استمرارًا لمسلسل تدهور السياحة وتأخرها سواء عن طريق النهب والسرقة أو الإهمال، تواجه جبال الكريستال المصير ذاته، حيث تعد من أغنى الجبال في مصر، مما دفع العديد من الشركات السياحية إلى استغلالها في المقاصد السياحية ورحلات السفارى، لكن عقب أحداث ثورة 25 يناير تبدلت الأحوال وقلت السياحة وتحولت بعض الرحلات المزيفة إلى رحلات للصوص نهب الكريستال المفكك، مما دفع فئة أخرى للدخول إلى المارثون، واستخدام الآلات والمعدات في تفتيت الجبل تحت مزاعم شركات سياحية ومقاولات وتعمير؛ لتساعدهم الدولة بالقانون على نهب ثرواتنا الطبيعية التي تركتها الدولة للصوص بأنواعها وفئاتها كافة، حتى تحول الأمر إلى مارثون لسرقتها والبقاء للأقوى، سواء بالنفوذ أو المعدات لتتآكل ثروات مصر الطبيعية التي حبانا الله بها في الصحراء البيضاء التي دفن المسؤولون رأسهم فيها. قال سمير بيومي، أستاذ الاقتصاد بجامعة قناة السويس: إن جبال الكريستال تعد أحد حلول الدولة للتدخل السريع وإنقاذ الاقتصاد، بعد أن طالته يد التدمير والعبث والخراب والجهل، ليصبح بهذا الشكل ويستمر في التدهور، مؤكدًا أن شعاع الأمل وكنوز السعادة في هذه الجبال، وطالب بالحفاظ على ما تبقى منها والتدخل السريع لإنقاذها واستغلالها لإنقاذ الاقتصاد، لافتًا إلى أن الأنظار بدأت مؤخرًا تتجه نحو جبال الكريستال في مصر، عقب إعلان المستشار هشام جنينة مستندات تفيد بسرقة جبال الكريستال في سيناء، ومن بعدها جال الكريستال بالوادي والفرافرة. ورغم فرض الحماية على جبل الكريستال بالفرافرة منذ سنتين تقريبًا، إلَّا أن هذا الإجراء جاء متأخرًا وفي غفلة من صناع القرار، وتم تدمير هذا الكنز ونهبه ليفقد جماله بقطعه المتناثرة ولم يتبقَ سوى جسم الجبل الذي لم يسلم من عمليات التدمير؛ بهدف الحصول على كنوز مصر المهملة. وتابع: محافظة الوادي حاولت بيع جبل جنة الشمال لمستثمرين إيطاليين لتدميره باسم الاستثمار السياحي لعمل منشآت سياحية بمنطقة طبيعية عمرها ملايين السنين، وشق طريق إسفلتي في وسطها، وهو المشروع الذي انتقدته وحاربته كل المنظمات البيئية العالمية، ومعهم مستشار وزير السياحة للشؤون البيئية، والذين وصفهم المحافظ بأنهم مجموعة من المغرضين هدفهم تنافسي حتى صدر القرار بوقف المشروع نهائيًّا. وقال محمد سلمان، يعمل «خرتية»ويقصد بهم دليل الصحراء: كنت أعتقد أن السائحين يعملون على جمع الحجارة بكميات كنوع من الذكرى ليوزعونها على الأقارب والأصحاب، كما كانوا يرددون، لكنني اكتشفت فيما بعد أن معظم السائحين ما هم إلَّا لصوص في شكل سائحين سفاري، يأتون إلى المنطقة لسرقة أغلى أنواع الحجارة، مشيرًا إلى أن الحجارة المفككة حتى الصغيرة منها تقريبًا نفدت ولم يتبق منها سوى جسم الجبل الصلب الذي يصعب تكسيره سوى بآلات ومعدات خاصة بذلك، وهو ما بدأ يحدث الآن تحت مرأى ومسمع الجميع لإقامة مشروعات سياحية وعمرانية وشق طرق محيرة، حيث إن هذه الجبال تقع في أعماق الصحراء البيضاء بعيدًا عن العمران، ولا فائدة أو جدوى من هذه المشاريع سوى سرقة الحجارة تحت حراسة وحماية الدولة. وأكد سلمان أن رحلات سفاري جبال الكريستال تعتبر أغلى أنواع السفاري، سواء في سيناء أو هضاب الجلف الكبير على حدود السودان وليبيا، وهي الأغلى في بورصة السفاري ليس لكون هذه المنطقة من أكثر المناطق المبهرة في مصر فحسب، وإنما لأسباب أخرى تتعلق بما سيحصلون عليه من هناك. ولم يقتصر