاف، وبخاصة "الردة" أو النخالة، التي تعتبر الأكثر استخداما في تربية الماشية، حيث وصل سعر الجوال زنة 40 كيلو جرام والمنتج من مطاحن الدقيق إلي 135 جنيها، كما وصل سعر جوال الكسب أيضا زنة 40 كيلو جرام ل100 جنيها، ما تعتبر زيادة جنونية في الأعلاف لم تشهدها الأسواق من قبل. وطالب مربو الماشية بسوهاج مديريتي التموين والزراعة في المحافظة وشركة مطاحن مصر العليا بسوهاج والمحافظ وجميع الجهات الرقابية المسؤولة عن إنتاج الردة بسرعة التدخل لحمايتهم من الزيادة الجنونية في أسعارها، خاصة أنها من إنتاج المطاحن الموجودة بالمحافظة، مؤكدين أن زيادة أسعارها أجبرهم على رفع سعر بيع مواشي اللحوم الحية للجزارين، لتتماشى مع أسعار الأعلاف وتكلفة التربية من جميع جوانبها، ما يؤثر بالسلب على المستهلك السوهاجي ويرهقه أكثر ماديا، حيث وصل سعر كيلو اللحمة 90 جنيها. وبسبب ارتفاع أسعار الردة، يغش التجار أصحاب المخازن في غالبية مركز المحافظة، الردة قبل بيعها للمزارعين ومربي الماشية؛ عن طريق إضافة وخلطها بما يسمى الزوائد والسرسة وعظمة الذرة الشامية المطحونة، ما يؤثر على الصحة العامة للحيوان ويصيبه بأزمات وأمراض معوية. وعقب ارتفاع أسعار الردة وحصد أمراض الماشية المختلفة العديد من الرؤوس، قرر العديد من مربي الماشية، خاصة تسمين العجول بترك وهجر تربية المواشي لعدم تغطيتها التكاليف وعدم جلبها عائدا عليهم، فضلاً عن عدم متابعة الطب البيطري للماشية داخل الأحواش. وقال عاطف ياسين، أحد مربي المواشي بمركز طهطا، إن سعر كيلو الردة "قشرة حبة القمح" أصبح اليوم أعلى من سعر كيلو القمح، الأمر الذي اضطره لتقليص إنتاجه؛ فأصبح يربي 5 رؤوس مواشي أبقار "إناث" لإنتاج اللبن، بعد أن كان يربي حوالي 50 رأسا مختلفة الأنواع في حوش ملحق بمنزله. وطالب عبد الناصر حسين، أحد مربي الماشية بمركز جهينة، جميع الجهات الرقابية بمتابعة أسعار الردة التي وصلت السحاب، بحسب وصفه، حتى يتمكن الفلاح من العودة مرة أخرى لتربية المواشي، لتتوفر اللحوم الحمراء وتنخفض سعرها بسبب كثرة المعروض من رؤوس الماشية اللحم. واستغاث صابر عبد الظاهر، أحد مربي الماشية في مركز البلينا، برئيس شركة مطاحن مصر العليا بسوهاج من أجل عدم رفع قيمة توريد طن الردة، وتخفيضه كما كان العام الماضي؛ حتى لا يعزف الفلاحون عن تربية المواشي، ويقل المعروض من العجول اللحم في الأسواق، وبذلك ترتفع أسعار اللحوم الحمراء بصورة لا يتحملها أحد. وقال المهندس مراد حسين، وكيل وزارة الزراعة بسوهاج، إن سبب ارتفاع أسعار الردة بصورة جنونية هذا العام، يرجع إلي تطبيق منظومة الخبز بالمحافظة، مضيفا أن سعر الردة أصبح حرا في السوق مثل باقي السلع الأخرى، عرض وطلب، حسب وصفه، مشيرا إلى أن مديرية الزراعة بسوهاج ليس لها أي دور في السيطرة علي ارتفاع أسعار الردة أو أي أعلاف أخرى تستخدم في تربية وتسمين المواشي. وعن تعاقد المربين ومنتجي تسمين العجول اللحم مع المديرية علي الردة بأسعار مدعمه، أوضح أنه بعد تطبيق منظومة الخبز تم تشكيل لجنة من الزراعة والتموين والمطاحن في هذا الشأن، وتم الاتفاق علي زيادة المخصص لرأس الماشية في الشهر من 150 كيلو جرام إلى 200 كيلو جرام، وكذا الاكتفاء فقط باستلام خُمس العجول اللحم المتعاقد عليها بدلاً من ثُلثها في العام، مقابل رفع الدعم عن الردة، ورغم هذا لا يوجد إقبال من الفلاحين ومربي المواشي على التعاقد على ردة مقابل تسليم عجول، معللاً ذلك بأنه قبل تطبيق منظومة الخبز، كان دعم طن الردة للمتعاقد يتراوح من 600 إلى 700 جنيه في الطن الواحد، لكن اليوم، فدعم طن الردة لا يتجاوز ال100 جنيه، ما دفع الفلاحين للعزوف عن تربية المواشي والتعاقد عليها معهم. وأكد المحاسب أحمد حسين، وكيل وزارة التموين بسوهاج، أن وزارة التموين رفعت يدها تماما عن الردة من حيث توفيرها والتحكم في أسعارها بعد تطبيق منظومة الخبز؛ فأصبح سعرها حرا كباقي السلع في السوق، مضيفا أن المطاحن تعد المتحكم الوحيد في سعر الردة دون رقابة من أحد عن ارتفاع السعر أو انخفاضه أو ملائمته السوق من عدمه. وعن سبب ارتفاع أسعار الردة الجنوني هذا العام مقارنة بالأعوام السابقة، أرجع المحاسب عبد القادر السيد، عضو منتدب للشؤون المالية والتجارية بشركة مطاحن مصر العليا، الأمر إلي تكليف الدولة المطاحن على مستوى الجمهورية بطحن القمح وتحويله إلي دقيق "فاخر وبلدي" دون الحصول علي أدنى عائد أو مصاريف شحن وتفريغ وعمالة وتعبئة غير حصولها علي الردة الناتجة من عملية الطحن، مقابل كل الأعباء التي تؤديها. وأوضح السيد أن أحد أسباب ارتفاع أسعار الردة أيضا، قلة الطلب علي الدقيق الفاخر استخراج 72 % بعد عيد الفطر المبارك، الذي ينتج عنه كمية أكبر من الردة عن طحن الدقيق البلدي استخراج 82 %، وكذلك قلة استيراد الردة من الخارج، مضيفا أن سعر توريد طن الردة في المطاحن الأسبوع الجاري 2700 جنيه للطن، وسعر توريده سوف ينخفض الأسبوع المقبل 100 جنيها ليصبح 2600 جنيه للطن، مؤكدا أن التجار من يرفعون سعر بيع الطن في السوق الحرة لأسعار مرتفعة لا يتحملها الفلاح أو مربي الماشية.