شهدت العلاقات الدبلوماسية بين ألمانياوتركيا تطورات متسارعة باتجاه التوتر، الأمر الذي يثير مجموعة من التساؤلات بشأن التبدل في طبيعة العلاقة التي كانت توصف بالمستقرة بين برلينوأنقرة، خاصة المتعلقة بالملف السوري. التوتر الألماني التركي قال المتحدث باسم الخارجية الألمانية مارتن شيفر الاثنين إن العلاقات بين ألمانياوتركيا تسير على أرض وعرة، لكن التجارب في الماضي تظهر أن هذا يمكن تجاوزه. ورغم نبرة التفاؤل في كلام شفير، فإن خلافًا دبلوماسيًّا جديدًا نشب اليوم بين برلينوأنقرة، حيث رفض وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير تهديد تركيا بوقف تطبيق الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي المتعلق بالهجرة، والذي يحد من وصول اللاجئين إلى أوروبا في حال عدم إعفاء الأتراك من تأشيرات دخول الى الدول الأعضاء. وأكد شتاينماير في حديث لصحيفة "راينيشي بوست" الألمانية أن "توجيه إنذارات وإطلاق تهديدات لا يأتي بنتيجة"، وأضاف أنه لا يزال يتوجب على تركيا المزيد من العمل للحصول على إعفاءات من تأشيرات دخول الى دول الاتحاد الأوروبي. من جهته اعتبر وزير الاقتصاد الألماني سيغمار غابرييل، الاثنين، أنه "لا يمكن لألمانيا أو أوروبا في أي من الأحوال أن تتعرضا للابتزاز من جانب تركيا". التصريحات الألمانية ضد تركيا جاءت ردًّا على تصريحات وزير خارجية تركيا مولود جاويش أوغلو، الذي كرر الاثنين التهديد بوقف العمل بالاتفاق في حال عدم فتح الأوروبيين حدودهم أمام الأتراك بحلول أكتوبر المقبل. ولم تكن هذه المشادات الدبلوماسية الأولى بينهما مؤخرًا، فقبل أيام حظرت محكمة ألمانية نقل خطاب للرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، موجه إلى أنصاره في مدينة كولونيا بألمانيا، الأمر الذي دفع الخارجية التركية لاستدعاء القائم بأعمال السفير الألماني في أنقرة؛ للتعبير عن استيائها من الخطوات الألمانية، كما رفض وزير العدل التركي أن تتكلم ألمانيا مع بلاده عن مصطلحات، مثل دولة القانون والحرية. وفي منتصف الشهر الماضي قال وزير الخارجية الألماني شتاينماير إن أي تحرك من جانب تركيا لإعادة عقوبة الإعدام بعد الانقلاب العسكري الفاشل سيُخرِج جهودها للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي عن مسارها، وأضاف أن ألمانيا تنتظر من تركيا التعامل مع مدبري محاولة الانقلاب بما يتسق وسيادة القانون. وفي 12 يوليو الماضي منعت تركيا نوابًا من البرلمان الألماني من زيارة الجنود الألمان المتواجدين في قاعدة إنجرليك الجوية التركية؛ الأمر الذي دفع رئيس البرلمان الألماني، نوربرت لامرت، للتلويح بسحب الجنود الألمان البالغ عددهم 250 جنديًّا من تركيا إذا استمرت أنقرة في منع النواب الألمان من الزيارة، كما أثار هذا الحظر التركي استياءً شمل الائتلاف الحاكم الذي تقوده ميركل والمكون من حزبها المسيحي والحزب الاشتراكي الديمقراطي، وحزبي الخضر واليسار المعارضين. أسباب الخلاف الألماني التركي هناك العديد من الأسباب والتطورات التي قد تكون سببًا في نشوب خلافات بين أنقرةوبرلين، منها أن ألمانيا ترى أن تركيا غير ملتزمة بنقاط اتفاقية بروكسيل، فالنقطة الأساسية العالقة من بين الشروط ال 72 التي فرضتها بروكسل في الاتفاق من أجل إلغاء تأشيرات الدخول للأتراك هي تخفيف أنقرة قوانين مكافحة الإرهاب، التي لا تتطابق مع المعايير الأوروبية، الأمر الذي تعتبره تركيا تدخلًا في شؤونها. ويعد تقارب تركيا الأخير مع روسيا سببًا في الخلاف بين أنقرةوبرلين، فتركيا تقاربت مع روسيا في الوقت الذي يصعد فيه الناتو من حدة أعماله ضد روسيا، ففي 13 يوليو صدقت ألمانيا على مبادئ توجيهية جديدة في المجال الدفاعي من شأنها أن تقود البلاد إلى القيام بدور عسكري أكبر على الساحة الدولية، واعتبرت برلين أن روسيا قد تمثل في النهاية "تحديًا للأمن في أوروبا". ويعتبر مراقبون أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي الشهر الماضي سيزيد من حالات الصدام بين ألمانياوتركيا الطامحة للانضمام للاتحاد، فألمانياوفرنسا أصبحتا الدولتين العظمتين اقتصاديًّا وسياسيًّا في الاتحاد بعد خروج المملكة المتحدة، وبالتالي فإن ألمانيا إلى جانب فرنسا ستكون الدولة الأوروبية المعنية بشكل مباشر بمناقشة ملف دخول تركيا للاتحاد، وألمانيا في الأساس لا ترغب في انضمام أنقرة للاتحاد، الأمر الذي سيزيد من توتر العلاقات فيما بينهما، خاصة أن بروكسل أكدت أن مسألة انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي غير مطروحة في الوقت الحالي. ومن الأسباب الواضحة للخلاف بين أنقرةوبرلين التوتر الذي حدث بسبب قرار البرلمان الألماني مطلع يونيو الماضي أن ما تعرض له الأرمن إبادة ارتكبتها القوات العثمانية خلال الحرب العالمية الأولى، ما دفع تركيا لاستدعاء سفيرها للتشاور بعد الاعتراف الألماني.