الأمر على جبل الكريستال فحسب، بل هناك الكثير من المعادن النادرة التي تنهب مثل معادن السيليكا، بالإضافة إلى احتواء المنطقة على بعض الحفريات النادرة والثروات الطبيعية المهمة والحيوانات النادرة وغالية الثمن منها الكبش الأوروبي والغزال المصري والأرانب البرية والكثير من النباتات والطيور. ويقول الدكتور أحمد سمير، أستاذ العلوم بجامعه قناة السويس: جبال الكريستال الأغلى بمصر، وتقع دائمًا داخل الصحراء البيضاء، صخورها تكونت نتيجة ارتطام نيازك بكوكب الأرض بأعداد كبيرة وأحجام ضخمة، وذلك بحسب ترجيح العلماء منذ آلاف السنين، وأسهم ذلك في صهر الصخور ومادة السيلكا ثم تصلبها مرة أخرى بفضل عوامل الجو والتعرية وتحويلها إلى قطع من الكريستال النفيسة، التي تكونت بفعل عوامل جيولوجية عبر الأزمنة الجيولوجية. وتابع: يتم استغلال صخورها في العديد من الصناعات، وتحافظ عليها دول العالم وتمنع تصديرها، وفي مصر أكثر من 125 نوعًا من الكريستال، يمكنك أن تراها متجمعة في كتلة جبلية ضخمة من جبل واحد، وهو ما لا يتوفر في أي مكان آخر بالعالم. ويقدر ارتفاع جبل الكريستال في الفرافرة على سبيل المثال ب10 أمتار، ويتكون من صخور الكوارتز الشفاف الذي يشبه الكريستال والزجاج، وقد كان لهذا الجبل حتى وقت قريب كهفان تتدلى من سقفهما صخور الكوارتز الشفاف، وتهدم الكهفان منذ بضع سنوات بسبب عوامل التعرية وكثافة الرحلات السياحية للمنطقة. من جانه قال اللواء خالد فودة، محافظ جنوبسيناء: إن منطقة أبو زنيمة بجنوبسيناء يتم استغلالها وفقًا للقانون والمتابعة البيئية، ولا توجد سرقات أو إهمال كما يشاع، مؤكدًا أنه عقب انتهاء المؤتمر الاقتصادي بدأ العمل لتتحول إلى مدينة صناعية؛ لاستغلال ثرواتها الطبيعية، وتحتضن أكثر من 80 منجمًا ومحجرًا، في نطاق لا يزيد على 10 كيلو مترات، وهي مدينة صناعية مجهزة بعيدًا عن مخرات السيول، وتراعي المخاطر الطبيعية كافة. وهي مدينة تبدأ في تحقيق الأمن الاقتصادي داخل جنوبسيناء، وتساعد على خلخلة السكان من الوادي والدلتا، وتحقق 7 آلاف فرصة عمل مباشرة، و25 ألف فرصة عمل غير مباشرة ، وتتسع ل92 مصنعًا للخامات التعدينية. كما تحتوي المدينة على عدد 43 محجرًا للرمل الزجاجي، و3 للرخام وأخرى لسن دولوميت ومحجرًا للكوارتز و6 للجبس، و14 منجمًا للكاولين ومحجرين للمنجنيز و7 للكاولين الرملي و5 لخام الألباتيت، بإجمالي 84 منجمًا ومحجرًا. ومن المقترح إنشاء العديد من المصانع، أهمها 4 مصانع للأسمنت والجيوبوليمر و5 لمعالجة وتجهيز الزجاج و12 مصنعًا لتقطيع وصقل الرخام و5 لطحن وكلسنة الجبس، ومصنعين للكريستال و4 للسيراميك و4 لتجهيز الفلسبار، ومصنع للزجاج، و5 لطحن كربونات الكالسيوم، و8 للجير الحي، و8 للجير المطفي و8 طوب طفلي ، و8 طوب اسمنتي ، و8 لانتاج طباشير، و4 لإنتاج صنفرة وحجر الجلخ ، و4 لتجهيز وغسيل وتعبئة الملح باجمالي 92 مصنعًا مختلفًا، كما أكدت الدراسات المقدمة أن هذه المصانع تستوعب 31 ألفًا و320 فرصة عمل، مما يتيح إنشاء تجمعات سكانية، وتستوعب العمالة الكثيفة من المحافظة وخارجها، بالإضافة للصناعات والمهن القائمة عليها. جدير بالذكر أن صخور جبال الكريستال تقع داخل الصحراء البيضاء التي توجد ب19 واحة في مصر، تقع في معظمها جبال الكريستال، وتتكون صخورها من الكريستال الصلب، وتعد جبال الكريستال بالفرافرة أكبرها وأضخمها، تليها منطقة أبو زنيمة بجنوبسيناء.