رغم معاناة المستشفيات والصيدليات من نقص الأدوية والمستلزمات الطبية، إلا أنها تتوافر بصورة كبيرة في السوق السوداء، في حين أن العديد من شركات الأدوية استوردت العقارات المختفية، ومن المفترض توافرها بأماكنها الطبيعية «المستشفيات والصيدليات»، لكن ذلك لم يحدث، لتنشر على الأرصفة، ما يؤكد وجود فساد بمنظومة الدواء في مصر. من جانبها، دخلت «البديل» عالم السوق السوداء لبيع الأدوية المختفية من أماكنها الطبيعية، وكان على رأسها «إندوكسان» الذي يدخل بشكل أساسي في جرعة الكيماوي المعالجة للأورام السرطانية، بالإضافة إلى المحاليل الطبية المختفية من المستشفيات الحكومية والخاصة، حتى العيادات، ما ينذر بكارثة وشيكة، فضلا عن العقارات الحيوية الأخرى مثل «كوردارون» المنظم لضربات القلب، وغيرها من الأدوية المهمة. رغم اختفائه من المستشفيات.. «إندوكسان» لدى التجار بكمية تكفي معهد الأورام! يعد «إندوكسان» أحد عقار من الأدوية الحيوية التي يستخدمها مرضى الأورام؛ لأنه يدخل بشكل أساسي في جرعات الكيماوي، لكن الفترة الماضية شهدت نقص حاد له، حتى استغاثت جميع المستشفيات ومعاهد الأورام من عدم توافره، ما أدى إلى وفاة عشرات الأطفال بمعاهد الأورام، آخرهم الطفلة دينا أحمد، بمعهد أورام المنصورة، والطفل السيد محمد السيد، والطفلة زينب أحمد بنفس المعهد، فضلًا عن وفاة نحو 33 حالة داخل أحد المعاهد خلال الأشهر الماضية. وتسبب نفص الدواء الحيوي أيضا في دخول مرضى كثيرين منطقة الخطر، كما حدث في معهد طنطا، وتسبب في ذعر بين أهالي الأطفال المصابين، بحسب المركز المصري للحق في الدواء, مع تجاهل استغاثات المرضى ونداءات الأطباء، إلا أن الأزمة مازالت قائمة، رغم استيراد العقار ومن المفترض وصوله للمستشفيات. العقار المختفي من المستشفيات والصيدليات، متوافر بالسوق السوداء، بحسب ما رصدته «البديل», وتباع العلبة الواحدة بسعر 600 جنيه على مواقع التواصل الاجتماعي وبعض الأرصفة، والغريب في الأمر، تأكيد التجار أن لديهم كميات كبيرة؛ حينما تواصلنا مع أحدهم في ثوب ممرضة بمعهد الأورام وطلبنا منه كمية كبيرة، أكد أن لديه كمية تكفي المعهد بأكمله! المحاليل الطبية علي أرصفة العتبة بتاريخ إنتاج جديد وتفاقمت أزمة نقص المحاليل الطبية؛ فلم تعد تقتصر على المستشفيات الحكومية فقط، بل وصلت إلى العيادات الخاصة أيضا، في حين تتوافر بالسوق السوداء، بحسب تأكيدات الدكتور خالد سمير، عضو مجلس نقابة الأطباء، دون تحرك من وزارة الصحة، التي اكتفت بنفي الأزمة دون التحقق من وجودها بالفعل ووضع حلول لها. واستغاث الدكتور مصطفى الشرقاوي، مدير معهد جنوب مصر للأورام، من نقص المحاليل الطبية، مؤكدا ل«البديل» أن المخزون بالمستشفى الآن يكفي خمسة أيام فقط، ما ينذر بكارثة تقع على رؤوس المرضى خلال الفترة المقبلة، مرجعا الأزمة إلىعدم توريد شركات الأدوية كميات المحاليل المطلوبة، التي تم التعاقد عليها بحجة ارتفاع أسعار المواد الخام، وتوقف خطوط الإنتاج، بسبب أزمة الدولار. وصلت أسعار المحاليل الطبية في السوق السوداء إلى خمسين جنيها للعبوة الواحدة، رغم أن سعرها الطبيعي في الصيدليات لا يتعدى عشر جنيهات، كما أنها تتوافر بكميات كبيرة لدى التجار، والغريب أن المحاليل تحمل رقم تشغيلة من وزارة الصحة وعليها أيضا تاريخ إنتاج جديد، ما يؤكد وجود مافيا للأدوية تتحكم في الأسعار والكميات المعروضة، والمثير أن المحاليل الطبية لا تباع علي مواقع التواصل الاجتماعى فقط، بل تباع أيضا على الأرصفة، خاصة بمناطق العتبة والدرب الأحمر والموسكي. «كوردارون» ب400 جنيه على مواقع التواصل رغم أن «كوردارون» عقار