نشرت قناة "سي إن إن ترك"، أمس الخميس، أنباء تفيد بأن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري سيقوم بزيارة لتركيا في نهاية أغسطس الجاري. وتأتي هذه الأنباء بعد أيام من زيارة وفد تركي مؤلف من نواب تابعين لثلاثة أحزاب سياسية مختلفة للولايات المتحدةالأمريكية، حيث اجتمعوا مع وفد رفيع المستوى من الجانب الأمريكي؛ لبحث الأحداث والمجريات التي أعقبت محاولة الانقلاب الفاشلة، بالإضافة إلى إثارة موضوع إعادة جولن. تألف الوفد من رئيس الشؤون الخارجية في البرلمان التركي، والنائب عن حزب العدالة والتنمية في ملاطيا، طه أوزهان، والنائب عن الحزب نفسه في ولاية كهرمان مرعش، ماهر أونال، والنائب عن حزب الشعب الجمهوري في إسطنبول، أوغوز كان سالجي، والنائب عن حزب الحركة القومية في أرضروم، كامل أيدن. عقب اللقاء قال رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان التركي، طه أوزهان، إن الوفد أجرى مباحثات جديّة مع الجانب الأمريكي فيما يخص مسألة تسليم واشنطن لجولن، وأوضح أوزهان أن الوفد أثناء مباحثاته شدد على خطورة منظمة جولن، معربًا عن أمله في أن تتحول المباحثات إلى سياسات فعلية من الجانب الأمريكي. فيما أشار النائب عن حزب الشعب الجمهوري عن مدينة إسطنبول، أوغوز كان ساليجي، أنه لن يبقى أمام الولاياتالمتحدةالامريكية أي موضوع تعترض عليه في حال تقديم الوثائق التي تضمن استمرار العملية القانونية دون أي مشاكل، وأكد النائب عن حزب الحركة القومية عن مدينة أرضروم، كامل أيدن، أن واشنطن تدرس المسألة في أجندتها بجدية تامة، بعد أن أبدى الوفد التركي موقفًا واحدًا وثابتًا خلال المباحثات. في ذات الإطار أجرى رئيس هيئة الأركان الأمريكية، جوزيف دانفورد، زيارة لتركيا مطلع الشهر الجاري، وأثناء هذه الزيارة تبنى المسؤولون الأتراك لهجة أكثر اعتدالًا وأقل حدة من تلك التي تبنوها علنًا، حيث قالت صحيفة "نيويورك تايمز" إن المسؤولين الأتراك أثناء لقائهم الجنرال الأمريكي عبروا عن رغبة بلادهم في الحفاظ على علاقة وطيدة بأمريكا في الحرب ضد الإرهاب، كما أنهم لم يطرحوا سؤالًا واحدًا على الجنرال دانفورد، يتعلق بما إذا كانت الولاياتالمتحدة قد لعبت دورًا في محاولة الانقلاب، الأمر الذي رأى فيه العديد من المراقبين تبني تركيا لسياسة الكيل بمكيالين، ووصفته صحيفة "نيويورك تايمز" بأنه لعبة مزدوجة اعتاد عليها الأتراك، فهم ينددون بالولاياتالمتحدة أمام الجماهير، بينما يؤكدون للمسؤولين الأمريكيين سرًّا على أنهم ملتزمون بالشراكة الاستراتيجية بين البلدين. وبشأن زيارة كيري المقررة نهاية الشهر الجاري، فقد رأى بعض المراقبين أنها تأتي في الوقت الصحيح، حيث إنها محاولة لتخفيف حدة التوتر التي تصاعدت خلال الفترة الأخيرة بين أنقرةوواشنطن، خاصة بعد محاولة الانقلاب الفاشلة التي وقعت في تركيا منتصف الشهر الماضي، بعد أن شاب التوتر العلاقات بين البلدين، ولا سيما بعد اتهام مسؤولين أتراك من بينهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الغرب