يعانى سكان قرى مراكز كفر الزيات والمحلة الكبرى وزفتي وسمنود ومحلة روح ومحلة مرحوم وبسيون، بمحافظة الغربية من التلوث الناتج عن مصانع الطوب الأحمر، التي يزيد عددها على ألف، يعمل معظمها حتى اليوم بالمازوت، الذي ينتج عن حرقه غازات سامة، مثل «ثانى وثالث أكسيد الكبريت»، ما يصيب الأهالي بأمراض خطيرة. مصانع الطوب الأحمر بالمحافظة تستوعب أكثر من 100 ألف عامل، وتقع في مناطق متكدسة بالسكان، ويتعرض المواطنون يوميا لكميات كبيرة من العوادم التي تخرج منها، حيث شكا عدد كبير من المواطنين قاطني هذه المناطق من الأضرار التي يتعرضون لها جراء استنشاق غبار المصانع المتطاير ودخان المازوت. وأكد عدد من الأهالي أن وجود المصانع داخل الحيز العمراني بالقرى منذ عدة سنوات، أدي إلى وجود حالات كثيرة من مصابي الربو، وسوء التنفس، والالتهاب الرئوي، والحساسية الصدرية المزمنة، خصوصا بين الأطفال، ورغم تقدم الأهالي بشكاوى عديدة إلى غرف العمليات والطوارئ بديوان المحافظة ومجالس المدن؛ من أجل احتواء الكارثة البيئية، لكن دون جدوى. وناشدوا رئيس مجلس الوزراء ومحافظ الغربية بضرورة تشديد الرقابة على مصانع الطوب بهدف ضمان وفائها بالاشتراطات البيئية اللازمة، ووضع الحكومة خطة زمنية لنقل هذه المصانع وغيرها إلى خارج نطاق الكتلة السكانية كحل جذري للمشكلة، مع الحفاظ علي حقوق العمال، وتوفير التجهيزات الطبية المناسبة بما يساعدها على علاج المتضررين من الآثار الناتجة عن التلوث، خاصة أصحاب الأمراض السرطانية. قال المحاسب أشرف حبيب، موظف من أهالي كفر الزيات، إن المصانع المنتشرة في قرى المحافظة تلقي بملوثات تفوق الحد الأقصى المسموح به، ما أدى إلى ارتفاع نسبة الأمراض السرطانية داخل المدينة في الآونة الأخيرة بين المواطنين، وفقا لبلاغات حالات الوفاة المعتمدة من مكتب الصحة نتيجة ارتفاع معدل التلوث الناتج عن مصانع الطوب الأحمر، بجانب ملوثات مصنع المبيدات والسماد المحبب، متهما المسؤولين عن البيئة بالحصول علي رشاوى من قبل الشركات والمصانع الملوثة للبيئة مقابل غض الطرف عن تجاوزاتها المستمرة منذ سنوات طويلة. أوضح خالد بدير، مزارع بمدينة زفنى، أن العديد من أصحاب مصانع الطوب التي مازالت تعمل بالمازوت، يستغلون يومي الجمعة والسبت من كل أسبوع – موعد إجازة موظفي المحليات- في إشعال النار بقمائن الطوب، مضيفا أن حرق الطوب اللبن يأخذ من يومين إلي ثلاثة، وهي الأيام التي يرتفع فيها الدخان الأسود بسماء مدينة زفتى، ما يهدد صحتهم بأخطر الأمراض، مطالبا بنقل القمائن بعيدا عن المناطق السكانية، وتحويلها إلى غاز طبيعي. ويرى محمد عبد الدايم، صاحب مصنع طوب بقرية شقرف مركز طنطا، أن ارتفاع أسعار تحويل العمل من المازوت إلى الغاز، يعد السبب الرئيسي لاستمرار بعض المصانع في استخدام المازوت حتى اليوم، حيث تصل ل900 ألف جنيه، في حين أن أصحاب المصانع يعجزون عن تدبير هذه المبالغ الطائلة، موضحا أن المصانع التي تعمل بالغاز، لجأت إلى البنوك لتقسيط المبلغ بنسب كبيرة للفوائد. وقال الدكتور إبراهيم سليمان، رئيس قسم الثقافة الصحية والإعلام، إن تقرير منظمة الصحة العالمية الصادر في نوفمبر 2011، أكد أن عوادم مصانع الطوب من أخطر مصادر تلوث الهواء، التي تؤدي للإصابة بأمراض الجهاز التنفسي مثل الربو وسرطان الرئة، لافتا إلى أن انتشار مصانع الطوب بقرى الغربية يمثل خطرا شديدا على الجميع؛ بسبب ملوثات المازوت الناتج منها، مناشدا الحكومة بوضع قوانين رادعة وغلق جميع قمائن الطوب التى مازالت تعمل بالمازوت حتى لا يتضاعف تأثيرها على الأهالي واستخدام مصانع الطوب الطفلي والأسمنتي كحل بديل لهذه المصانع، التي تسبب خطرا داهما على الإنسان والنبات. من جهته، أكد الدكتور عصام عامر، رئيس جهاز شؤون البيئة بوسط الدلتا، إن الغربية من أكبر المحافظات التي يكثر فيها مصانع الطوب، وأن تحرير الجهاز لأصحابها محاضر بيئة رادعة، قلل من انتشارها فى الفترة الأخيرة، مضيفا أن الحملات التفتيشية والرقابية من قبل الجهاز مستمرة بجميع أنحاء المدن والقرى على جميع المصانع التي تسبب تلوثا بيئيا فى المجالات كافة، بالإضافة إلي تطبيق مديرية الزراعة الإجراءات القانونية الحازمة علي من يشرع في تبوير وتجريف الأراضي الزراعية من أجل إقامة قمائن جديدة، مع إعطاء أصحاب المصانع فرصة لتوفيق أوضاعهم والعمل بالغاز الطبيعي بدلا من المازوت ومراعاة المعايير البيئية.