حيوي لمرضى القلب، ينظم ضربات القلب، ويساعد المريض على التنفس بشكل طبيعي, لكنه غير متوافر بالمستشفيات والصيدليات، في ظل تصاعد نداءات واستغاثات الأطباء والمرضى، إلا أن أزمة اختفاء الدواء مازالت قائمة، ويظل مرضى القلب بانتظار نظرة عطف من وزارة الصحة. العقار الذي يتم استيراده من قبل شركات الأدوية لا يصل الصيدليات، في الوقت الذي يغرق به السوق السوداء, والمثير أن العلبة منه تباع ب400 جنيه علي مواقع التواصل الاجتماعي، كما أن التاجر يرفض مقابلة المشترين إلا بعد إرسال صورة من روشتة الطبيب؛ للتأكد من صحة المريض بالفعل خوفًا من الإبلاغ عنه، وبالطبع، يؤكد التاجر ضمان وسلامة العقار وأن لديه كمية مناسبة منه. اختفاء قطرات «تقرح العيون» ينذر بكارثة العمى التقرح.. مرض يصيب العيون في فصل الصيف, والهيمنة عليه يجب أن تكون خلال فترة من 3 إلى 6 أيام؛ حتى لا يصاب المريض بالعمى، ورغم خطورة الأمر، إلا أن الأدوية وقطرات العين التي تحد من خطورة التقرحات، غير متوافرة بالمستشفيات، ما دعا الأطباء المتخصصين في أمراض العيون إلى مطالبة المرضى بمحاولة الوصول إلى العقار عن طريق شرائه من خارج مصر. وأبرز أنواع أدوية تقرح العين غير الموجودة بسوق الدواء الطبيعي،Zovirax eye ointment – Ionops eye drops – Ganvir ophthalmic gel e، لكنها متوفرة بالسوق السوداء وتباع على مواقع الإنترنت بكثرة، رغم أنها أدوية مستوردة في الأساس، وأوضح محمود فؤاد، مدير المركز المصري للحق في الدواء، أن نقص قطرات وأدوية مرض تقرح العين، قد تؤدي العمى، مناشدا المسؤولين بالانتباه للكارثة قبل حدوثها. فاكتور 8 و9.. اشتري أكثر من علبة بسعر الجملة فاكتور 8 و9، أبرز أدوية مرضى الهيموفيليا أو نزف الدم، وتكمن خطورته في أنه مرض وراثي, ويصل عدد مرضاه بمصر حوالي 12 ألف و58% منهم أطفال، ورغم تعهدات وزارة الصحة بزيادة الاعتمادات المالية والعلاجية لمرضى الهيموفيليا، إلا أن معاناة المرضى مازالت قائمة؛ بسبب اختفاء الأدوية المعالجة لهم. التقت «البديل» بأحد الأشخاص أمام مستشفى قصر العيني, يقابل المرضى في الخفاء من أجل بيع الأدوية غير الموجودة لهم، مؤكدًا أن لديه عقار فاكتور 8 وفاكتور 9 أيضًا بسعر 700 جنيه للعبوة الواحدة، وبعد محاولات لتخفيض السعر، وافق علي بيع العبوة ب500، وشراء أكثر من عبوة ستخفض السعر! وكيل الصيادلة سابقًا: نقص المحاليل الطبية جريمة قتل متعمدة وقال الدكتور محمد سعودي، وكيل نقابة الصيادلة سابقًا، إن اختفاء الأدوية الحيوية من المستشفيات والصيدليات وتوافرها بالسوق السوداء، أزمة تفاقمت مع ارتفاع سعر الدولار، الذي أدى إلى نقص الكثير من الأدوية بالسوق المصري الطبيعي، متابعا: «أخشى من استمرار الأزمة التي قد تؤدي إلى خروج الأدوية من التسعيرة الجبرية، مثلما حدث مع المحاليل الطبية التي باتت تباع على أرصفة الشوارع». وأضاف سعودي ل«البديل»: «للأسف، لا توجد آلية رقابية على الشركات المنتجة التي توزع بعضها الأدوية بطرق غير مشروعة حتى تضمن ربحا أكبر، لذا تستورد الدواء ثم تعطش السوق، وتلقيه بعد ذلك في السوق بطرق ملتوية»، مؤكدا أن حل الأزمة يكمن في أن تراقب الحكومة عملية التوزيع؛ من خلال صيدلي بكل فرع من فروع التوزيع حتي يشرف على الأمر برمته، بداية من الإشراف على المصانع حتى وصول الدواء إلى منافذه الطبيعية. وأوضح وكيل نقابة الصيادلة السابق، أن نقص المحاليل الطبية يعتبر كارثة لا يمكن الصمت عنها، خاصة أن هذه المحاليل تدخل بشكل أساسي في جميع أنواع العلاج، وغيابها يعد جريمة قتل متعمدة للمرضى، ويجب محاسبة المسؤول عن منظومة الصحة في مصر.