لم تكد الهيئة الهندسية للقوات المسلحة تنتهي من أعمالها المكلفة بها في إنشاء قناة السويس الجديدة، حتى تم تكليفها رسميًّا بشق قناة جانبية لميناء شرق بورسعيد، إضافة إلى عدد آخر من المشاريع القومية التي تعمل عليها. وانتظر المصريون جني الأرباح، التي لم تأتِ، فلم تستخدم تفريعة بورسعيد؛ لعدم وجود ضغط على السفن العابرة، حيث قل عدد السفن العابرة لقناة السويس بشكل كبير؛ مما دفع الهيئة لتقليل رسوم العبور. كان المسؤولون أعلنوا قبل بدء المشروع أنه سيزيد من الطاقة الاستيعابية للميناء، ويرفع تصنيفه العالمي، وسيختصر 10 ساعات من رحلة العبور، ويرفع إيرادات القناة إلى 13.5 مليار دولار سنويًّا. ولكن الواقع كان مغايرًا تمامًا, حيث لم تزد نسبة عبور السفن عن 52 سفينة يوميًّا من الاتجاهين، وهي نسبة معتادة، وبها يكون المشروع حتى الآن بلا أي جدوى. وقال المهندس محمد حمادي، متخصصن في الملاحة البحرية وإصلاح وبناء السفن، إن مشروع تفريعة بورسعيد وهم يضاف إلى أوهام المشاريع غير المجدىة، التي تستنزف أموال المصريين، ولا يوجد أي غرض منها سوى الشو الإعلامي، مؤكدًا أن كافة الأرقام المعلنة ما هي إلا أوهام مستندة إلى توقعات لن تأتي، لافتًا إلى أن سمعة قناة السويس في الأساس سيئة عالميًّا؛ لعدم وجود خدمات حقيقية تقدم فيها. وأكد أن الحكومة كان يجب عليها العمل على مشاريع جادة، تقدم خدمات حقيقية؛ حتى تتزاحم السفن العابرة وتتزايد، ووقتها يمكننا التفكير في توسيع المجرى أو حتى إنشاء تفريعة، ولكننا عكسنا الآية، وها هو الحال، لم تستعمل، وزادت من عبء الدولة، ولم نأخذ منها غير الشو الإعلامي والكلمات المعسولة. وأضاف حمادي أن القناة لا تقدم أي خدمات باستثناء عبور السفن فقط، رغم أن سوق الخدمات مضمون، فلماذا نترك هذه السوق ونذهب للمجهول؟ لافتًا إلى أن خدمات السفن تدر أكثر من 100 مليار دولار، فميناء جدة مثلًا يقدم خدمات تدر 20 مليارًا، والإمارات والفجيرة ودبي تقدم خدمات تقدر أرباحها ب20 مليارًا من تموين وقود، فكل السفن المارة تأخذ خدماتها من الخليج، وإذا مرض أحد من طاقم السفينة لا يجد رعاية صحية، أو تعطلت سفينة، لا تجد قطع غيار، وهذا يشوه سمعة أكبر مجرى ملاحي على مستوى العالم. وقال القبطان محمد صالح، ربان إحدى سفن الشحن المصرية، إن القيود الأمنية وسوء الخدمات وراء تدهور الحال في قناة السويس، ولم نكن نحتاج إلى تفريعة، بل الى خدمات جادة، مؤكدًا أن سفينته المصرية اغلب خدماتها تتم خارج المياه الإقليمية المصرية وفى موانئ دول أخرى؛ لسهولة التعامل والحركة وسلاسة الإجراءات وسرعة ودقة التنفيذ والسعر الأقل والجودة الأعلى، حتى في الأكل والشرب. وتابع أن ما يتم في شرق التفريعة ليس طريقة لتموين السفن، فاليوم الواحد للسفينة يقدر ب 150 ألف دولار، ولدينا أكثر من 40 ساعة مهدرة في المياه الإقليمية، نعمل فيها كل ما نريد، من خدمات الطعام والتوريدات، فالبحرين مثلًا بها 2000 مورد لجميع ما تحتاجه الملاحة البحرية، وتحديدًا ما يخص صناعة السفن، مؤكدًا أن ما يقال في كل دول العالم هو أن القناة غير آمنة، ولا يوجد بها أي خدمات، فهي مجرد ممر فقط، والغريب أنها كانت تعمل منذ 30 عامًا، والآن هذه الخدمات غير موجودة. وقال الربان محمد فوزي، رئيس مراقبة الملاحة بهيئة قناة السويس، إن أى حكم او تقييم لمشروع تفريعة بورسعيد الآن هو حكم ظالم، ولن يوفي المشروع حقة؛ حيث إن حركة التجارة العالمية ضعفت جدًّا لمستويات خطيرة، وهو أمر معتاد كل مدة، بعدها تعود لتنتعش، وهنا يمكننا الحكم على تفريعة بورسعيد وعلى مشروع قناة السويس الجديدة، متابعًا أن القناة حفرت بطول 9.5 كيلو متر وعمق 18.5 متر، وتقع في موقع جيد في ملتقى البحرين الأبيض والأحمر، مرددًا أن هيئة قناة السويس تتوقع أن يسهم المشروع في زيادة إيرادتها إلى 13.2 مليار دولار سنويًّا بحلول عام 2023.