بالضلوع في محاولة الانقلاب، كما طالبت الحكومة التركية نظيرتها الأمريكية بتسليمها المعارض التركي، فتح الله جولن، المقيم في ولاية بنسلفانيا الأمريكية، الذي تتهمه أنقرة بالتخطيط لمحاولة الانقلاب، فيما تماطل الأخيرة في الطلب التركي، وأكدت أنها لن تسلمه دون الاطلاع على أدلة تثبت تورطه في القضية، الأمر الذي أثار غضب السلطات التركية. وتصاعدت الأزمة أكثر عندما خرجت أنباء تؤكد تورط واشنطن في محاولة الانقلاب بتركيا. وعلى الرغم من إجراء وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، اتصالًا بنظيره التركي، مولود جاوش أوغلو، أكد فيه بطلان هذه الادعاءات، إلا أن بعض التقارير أكدت تورط أمريكا وجهازها الاستخباري في هذا الانقلاب، حيث ذكرت صحيفة "يني شفق" التركية أن جنرالًا أمريكيًّا هو من قاد الانقلاب العسكري الفاشل في تركيا، وأن ال"سي آي إيه" دعمت الانقلابيين بمبالغ مالية كبيرة، وقالت الصحيفة إن قائد قوات إيساف السابق في أفغانستان الجنرال، جون كامبل، كان مدير الانقلاب، وتم إيصال النقود إلى الانقلابيين عن طريق بنك نيجيريا من ال"سي آي إيه"، مشيرة إلى أن كامبل قام بزيارتين سريتين لتركيا من قبل، زار فيهما محافظة أرضروم الواقعة في شمال شرق تركيا، وأجرى لقاءات سرية في قاعدة إنجرليك العسكرية. ولا تزال العلاقات التركية الأمريكية تشهد المزيد من الشد والجذب خلال الأيام الحالية، حيث شن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مؤخرًا أعنف هجوم على الغرب منذ محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا، متهمًا البلدان الغربية بدعم الإرهاب والانقلابيين، الذين كادوا أن يطيحوا به، وقال في خطاب ألقاه في أنقرة، ردًّا على انتقادات الولاياتالمتحدة واوروبا حول حجم عمليات التطهير بعد الانقلاب الفاشل، إن الغرب يدعم، ويا للأسف، الإرهاب ومدبري الانقلاب، وأضاف أن هؤلاء الذين كنا نظن أنهم أصدقاء، يقفون إلى جانب مدبري الانقلاب والإرهابيين، وأكد اردوغان أن سيناريو الانقلاب الفاشل في تركيا أعد في الخارج. في ذات الإطار أعاد الرئيس التركي على أمريكا طلب تسليم جولن، حيث قال إن السلطات الأمريكية تطلب وثائق لتسليم جولن، وأضاف أن من لا يرى أنه يقف وراء كل هذا أعمى، وتابع أردوغان: عندما نطلب تسليم إرهابي، فعليكم تلبية هذا الطلب. وتساءل الرئيس التركي: ما هي الأدلة التي تحتاجون إليها؟ إذا كنتم تضعون حواجز بيروقراطية، فأنتم تضعون عقبات على طريقنا لمكافحة الإرهاب، مؤكدًا انه في مجال مكافحة الارهاب، لا نستطيع إضاعة الوقت، ستة أشهر أو سنة أمر لا يحتمل. من جانبه عاد وزير العدل التركي ليكرر التهديدات التي سبق أن أطلقها رئيس الوزراء، بن على يلدريم، حيث حذّر وزير العدل التركي، بكر بوزداغ، من أن عدم تسليم فتح الله جولن المقيم في الولاياتالمتحدة وإعادته إلى تركيا، سيؤثر سلبًا على العلاقات الأمريكية- التركية، وقال بوزداغ، إن تركيا أرسلت كتابًا ثانيًا للولايات المتحدةالأمريكية، تطالبها فيه باعتقال الإرهابي جولن.